محتويات
الطفل في عمر السنتين
بمجرّد أن يبلغ طفلك عمر السنتين تبدأ مرحلة التربية؛ فهو الآن يمرّ بمراحل التغيّر من جميع النواحي الفسيولوجيّة والنفسيّة والمعرفيّة، وقد يصعب على الوالدين معرفة الأسلوب المناسب للتعامل مع طفلهما في هذا العمر في بداية الأمر، إلا أنّهما يعتادان على ذلك، وفي هذا المقال حديث عن ما يتعلّق بتربية الطفل في عمر السنتين.
ما هي طريقة التربية الناجحة لطفلي في عمر السنتين؟
من المهمّ معرفة انّه لا توجد طريقة سحريّة لتربية الطفل وتأديبه ومنعه من القيام بتصرّفات غير مرغوبة، وإنّ استخدام أسلوب التجاهل والإهمال معه أمر خاطئ تمامًا، فيحتاج الطفل إلى التوجيه والإرشاد للسلوكيّات الصحيحة من الوالدين، وتقديم الدّعم له وتشجيعه، ومن أهمّ ما يمكن فعله ما يأتي:[١]
- التعاطف مع الطفل: يجب على الوالدين وضع نفسهما مكان الطفل، ليتفهّمان مشاعره ويتقبّلونها.
- التقليل من استخدام كلمة (لا): فلا بدّ من استخدام هذه الكلمة للمواقف الجديّة والخطيرة بدلًا من استخدامها في اليوم أربعين مرّةً، وينصح اختصاصيّو التربية باستخدام أسلوب التوجيه بدلًا من المنع والترهيب، فقد تقول الأمّ مثلًا: (أقلام الحبر هذه خاصّة بي، دعنا نبحث عن طباشير ملوّنةً بدلًا من الأقلام لنرسم بها)، ومن الممكن أيضًا تحويل أسلوب النّهي (لا) إلى (نعم) مشروطة، إذ نقول للطفل مثلًا: (يمكنك اللعب بعد تغيير حفّاضتك).
- تعليم الطّفل ألعابًا جديدةً: يمكن للوالدين أن يقودا سلوك طفلهما من خلال تخصيص الوقت للاستكشاف معًا واللعب بألعاب وأماكن جديدة، ومحاولة إيجاد حلول جديدة للمواقف الصّعبة، مثل: ركل الكرة وتعليمه كيفيّة إعادتها، وقراءة القصص الملوّنة، ومشاهدة الرّسوم المتحرّكة، وغيرها.
- تصرّف الوالدين كالأطفال عند اللعب مع الطفل: فاللعب مع الأطفال بطريقة طفوليّة تشابه مستوى تفكيرهم يقرّب الطفل عاطفيًّا بصورة أكبر، إذ يمكن للوالدين اللعب بتلقائيّة وعفويّة أكثر، كوضع البنطال على الرأس، أو مطاردة الطفل في أرجاء المنزل، كما يجب المحاولة بطريقة ما تحويل الألعاب المملّة إلى ألعاب أكثر مرحًا.
- تعزيز المخزون اللغوي للطفل: فالمخزون اللغويّ للطفل في هذا العمر يكون منخفضًا وعشوائيًّا؛ لذا يجب تعليمه استخدام الكلمات العربيّة أو الإنجليزيّة الصحيحة في مواضعها الصحيحة، فيُقال للطفل مثلًا: (حذاؤك ضيّق) بدلًا من الاكتفاء بالإشارة إلى الحذاء، أو (أنت تحتاج إلى حضن آخر من الماما قبل الخروج).
- فرض الحدود والقوانين: التي تعدّ مهمّةً للحفاظ على سلامة الطفل ومن حوله، كأن يُقال له مثلًا :(لا تركض في الشارع).
- تعزيز استقلاليّة الطفل: فقد يكون الطفل قادرًا على فعل أكثر ممّا يُتوقَّع منه، ويجب الحرص هنا على منحه مساحته الشخصيّة وعدم التدخّل في ما يفعل، بل يجب منحه فرصًا أكبر للمساعدة في تجربة كل ما هو جديد.
إنّ استعداد الوالدين ليكونا أبًا وأمًّا لطفل في عمر السنتين يعني أنّهما سيتعلمان الكثير عن كلّ ما سيعلّمانه لطفلهما، وقد يهتمان بالطفل الذي يشغل جُلَّ وقتهما وينسيان أنفسهما ويهملان علاقتهما؛ لذلك من المهمّ التذكير هنا بأهميّة الاعتناء بنفسهما جسديًّا وعاطفيًّا قبل أيّ شيء، فوجودهما بكامل صحّتهما وطاقتهما إلى جانب طفلهما في بيئة صحيّة هادئة سيساعده على النموّ بطريقة صحّي أكثر من غيره.[٢]
ولا بأس من أن يأخذ الوالدان قسطًا من الرّاحة بين الحين والآخر، فيأخذ الأبّ الطفل ويشغله عن أمه لبعض الوقت أو العكس؛ لكي لا يرهقا جسديهما ويكلّفا أنفسهما أكثر ممّا يتحمّلانه، ويمكنهما حتّى قضاء بعض الوقت خارج المنزل ليشعرا بالهدوء والسكينة.[٢]
تطور الطفل في عمر السنتين
قد يكون تطور مهارات الطفل في عمر السنتين مشّوشًا للأهل، خاصّةً إن كان طفلهم الأوّل، لذلك يجب معرفة معالم تطوّر تفكير الطفل في هذا العمر ومراحله؛ وذلك لمواكبته ومعرفة كيفيّة التعامل معه، وأيضًا للاطمئنان على نموّه بالطريقة الصحيحة، ومن أهمّ هذه المراحل ما يأتي:[٣]
التطور الجسدي
قد لا تقتصر السنة الثانية للطفل على النموّ السريع للجسم فحسب، بل يتعلّم أيضًا متى يمكنه التصرّف كما يشاء ومتى يجب عليه التوقّف، ويُتَوقَّع منه أن يقوم بحركات عضليّة يحرّك فيها عضلات جسمه الكبيرة، كالمشي والركض، بالإضافة إلى تطوّر العضلات الصغيرة فيه ليقوم بحركات أدقّ، كالإمساك بالأجسام الصغيرة مثل فرشاة الأسنان ومحاولة تنظيف أسنانه، ومن أهمّ الحركات العضليّة التي قد يتعلمها الطفل في عمر السنتين ما يأتي:
- المهارات الحركيّة الإجماليّة، كالمشي والرّكض.
