كفارة اليمين الغموس

كتابة:
كفارة اليمين الغموس

مفهوم الكفارة

الكفّارة في اللغة جاءت من الكَفْر؛ أي: الستر، وبذلك يكون معناها غطاء الذنب وستره، وكفّر الله عنذنب الإنسان؛ أي: غطّاهُ ومحاه، واستُعملَت أيضًا فيما بعدُ لِما فيه مخالفةٌ أو انتهاكٌ لأمرٍ ما من الأمور التي أمرَ الله تعالى بها عباده، أو نهاهم عنها، فسُميّت الكفارات بذلك الاسم لأنّها تكفّر الذنوب، وقد أمر الله تعالى بها عباده في كتابه العزيز، وهي ما كفّر الإنسانُ به عن ذنبه من صدقةٍ أو صومٍ أو غيرها، وتوجِبها عدّة أمور: ككفّارة الظِّهار وكفارة القتل، وكفارة الجماع في يوم رمضان، وكفّارة الإفطار المتعمَّد في يوم رمضان لغير سبب الجماع، وكفارة اليمين الغموس، وحول كفارة اليمين الغموس تساؤلاتٌ كثيرة، إن كان يتوجّب دفع كفّارة أم لا، وهي موضوعُ المقال الآتي.[١]

كفارة اليمين الغموس

لا بد بدايةً من معرفةِ معنى اليمين الغموس، والتي تعني: اليمين الكاذبة التي يحلفها الإنسان مع علمه بكذبها؛ ولذلك كَثُر التساؤل حول إن كان لليمين الغموس كفّارةٌ أم لا.[٢]

وفي كفارة اليمين الغموس دلائلُ كثيرةٌ بأنّ ليس لها كفّارة؛ إنّما في حال وقوعها وجبت التّوبة منها، وذلك لِما ورد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- في حديثه الشريف؛ حيث قال: "مَن حلَفَ على مِنبَري هذا بيمينٍ آثِمةٍ تبوَّأَ مقعدَه منَ النَّارِ"،[٣] فبذلك بيّن النبيُّ عقاب اليمين الغموس، ولم يورِد كفارةً له، وكذلك ما ورد في كتاب الله العزيز؛ حيث قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}،[٤] فقد بيّن الله عقابَ اليمين الكاذبة ولم يبيّن أنّ لها كفّارة، كما ورد في حديث الرسول لمّا حاكَم بين الرجلين: "إنَّ اللَّهَ يعلمُ أنَّ أحدَكما كاذبٌ فهل مِن تائب؟"،[٥] وبذلك طلبَ الرسولُ من أحدهما التوبة، ولو كان للأمرِ كفارةٌ لوجب ذكرها، ومن ثّمَّ فلا كفارة لليمن الغموس، إنّما توجّبت التوبة لله تعالى عند وقوع اليمين الغموس؛ فالتوبة أمرٌ يوجبه العقل لا خلافَ فيه، أما الكفارة فأمرٌ شرعيٌّ لا بدّ من وجود نصٍّ شرعيٍّ له.[٦]

حكم اليمين الغموس

سميّت اليمين الغموس بذلك الاسم لأنّها تغمس صاحبها في الإثم، ثمّ تغمس صاحبها في جهنم، وتعدّ من الكبائر الموجبة لعقاب الله، وتحتاج إلى التوبة الدائمة إن وقعت؛ ذلك لما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في حديثه الشريف؛ حيث قال: "الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ"،[٧] وهي إن كانت من الكبائر فليست بعظمة الإشراك بالله، ولكنّها تستوجب التّوبة وطلبَ الاستغفار منه -سبحانه- وقد بيّن المولى أنّه يقبل توبة العبد إن وقع في إثم، ويعفو ويصفح عنه، من ذلك قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}،[٨] فلا بدّ من التوبة والندم وعدم الرجوع إلى فعله.[٩]

المراجع

  1. "الكفارة والقضاء "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
  2. "مذاهب العلماء في اليمين الغموس"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
  3. رواه ابن حبان، في بلوغ المرام، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:422، صحيح.
  4. سورة آل عمران، آية:77
  5. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1695، صحيح.
  6. "كتاب التجريد للقدوري"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6675، صحيح.
  8. سورة الشورى، آية:25
  9. "ما حكم اليمين الغموس؟"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
3948 مشاهدة
للأعلى للسفل
×