كلمة عن اللغة العربية
كيف يُمكن للإنسان أن يصف ثمانية وعشرين حرفًا احتضنته فكانت له الملجأ في كل آنٍ وحين، كيف يُمكن لبضعٍ من الحروف أن تكون عالم الإنسان فهو لا يأوي إلى نومه حتى يأوي إلى أحضانها، وكأنّ الحياة قد آلت أن تكون اللغة أقرب للإنسان من أمه وأبيه، كيف يُمكن للإنسان أن يُعبّر عن خفقات قلبه التي تطرق صمت العالم دون أن يغوص بين لآلئ لغته للطيفة التي حوته وآنست وحشته في كل حين، هل يُمكن أن يكون الإنسان ناكرًا لغيره إلى ذاك الحد!.
أول حروف تُلامس شفاه الرضيع في مهده هي حروف اللغة العربية ليقول أول ما يقوله "أمي، أبي" ثمّ يكبر قليلًا ليعبر عن مطالبه بنفس حروف تلك اللغة، ولا يستمتع في صغره بالأفلام المتحركة إلا وهي تتحدث العربية لتُمتع أسماعه وأبصاره ثم يستعين بالعربية بعد ذلك ليتعلّم غيرها من اللغات وإذا هو في عمر الثلاثين وما بعده عمر الجدّ والاجتهاد يلوي لسانه ويُغير من طبيعته التي خلقه الله عليها؛ ليُرضي غيره من النّاس ويُحاول أن يثبت أنّ الأجنبيّة هي مأواه بل ويُدافع عنها ليقول هي لغة العالم، وينسى أنَّ القوم إذا ضاعت لغتهم فقد ضاعوا، وإذا أرادت أي قوة أن تمحو أثر تاريخ شعب فلتُسقط لغته من عينه.
أيأوي للغة غير اللغة العربية وهي اللغة التي لن تُقبل صلاة كائنٍ مَن كان إلا بها، وهي اللغة التي خصّها الله لتكون إعجازًا لقوم كافرين فنزل القرآن الكريم يُتلى بها إلى يوم القيامة، فلمّا تحلّ حروفه في مكان إلا وتحلّ فيه السكينة والهدوء، أي لغة يُمكن أن تمنح الهدوء والسكينة لمكان؟ إنّ اللغة العربية لم تعد تتلقى سهام قتلها إلا من أبنائها الذين انجروا وراء اللغات الأخرى يلهثون خلفها فإذا ما أراد أحدهم أن ينادي أمه بات يقول لها: "مام" وأي طمأنينة تحمل تلك الكلمة في حناياها؟ أولم تكن أمي تمنح السكينة للطفل حتى حوت تلك اللفظة ياء الملكية التي تميز هذه المرأة ويملكها الطفل بذلك الحرف.
باتت تشابيه اللؤلؤ والبحر وغيرها من التشابيه في اللغة العربية فارغة حتّى الإنسان إذا ما يسمعها فقد اعتادها حتى باتت لا تؤثر فيه، ولكن يكفي للإنسان أن يعرف أنَّ لغته هي أمه، هي هويته هي نفسه هو، كيف للإنسان أن يدافع عن شخصيته وهو يحاول أن يلبس رداءً لا يُشبهه ولا يمت بصلةٍ له، حريٌّ بالإنسان الذي يسمع هذا الكلام أن يرفع رأسه ويحاول أن ينفض غبار الذلّ الذي علا لغته بيده لا بيد أحد غيره، ثمّ يعمد إلى كتاب من كتب اللغة العربية التي تُظهر جمالها فيستخرج ويتعلم ما لم يسمع عنه من قبل، فيكون له شرف البدء بالذود عن اللغة العربية.
لقراءة المزيد، انظر هنا: موضوع تعبير عن اللغة العربية.