كرامات الفضيل بن عياض
منَّ الله -سبحانهُ وتعالى- على هذهِ الأمّة بشموسٍ من العلماء، تُنير ظُلمة قلوب وعقول العِباد، وتُبيّن لهم ما أُشكِلَ عليهم، وتوضّح لهم سبيل الخير، وتبعدهم عن سُبُل الشرّ، ومن هؤلاء العلماء: الفضيل بن عياض العالم العابد الذي عرف بالزهد، وقد كان للفضيل بن عياض كراماتٌ عديدةٌ، وممّا ورد ونُقل عن كرامات عياض ما يأتي:[١]
- نُقل عن إبراهيم بن عبد الله أنَّ الفضيل بن عياض كان يكلمهم بأمرٍ ما وشهدوا الجبل يهتز عند حديث الفضيل، إذ كان الفضيل يقول: "لَوْ أَنَّ الرَّجُلَ صَدَقَ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ لِهَذَا الْجَبَلِ: اهْتَزَّ لَاهْتَزَّ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْجَبَلَ قَدِ اهْتَزَّ وَتَحَرَّكَ، فَقَالَ: يَا هَذَا إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ، قَالَ: فَسَكَنَ".
- نقل هارون بن سوار كرامةً أخرى للفضيل إذ نُقل عنه أنَّه قال: "ضَلَّ حِمَارٌ كَانَ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَكَانَ حِمَارًا يَسْتَقِي عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَيَأْكُلُ مِنْ فَضْلِهِ قَالَ: فَقِيلَ لَهُ قَدْ ضَلَّ الْحِمَارُ، قَالَ: فَجَاءَ، فَقَعَدَ فِي الْمِحْرَابِ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَخَذْنَا عَلَيْهِ بِمَجَامِعِ الطُّرُقِ قَالَ: فَجَاءَ الْحِمَارُ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ".
التعريف بالفضيل بن عياض
هو الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشْر التميمي الخرساني، أبو علي، وقد اختلف العلماءُ في أصل الفضيل بن عياض، فمنهم من قال إنّه تميميّ، ومنهم من قال إنّه بخاريٌّ، وهذا ما يؤكِّدهُ ابنه أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض،[٢]وأمّا عن نشأة الفضيل بن عياض؛ فقد نشأ في بيت علمٍ وتقوى، فمنذ صغره قد بدأ بحفظ القرآن الكريم، وتعلّم الحديث، ثمّ شرع بالترحال طلبًا للعلم؛ فذهب إلى موطن أجدادهِ: الكوفة، وسمع بها الحديث، وبهذا فقد حقّق ما يفعله أهل خُراسان؛ حيث كان ديدنهم الترحال وتعلّم الحديث.[٢]
واستمرّ الفضيل على ذلك إلى أن انتهى بالتزهّد والتعبّد والورع، وكان الكثير من العلماء والمحدّثين يفعلون ذلك؛ فانتقل إلى الحرم، وبقي مجاورًا لها طيلة حياته، زاهدًا في الدنيا، عابدًا لله -سبحانه وتعالى-، قنوعًا بما قسم الله له، وقد كان ينشر علمه بين الناس في الحرم، حتى قيل إنّه سُمّي بمجاور الحرم.[٢]
مواعظ الفضيل بن عياض
لقد كان للإمام الفضيل بن عياض مواعظ ودروسٌ عديدةٌ، منها ما يأتي:[٣]
- قال في قوله -تعالى-: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)،[٤] قال: أخلصه، وأصوبه، قيل: يا أبا علي! ما أخلصه، وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا، ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتّى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنّة.
- إذا ظهرت الغيبة ارتفعت الأخوة في الله.
- كامل المروءة من برّ والديه، وأصلح ماله، وأنفق من ماله، وحسن خلقه، وأكرم إخوانه، ولزم بيته.
- ما أجد لذَّةً، ولا راحةً، ولا قرَّة عينٍ إلا حين أخلو في بيتي.
- كفى بالله محبًّا، وبالقرآن مؤنسًا، وبالموت واعظًا، وكفى بخشية الله علمًا، وبالاغترار به جهلاً.
- لا تستوحش طريق الهدى؛ لقلة أهله، ولا تغتر بكثرة الناس.
- إذا أتاك رجلٌ يشكو رجلًا؛ فقل: يا أخي اعف عنه؛ إنّ العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو، ولكن أنتصر كما أمرني الله -عزّ وجلّ- فقل: فإن كنت تحسن تنتصر بمثل، وإلا فارجع إلى باب العفو؛ فإنّه بابٌ واسعٌ؛ فإنّه من عفا وأصلح فأجره على الله؛ فصاحب العفو ينام الليل على فراشه، وصاحب الانتصار يقلب الأمور.
- خصلتان تُقسيان القلب: كثرة النوم، وكثرة الأكل.
- المؤمن يزرع نخلًا، ويخاف أن يثمر شوكاً، والمنافق يزرع شوكًا، ويطلب أن يثمر رطبًا.
- نعمت الهدية الكلمة الطيبة من الحكمة، يحفظها الرجل حتى يلقيها إلى أخيه.
- إنّما تقاطع الناس بالتكلّف، يزور أحدهم أخاه، فيتكلّف له، فيقطعه ذلك عنه.
- خوف العبد من الله على قدر معرفته به.
- من وقي خمسًا وقي شرّ الدنيا والآخرة: العجب، والرياء، والكبر، والإزراء، والشهوة.
- لأعلمنّك كلمةً هي خيرٌ لك من الدنيا وما فيها: والله لئن علم الله منك إخراج الآدميين من قلبك حتّى لا يكون في قلبك مكانٌ لغيره، لم تسأله شيئًا إلّا أعطاك.
- ما أحبّ عبدٌ الرياسة إلّا أحبّ ذكر الناس بالنقائص والعيوب؛ ليتميّز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحدًا عنده بخيرٍ، ومن عشق الرياسة فقد تودّع من صلاحه.
المراجع
- ↑ [اللالكائي]، كرامات الأولياء للالكائي من شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، صفحة 200-209. بتصرّف.
- ^ أ ب ت علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام ج 1، صفحة 395-400. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، أرشيف منتدى الألوكة.
- ↑ سورة الملك، آية:2