كلمة إذاعة مدرسية مميزة عن المعلم

كتابة:
كلمة إذاعة مدرسية مميزة عن المعلم

كلمة إذاعة مدرسية مميزة عن المعلم

في كل مسرحية نشاهدها نرى خلف الكواليس رجالًا مشغولين بترتيب المشاهد ليصل العمل المسرحي إلى أعلى حالاته الإبداعية، ولكي يكون العمل ناجحًا ويفرح الجميع، ولكنّهم عند نجاح المسرحية لا أحد يذكرهم، يبقون هناك في مكانهم يراقبون الجميع ويفرحون لنجاحاتهم ولا يهمهم إن كانوا قد ذُكروا أم لا، ما يهمّهم فقط هو أن يعمّ الفرح والسرور أرجاء المدرّجات، ما يهمّهم فقط هو البسمة التي تُرسم على شفاه الممثلين والحضور من المشاهدين، وآخر ما يلتفتون إليه هو أنفسهم؛ ذلك أنّهم قد جُبلوا على الإيثار ونبذ الأثرة، وقد تأصّل الخير فيهم حتى لم يعد للشيطان نصيب منهم، فما أشبه هؤلاء بالمعلمين الذين يقفون خلف الكواليس لتنجح مسرحية الحياة.


المعلم الذي يبني الجيل ويغرس فيهم الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، الذي يربّي ويكد ويكدح لكي يصون هذه الأمانة التي قد ألزمه إيّاها الدهر، تلك الأمانة التي يصل الليل بالنهار في سبيل أدائها بأكمل وجه وأحسن صورة، تلك الأمانة التي قد قيّدته وألزمته أن يكون طوع بنان أبنائه الطلبة، تلك الأمانة التي حملها هو وقد تنوء الجبال بحملها، فيقضي الليالي الطوال وهو يبحث عن المعلومات الدقيقة الموثوقة وينقحها ممّا يشوبها من الأساطير والخرافات لتصل إلى أذهان التلاميذ نقية صافية صفاء الماء المتفجّر من نبعٍ يطلّ من أعلى قمم الجبال العالية.


ينام التلاميذ ملء أجفانهم لأنّ من ورائهم حارسٌ على الكلمات يمنعها من أن تصل إليهم حتى في نومهم إن لم يعرضها على معيار العلم النقي الذي لا تشوبه الشوائب ولا تكدّره المكدّرات، ذلك الحارس الأمين الذي يشعر التلاميذ معه بالأمان الذي يعلمونه في آبائهم وأمهاتهم، فكان المعلم بذلك الأب والأخ والصديق الذي لا يخشى التلميذ أن يبوح له بأسراره إذا ما علِمَ أنّه لن يفشي سرّه ولن يخون ثقته.


ذلك الصديق الذي يكون عند الشدائد التي تعصف بالمرء من كلّ أركانه فيمسكه من أن تقتلعه العاصفة ويحميه فتنجلي كل تلك الرياح وينشقّ معه خيط الفجر الذي ما يلبث أن يكون شمسًا ساطعة تضيء عتمات الحياة وتنشر الدفء في تلك الأجساد النحيلة التي قرسها البرد.


ومن هنا يكون المعلم شمسًا تسطع على رؤوس الناس تمنحهم الدفء والسعادة والنور الذي لا تحجبه العتمات مهما تكاثرت، تلك الشمس التي تقول للناس إنّ رسالتي هي الحياة، هي الحياة الرغيدة التي يستحقها جميع الناس، هي الحياة المملوءة بالعلم والمعرفة الصحيحة، تلك الرسالة التي يفنى المعلم وتبقى هي حيّة في ضمائر التلاميذ الذين منحهم المعلم كلّ حياته من أجلها، تلك الرسالة التي جعلت المعلم يصعد برسالته إلى رتبة الأنبياء، ألم يقل من أعلى الله قدره -صلّى الله عليه وسلم-: "إنَّما بُعِثتُ معلِّمًا"[١]، ومن هنا نعلم أنّ الأمير شوقي لم يُجاوِز الحقيقة عندما قال:[٢]

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا

كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا



لقراءة المزيد، انظر هنا: موضوع تعبير عن فضل المعلم وواجبنا نحوه.

المراجع

  1. رواه العراقي، في الباعث على الخلاص، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:28، الحديث له طرق يقوي بعضها بعضا.
  2. "قم للمعلم وفه التبجيلا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 07/03/2021م.
4588 مشاهدة
للأعلى للسفل
×