كاف التشبيه في القرآن

كتابة:
كاف التشبيه في القرآن

كاف التشبيه

الكاف حرف من حروف اللغة العربية قد يقع أصليًا وقد يقع زائدًا، فإن جاء حرف جر أي ليس من أصل الكلمة كان أشهر معانيه التشبيه، بل هو أصل معانيها، وقد اقتصر شيخ النحويين سيبويه أنَّه للتشبيه فقط.[١]

وسُمي بكاف التشبيه؛ لأنَّ الكاف المفردة لم ترد في اللغة العربية إلا للتشبيه، ومن قال بأنَّ لها معاني أخرى فقد جعل التشبيه في مقدمتها وكأنَّ المعنى الأصلي هو التشبيه.[١]

الفرق بين التشبيه والمثل

الفرق بين كاف التشبيه وبين المثل هو تشبيه الشيء بالشيء من وجه واحد أو صفة واحدة في كاف التشبيه، أما في حال قول هذا الشيء مثل هذا؛ فقد عُمم ذلك على جميع الوجوه؛ إذًا التشبيه بالكاف يفيد تشبيه الصفات بعضها.[٢]

مثال: فقول ليس كزيد رجل: نفيٌ أن يشبه أي رجل زيد من ناحية الصفات لا من ناحية الذات، فكل الرجال تشبه زيدًا في الذات، وذلك مثل قول فلان كالأسد؛ أي في صفة الشجاعة لا في الهيئة.[٢]

أمثلة من القرآن

يزخر القرآن بآيات عديدة احتوت على كاف التشبيه منها ما يأتي:

  • (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ* كَأَنَّهُ جمالةٌ صُفْرٌ)[٣] 

في الوقت الذي يبحث المكذبين فيه عن ظل من النار ولهيبها، لا يجدون سوى النار وما يتطاير منها من شرار، ويكون حجم الواحد منها بحجم البيت من الحجر، وقد كان العرب يطلقون كلمة القصر على كل بيت من حجر.

وليس من الضروري أن يكون في ضخامة ما وُجد الآن من قصور، فإذا تتابع الشرر بدا كأنه جمال صفر ترتع هنا وهناك، وهذا ما يتطاير من النار فكيف بالنار التي ينطلق منها هذا الشرر؟! فويلٌ يومئذ للذين يكذبون فلا يصدقون بالبعث ولا بالنار ولا بالجنة.[٤]

  • (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ)[٥]

في سورة الفيل لمَّا أرسل الله -تعالى- الطير الأبابيل ترمي الكفار بحجارة من سجيل جعلهم كعصف مأكول، والعصف هو ورق الشجر، أي جعل الله أصحاب الفيل كورق الشجر الذي أكلته الدواب ثم نثرته روثًا على الأرض، وجاء بهذا اللفظ ليعلم القرآن العباد استخدام أرقى الألفاظ وأكثرها أدبًا.[٦]

  • (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَـكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)[٧]

جاء الذي عنده علم من الكتاب لنبي الله سليمان -عليه السلام- بعرش بلقيس، فلما رأته وسألوها: هل مثل هذا عرشك؟ قالت: كأنه هو، وقيل إنها كانت تريد أن تقول بل هذا هو، لكنها شبهته تشبيهًا لأنها تركت سريرها في سبعة أبيات مقفلة أبوابها، ومفاتيح الأقفال بيدها.[٨]

  • (أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ)[٩]

الكلمة الطيبة كما فسرها ابن عباس هي شهادة أنَّ لا إله إلا الله وأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رسول الله، وقد شبهها الله -تعالى- بالشجرة الطيبية أصلها ثابتٌ، أي يقول المؤمن لا إله إلا لله بقلبه، وفرعها في السماء أي يرفع عمل المؤمن إلى السماء.[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب عمر الأنصاري، تشبيهات القرآن الكريم وأثرها في التفسير، صفحة 28-29. بتصرّف.
  2. ^ أ ب فاضل السامرائي، كتاب معاني النحو، صفحة 61. بتصرّف.
  3. سورة المرسلات، آية:32-33
  4. سيد قطب، في ظلال القرآن، صفحة 3794. بتصرّف.
  5. سورة الفيل، آية:5
  6. عبد القادر العاني، بيان المعاني، صفحة 177. بتصرّف.
  7. سورة النمل، آية:42
  8. نصر السمرقندي، بحر العلوم، صفحة 584. بتصرّف.
  9. سورة إبراهيم، آية:24
  10. إسماعيل بن كثير، تفسير القرآن العظيم، صفحة 422. بتصرّف.
4204 مشاهدة
للأعلى للسفل
×