كتب الأدب
عُرف الأدب قديمًا بأنّه الأخذ من كلّ شيء بطرف، فكانت المؤلفات الأدبية العربية في المشرق الإسلامي تجمع بين الأخبار والسير والتراجم والقصص والخطب والأمثال، والنحو والفقه واللغة، وإن كان بعضها قد غلب عليه الاهتمام بفن دون آخر من هذه الفنون، إلا أنّ الطابع العام لها كان الأخذ من كل شيء بطرف، لذلك جاءت المؤلفات الأدبية أشبه بموسوعات في الثقافة الأدبية العربية. وقد كان للمؤلفات الأدبية في المشرق الإسلامي صداها في المغرب الإسلامي، فقرأها الأدباء، واستوعبوها، وذهبوا مذهبها في التأليف، وكان أكثر من يمثل هذا الأخذ والعطاء ابن عبد ربه في كتاب العقد الفريد.
صاحب كتاب العقد الفريد
هو أبو عمر شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربّه بن حبيب بن حُدَير بن سالم القرطبي (249-328هـ)، وكان مولى هشام بن عبد الرحمن بن معاوية هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي[١]. ولد بقرطبة التي كانت قلب الثقافة العلمية والأدبية الأندلسية كما كانت بغداد قلب الثقافة العباسية، وتتلمذ فيها على يد علماء الأندلس وأدبائها، ومن أبرزهم محمد بن وضاح، ويحيى بن يحيى الفقيه، وبَقي بن مَخْلَد، والمغني زرياب[٢]، كما اطلع على أمهات الكتب الأدبية في المشرق العربي كالبيان والتبيين للجاحظ والكامل للمبرد وعيون الأخبار لابن قتيبة، وصبّ كل ما استوعبه منها في كتاب العقد الفريد، حتى ذاع صيته واشتهر بسعة علمه وطول خبرته في الشعر، وعاصر من خلفاء الأندلس محمد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الناصر[٣].تعريف حول كتاب العقد الفريد
عاش ابن عبد ربه حياته كاملة في قرطبة، ولم يغادرها أو يسافر منها إلى المشرق العربي، إلى أن توفي بالمرض ذاته الذي توفي به الجاحظ، وهو الفالج، تاركا خلفه جوهرة من جواهر الآدب التي لم يصل إلينا منها عدا كتابه "العقد الفريد"، وقد ذكر الثعالبي في كتابه "يتيمة الدهر" ابن عبد ربه فقال: (إنه أحد محاسن الأندلس علمًا وفضلا وأدبًا ومثلا، وشعره في نهاية الجزالة والحلاوة، وعليه رونق البلاغة والطلاوة". [٤]
يعدّ كتاب العقد الفريد من أشهر الكتب في عصر تأليفه إلى هذا الحين، إذ يعدّ موسوعة علمية أدبية جمع فيه من الأخبار والأنساب والأمثال والشعر والعروض والموسيقى والنقد والبلاغة، والعادات والتقاليد والأخلاق. عُرِف الكتاب منذ تأليفه باسم العقد، وذكرت الكتب الأدبية والنقدية وتاريخ الأدب -ومنها كتاب المستشرق بروكلمان تاريخ الأدب العربي- اللاحقة بأن الأبشيهي صاحب كتاب المستطرف في كل فن مستظرف هو أول من أضاف كلمة الفريد إلى كلمة العقد" دلالة على مدى إعجاب الأدباء بمادته وتفرّده، وقد وصل إلينا باسم كتاب العقد الفريد كاملًا، وقيل بأنّ الكتاب سمي بالعقد لأنه قسّم إلى أبواب، حمل كل باب منها اسم حجر كريم، كالزبرجدة والمرجانة والياقوتة والجمانة واللؤلؤة وغيرهم. [٥].
