كلمة ختامية لحفل تحفيظ القرآن

كتابة:
كلمة ختامية لحفل تحفيظ القرآن

كلمة ختامية لحفل تحفيظ القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف العرب والمرسلين سيّد ولد آدم محمّد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ، فإنّ الله تعالى حين ختم رسالاته جعل الختام في أمّة العرب، وكما أنّ كلّ نبيّ قد أيّده بمعجزات جعلت المعارضين له ينكصون على أعقابهم فإنّه قد أيّد نبيّه المختار أحمد -صلى الله عليه وسلم- بمعجزة تبقى ما بقي العالم وإلى ما بعد ذلك، وهي كتابٌ قد أنزله عليه بلغة العرب الذي قد بلغوا الغاية في الفصاحة والبلاغة، فكان هذا الكتابُ مُعجزًا بنظمه وبيانه ولغته الفريدة التي لا يساور القارئ شكّ وهو يقرؤها أنّها قد أُنزِلَت من لدن حكيم عليم.



فما إن سمعها الوليد بن المغيرة حتى قال جملته المشهورة: "إنّ لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته"، وقد حاول المشركون والكافرون المكر بهذا الكتاب ولكنّ الذي أنزله قد تعهّد بحفظه، ومن وجوه حفظه هو أنتم يا حاملي هذا الكتاب في صدوركم وقلوبكم، هو أنتم يا أهل الله تعالى وخاصّته، هو أنتم يا مَن كانت وفاة أسلافكم سببًا في تدوين القرآن في المصاحف.



يا عباد الله الذين أحسبهم من الصالحين، لا يكن همّكم من حفظ كتاب الله تعالى هو أن تنالوا بذلك سمعة أو أن تفاخروا به الناس، بل ليكن همّكم أن تتمثّلوا آياته، وأن تكون أخلاقكم تبعًا لما جاء به هذا الكتاب الحكيم، ولا تنسوا ما قالته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذ قالت: "كان خُلُقُه القُرآنَ"[١]، يعني أنّه كان يمتثل لأوامر القرآن الكريم ويطبّق ما جاء فيها من أوامر في العادات أو العبادات أو المعاملات.



"كان خُلُقُه القُرآنَ"[١]، يعني أنّه لم يكن يجد له غير القرآن الكريم كتابًا يستقي منه منهجه في الأخلاق والتعامل مع الناس سوى القرآن، فعضّوا على هذا الكتاب بالنواجذ يا أحباب الله، ولا يشغلكم عن تلاوته واستنباط معانيه شيء مهما كان في هذا العالم؛ لأنّ الكتاب الذي كانت به حياة قلوب أمّة كاملة فإنّه لا شكّ سيكون فيه إحياء لقلوبكم النقيّة التي مذ أبصرت النور وهي لا تعرف لها كتابًا آخر غير القرآن الكريم.



اليوم قد أجازكم أهل الأرض بكتاب الله تعالى، فاعملوا على أن يجيزكم أهل السماء غدًا حتى يُقال لكلّ واحد منكم: "اقرأْ وارقَ ورتِّلْ كما كنتَ ترتلُ في الدنيا، فإنَّ منزلتَك عندَ آخرِ آيةٍ تقرأُ بها"[٢]، فذلك هو الفوز العظيم الذي عليكم أن تسعَوا إليه، فاليوم أنتم قد وضعتم أقدامكم على أوّل الطريق الآخذ بكم إلى الجنّة إن شاء الله، فتمسّكوا بالطريق وكونوا زرافات على الحق، ولا يغرنّكم تقلّب المبتعدين عن الحقّ في البلاد؛ فلكلّ أجلٍ كتاب، و{كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا}.[٣]



لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: فضل تعليم القرآن للأطفال.

المراجع

  1. ^ أ ب رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:24601، حديث صحيح.
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2914، حديث حسن صحيح.
  3. سورة الإسراء، آية:84
4337 مشاهدة
للأعلى للسفل
×