كتاب الدواوين في العصر الأموي

كتابة:
كتاب الدواوين في العصر الأموي


كتاب الدواوين في العصر الأموي

تطوّرت الدواوين في العصر الأموي وازدادت أهميّتها من النواحي السياسيّة والإدارية والعسكرية، وقد ظهر العديد من كُتّاب الدواوين في العصر الأموي، لعلّ من أبرزهم ما يأتي:


عمرو بن سعيد بن العاص

عمل كاتباً لمعاوية رضي الله عنه في ديوان الرسائل الذي أوجده معاوية، ثمّ كاتباً لابنه يزيد، ولم يصلنا من كتابته في زمن معاوية شيءٌ، ووصلنا بعض رسائله في زمن يزيد منها رسالته على لسان يزيد لعبيد الله بن زياد ليتخذ العدة لمحاربة الحسين رضي الله عنه وفيها يقول:


"أما بعد فإن الممدوح مسبوب يوما ما، وإن المسبوب ممدوح يوما ما وقد انتميت إلى منصب كما قال الأوّل:

رفعت فجاورت السحاب وفوقه

فما لك إلا مرقب الشمس مرقب

وقد ابتلى بحسين زمانك دون الأزمان، وبلدك دون البلدان، ونكبت به من بين العمّال، فإمّا تعتق أو تعود عبداً، كما يعبّد العبد، والسلام"


رسائله اتسمت كأكثر رسائل هذا العصر بالقصر والإيجاز، وقد امتلك القدرة البيانية حيث كان يستخدم الأساليب البلاغية، مع التعبير السريع الموجز دون الإطالة، وحلاوة اللفظ دون الإغراب فيه، وكان يُضمّن كتاباته بعض الأبيات الشعرية، ورسائله لم تكن نثراً خالصاً؛ حيث اتسمت بشاعرية التعبير، وموسيقيّة الكلام.[١]


روح بن زنباع الجذامي وسليمان بن سعد الخشنيّ

كان روح من كتاب عبد الملك بن مروان ولم يصلنا شيءٌ من رسائله، ولكن وصفه عبد الملك بأنّه فارسي الكتابة، وقد تسلّم كتابة الرسائل من بعده سليمان، وهو الآخر لم تصلنا رسائله، ولكن هو من عرّب الدواوين في الشام حيث كانت تُكتب بالروميّة، وهذا يدلنا على ثقافته الواسعة، وامتاز بالفصاحة والبيان، كما امتاز بالقدرة على الإقناع، بالإضافة إلى سهولة ألفاظه.[٢]


يحيى بن يعمر

من علماء اللغة الأوائل الذين جمعوا اللغة والشعر، كان كاتباً ليزيد بن المهلب والي خراسان للحجاج، امتازت رسائله بالقصر والإيجاز، وقد أثَّر اتجاهه اللغوي في كتاباته حيث كان يُعنى بغريب الألفاظ، وكان يُضمّن كتاباته الأساليب البلاغية، وكان يستخدم الجمل القصيرة في كتاباته.[٣]

سالم مولى هشام بن عبد الملك وابنه عبد الله

كان سالم من البُلغاء الفصحاء، وأصبح مدرسةً تخرّج على يديه أشهر كتاب هذا العصر، وكان على علمٍ بالثقافة اليونانية، ولم تعد الرسائل تخرج من الخليفة في عصره، بل أصبح يكتبها سالم ويتكلّم بضمير الغائب بعد أن كانت الرسائل تكتب بضمير المتكلم، فبدل أن تستفتح الرسالة بـ (بلغني كتابك ) أصبحت تستفتح بـ (بلغ أمير المؤمنين كتابك).[٤]


تتّسم رسائله بالطول، واستخدام أسلوب الازدواج حيث كانت الجُمل قصيرةً وتعتمد على أكثر من سَجْعَةٍ، كما كان يستخدم الصور البيانية، ورسائله تتسم بدقة التفكير، وحُسن دخوله إلى ما يُريد وكذلك كان ابنه عبد الله من بعده حيث اتسم بسمات أبيه ومُعلمه سالم في الكتابة، وعمل كاتباً لهشام أيضاً.[٤]


عبد الحميد الكاتب

أشهر كُتّاب هذا العصر بلا مُنازع، واسم أبيه يحيى بن سعيد، مولىً من موالي بني عامر، وهو فارسي الأصل، كان فصيحاً بليغاً التحق بديوان هشام بن عبد الملك، وأُعجب به سالم رئيس الديوان آنذاك، فأقام على تعليمه، ولما سمع به مروان بن محمد استدعاه ليكون كاتباً له عندما كان والياً على أرمينيا، وبعد أنّ أصبح خليفةً عينه رئيساً لديوانه.[٥]


وقد ظلّ وفياً لمروان بن محمد بعد ظهور الثورة العباسيّة وقُتل معه، وجميع رسائل مروان كانت بقلمه، وعبد الحميد كان كاتباً بليغاً يُضرب المثل به في جودة الكتابة، وقد أشاد به الجاحظ وطلب من الكتاب أن يحتذوا حذوه، وقيل فيه: "فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت وختمت بابن العميد" وكان على اطلاعٍ بالثقافة الفارسية وأساليبها في الكتابة.[٥]


كما كان واسع الاطلاع على الشعر العربي، ولم تعد رسائله مُقتصرة على الرسائل الديوانية، بل أضحت رسائل أدبية خالصة وبهذا مهّد لتطوّر النثر العربي، حيث أصبح يكتب في الموضوعات التي كانت حكراً على الشعر كوصف الخيل ورحلة الصيد والمواساة، واتّسم أسلوبه بعذوبة الألفاظ والوضوح، واستخدام الازدواج الذي ينتهي لموسيقيّة النثر، واستخدام الأساليب البلاغية والتصويرات الفنية، وطول النفس في الكتابة.[٥]


بعض رسائله

من الأمثلة على رسائله ما يأتي:[٥]

  • رسالةٌ أدبيةٌ كان الهدف منها تربية الكتاب على صنعة الكتابة.
  • رسالةٌ في الإخوان والأصدقاء يذكر فيه كيف يجب أن تكون العلاقة بين الإخوان والأصدقاء.
  • رسالة على لسان مروان بن محمد لابنه في السياسة وما يجب على القائد أن يتحّلى به وماذا يجب عليه أن يفعل.



المراجع

  1. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 2- 467. بتصرّف.
  2. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 65. بتصرّف.
  3. ابن خلكان، وفيات الأعيان، صفحة 173. بتصرّف.
  4. ^ أ ب شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 2- 470- 473. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 2- 473- 479. بتصرّف.
5223 مشاهدة
للأعلى للسفل
×