وقد بدأ ابن عبد ربه كتاب العقد الفريد بمقدمة تفصيليّة، ذكر فيها سبب تأليفه الكتاب، وأقسامه، والمنهج الذي اتبعه في التأليف، أما في سبب تأليفه فقال: "وبعدُ، فإنّ أهلَ كلِّ طبقةٍ وجهابذةَ كلِّ أمّةٍ قد تكلّموا في الأدب، وتفلسفوا في العلوم على كلّ لسان ومع كلّ زمان، وأنّ كلّ متكلِّمٍ منهم قد استفرغ غايتَهُ، وبذَلَ جهده، في اختصارِ بديعِ معاني المتقدِّمين، واختيار جواهر ألفاظ السالفين، وأكثروا في ذلك، حتى احتاجَ المختصَر منها إلى اختصار والمتخيَّر غلى اختيار" [٢]، وهذا ما ميّز كتاب العقد الفريد عن غيره، إذ إنّه جاء شافيًا جامعًا لأكثر المعاني التي جرت على ألسنة العامة والخاصة، كما أنه قدّم غيه كل ما يتعلق بالمغرب الإسلامي من آداب وأخبار، دون أن يشير إلى الأندلس وأهلها، إلا عندما عرًف بنفسه. [٣]
أمّا في محتوى الكتاب فقل ابن عبد ربّه: "وقد ألّفتُ هذا الكتاب، وتخيرت جواهره من متخير جواهر الآداب، ومحصول جوامع البيان، فكان جوهر الجوهر ولباب الألباب، وإنما لي فيه تأليف الأخبار، وفضل الاختيار، وحسن الاختصار، وما سواه -يقصد المعلومات- فمأخوذ من أفواه العلماء، ومأثورٌ عن الحكماء والأدباء. واختيار الكلام أصعب من تأليفه" [٢]، وقد استوعب في كتابه كل ما قرأه من كتب المشرق الإسلامي ككتاب البيان والتبيين والكامل وعيون الأخبار، حتى قال الصاحب بن عباد عندما اطّلع على الكتاب ورأى ما رأى مما فيه من ثقافة شرقية قال فيه: (هذه بضاعتنا ردت إلينا)[٥]
أمّا منهج كتاب العقد الفريد فقد قسّمه ابن عبد ربه إلى خمسة وعشرين بابا -جوهرة-، متراصة على شكل العقد، وجعل أهمّها وأنفسها ما سُمّي بواسطة العقد وهي كتاب الواسطة في الخطب، وجعل على يمينها اثنتي عشرة كتابا جوهرة، وعلى يسارها اثنا عشرَ كتابًا جوهرة، وقد ابتعد فيه عن ذكر الأسانيد خوفًا من الإطالة [٢]، أمّا أقسام الكتاب فهي: [٥]
- اللؤلؤة في السلطان.
- الفريدة في الحروب ومدار أمرها.
- الزبرجدة في الأجواد والأصفاد.
- الجمانة في الوفود.
- المرجانة في مخاطبة الملوك.
- الياقوتة في العلم والأدب.
- الجوهرة في الأمثال.
- الزمردة في المواعظ والزهد.
- الدرة في المعازي والمراثي.
- اليتيمة في النسب وفضائل العرب.
- العسجدة في كلام العرب.
- المجنبة في الأجوبة.
- كتاب الواسطة في الخطب: وهي أنفس جوهرة في الكتاب، سبقتها أبواب العقد الأولى في اثنتي عشرة جوهرة، وتلتها أبواب العقد الثانية في اثنتي عشرة جوهرة.
- اللؤلؤة الثانية في النتف والهدايا والفكاهات والملح.
- الفريدة الثانية في الطعام والشراب.
- الزبرجدة الثانية بيان طبئع الإنسان وسائر الحيوان وتفاضل البلدان.
- الجمانة الثانية في النساء وصفاتهن.
- الياقوتة الثانية في علم الألحان واختلاف الناس فيه.
- الجوهرة الثانية في أعاريش الشعر وعلل القوافي.
- الزمردة الثانية في فضائل الشعر ومقاطعه ومخارجه.
- الدرة الثانية في أيام العرب ووقائعهم.
- اليتيمة الثانية في زياد والحجاج والطالبيين والبراكمة.
- العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأيامهم.
- المجنبة الثانية في التوقيعات والفصول وأخبار الكتبة.
المراجع
- ↑ "ابن عبد ربه"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث نفاسة العقد الفريد, ، "www.alukah.net"، اطلع عليه بتاريخ 20/12/2018، بتصرف
- ^ أ ب ابن عبد ربه, ، "www.marefa.org"، اطلع عليه بتاريخ 20/12/2018، بتصرف
- ↑ نفاسة العقد الفريد, ، "www.alukah.net"، اطلع عليه بتاريخ 20/12/2018، بتصرف
- ^ أ ب ت العقد الفريد, ، "www.wikiwand.com"،اطلع عليه بتاريخ 20/12/2018، بتصرف