كلمة عن النظافة
إنّ النظافة كلمة عامّة يتفرّع عنها أنواع كثيرة ولكنّها في الأصل تعود إلى أصل واحد ومعنى واحد معروف، فمن أنواعها النظافة الشخصية وهي: اعتناء الإنسان بنظافة جسده وثيابه والحرص على الظهور أمام الناس بمظهر حسن، فيعتني بنفسه ونظافته وثيابه وبدنه وأظافره، وقد أمرت الشرائع كلها بالنظافة والأنبياء والمرسلين جاؤوا يأمرون بالنظافة وربطوها بالدين والإيمان، وفي القرآن الكريم لمّا كان بداية الإسلام كان من جملة الأوامر التي أمر الله تعالى بها نبيّه في سورة المدثر قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}.[١]
النظافة هي جزء لا يتجزّأ، فالنظافة الشخصية تعني أن يكون المجتمع نظيفًا والبيئة نظيفة ولا يكون إثر ذلك شوارع تنتشر فيها النفايات أو حدائق أو مروج خضراء واسعة تغشاها القمامة والأوساخ، فتبدأ النظافة من البيت، فالإنسان الذي اعتاد أن يكون نظيفًا في بيته سواء من خلال اعتنائه بنظافته الشخصية أم باعتنائه بنظافة البيت الذي يسكن فيه فإنّه سيحرص أن يكون الشارع الذي يمشي فيه نظيفًا، وكذلك يحرص على عدم إيذاء البيئة التي يعيش فيها، فيحمي النباتات والأشجار والحدائق وغيرها من الأذى أو أن يلحق بها ضرر ما.
بل إنّ الثقافة العربية والإسلامية قد دعَت كثيرًا للنظافة وجاءت تعاليم الدين الإسلامي لتجعل النظافة هي عنوان للإنسان المسلم، ففي الحديث الصحيح أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إنَّ اللهَ تعالى طيبٌ يُحِبُّ الطيبَ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ، كريمٌ يُحِبُّ الكرَمَ، جوَادٌ يُحِبُّ الجودَ، فنظِّفوا أفنيتَكم، ولا تشبَّهوا باليهودِ"[٢]، ففي هذا الكلام ترغيب وأيّ ترغيب بالنظافة وأنّ الله تعالى يحبّ هذا الصفة، فاتخذها المسلمون والعرب من بعد مجيء الإسلام شعارًا لهم يدلّ عليهم قد حثّهم عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- في شؤون حياتهم كافة، وقد أمرهم بها ربّهم تعالى وجعلها شرطًا في كثير من أمور دينهم الجديد.
فقيل إنّ الأندلس كانت العلوم فيها قد وصلت إلى الغاية التي لم تصل إليها في مكان آخر، وكان أكثر الناس فيها متعلّمين، فكان المرء لا يكاد يميز بين بيت العربي والعجمي ولا بيت المسلم عن غيره، ولكن كان هنالك علامة فارقة تُميّز بيوت المسلمين وهي النظافة؛ فكانت بيوت المسلمين تنبعث منها روائح العطور وتمتاز بالترتيب، وفيها أمكنة لوضع الأحذية التي يأتي بها الناس من خارج المنزل، وفيها كذلك أمكنة توضع فيها الأحذية التي ينتعلها الناس في بيوتهم، فكان الترتيب والنظام الذي ينبع من مفهوم النظافة هو العنوان الأبرز الذي يُعرف من خلاله بيت المُسلم كما يُعرف المبتدأ من الضمة.
إنّ الواجب علينا أن نعتني بنظافتنا وأن نكون مثالًا على المرء النظيف الذي يُضرب به المثل في ذلك، وأن نعتني بنظافة بيوتنا ومساكننا حتى يحبنا الله تعالى ويرضى عنا.
لقراءة المزيد، انظر هنا: موضوع عن النظافة وأهميتها.