- القفز باستخدام القدمين، أو محاولة القفز على الأقلّ.
- سحب الألعاب وحملها أثناء المشي.
- رمي الكرة واللحاق بها وإمساكها بكلتا اليدين.
- الوقوف على أطراف أصابعه ومحاولة التّوازن بالوقوف على قدم واحدة.
- الصّعود على الكرسي والأثاث.
- صعود الدّرَج مع الإمساك بالحديد ليوازن نفسه، وقد تتناوب قدماه هنا.
ومن المهمّ في هذه المرحلة تعزيز مهاراته الحركيّة الإجماليّة، فيمكن للوالدين مثلًا نفخ البلالين أو الفقاعات أمامه ليلحق بها، أمّا الحركات العضليّة الدقيقة فتتضمن ما يأتي:
- الإمساك بفرشاة الأسنان وتنظيف أسنانه، كذلك الإمساك بمشط الشّعر وتمشيط شعره.
- القدرة على لبس البناطيل وخلعها؛ أي سحبها إلى الأعلى وشدّها إلى الأسفل.
- تشغيل الصنبور ومحاولة غسل اليدين.
- بناء برج من 4 قطع على الأقلّ.
كما يمكن تعليم الطفل حركات إضافيّة، مثل: تعليمه كيفيّة الإمساك بالصّحون والأقلام بالأصابع بدلًا من استخدام اليد كاملةً، واللعب بالمعجون ومحاولة صنع أشكال مختلفة، وكذلك محاولة الرسم بألوان مختلفة.
التطور المعرفي
يبدأ الطّفل في عمر السنتين بالتفكير بطرق جديدة، وتعلّم مهارات وتقنيّات جديدة لحلّ المشكلات التي تواجهه، ومن المثير للاهتمام أيضًا أنّه يحاول إظهار استقلاليّته في هذا العمر، إذ يقوم بما يأتي:
- تحويل الألعاب البسيطة إلى ألعاب أكثر تعقيدًا بالنسبة له، فيبدأ بتخيّل أن هذا الصندوق سفينة فضائيّة مثلًا، أو يبدأ بإضافة شخصيّات جديدة للعبة، كأن يصفّ ألعابه أمامه للعب معها، ويطلق عليها أسماء جديدة.
- تذكّر الأحداث السابقة والتحدّث عنها.
- تركيب قطع الألغاز البسيطة كالمكوّنة من 3-4 قطع.
- ترتيب الألعاب حسب الحجم أو اللون أو النوع.
- تنفيذ التعليمات المكوّنة من خطوتين، مثل (اخلع قميصك وعلّقه).
ومن المهمّ هنا تعزيز قدرات الطفل المعرفيّة وتوسيع مداركه، ومساعدته على إدارة أفكاره ومشاعره وعواطفه؛ إذ يمكن قراءة القصص المصوّرة له، أو الاستماع معه إلى الموسيقى، ومن المهمّ أيضًا السماح له بالاستكشاف والتعلّم، فيجب عدم نهره أو توبيخه عند التقاطه أغراض المنزل والّلعب بها وبعثرتها.
التطور اللغوي
يفهم الطفل في عمر السنتين أكثر ويتحدّث أكثر، ومن أهمّ المهارات اللغويّة التي يتعلّمها ما يأتي:
- فهم كلام الأشخاص المألوفين على الأقلّ ومعرفة أسمائهم.
- فهم أسماء الأشياء التي يتعامل معها الطفل يوميًّا، كالحفاضة، والرضّاعة، وغيرهما.
- فهم معظم أجزاء الجسم وأسمائها.
- تكرار الكلمات التي يسمعها يوميًّا.
- التحدّث بكلمات منفردة قبل وصوله عمر 18 شهرًا، والتحدّث بجمل مكوّنة من 2-4 كلمات في عمر 24 شهرًا، وقد يجمع الاسم مع الفعل في نفس الجملة، مثل قوله: (ماما تأكل).
- السؤال بـ (ما هذا؟) و(لماذا؟).
- استخدام صيغة الجمع، مثل بيوت، والضمائر الأساسيّة، مثل: أنا، وأنت،.
ولتعزيز هذه المهارات لا بُدَّ من إمضاء وقت أكبر مع الطفل والتحدّث إليه، وتعليمه كيفيّة النطق الصحيح للأحرف والكلمات التي يستصعبها.
التطور الاجتماعي والعاطفي
يحاول الطفل فرض شخصيّته والاستقلال بها، ويبدو أكثر اهتمامًا بالآخرين من حوله، ومن المحبط له عدم قدرته على التعبير عن مشاعره لضعف حصيلته اللغويّة، لكن من المرجّح أن يقوم الطفل بهذه الأمور في عمر السّنتين:
- تقليد ما يفعله الكبار من حوله من تكرار الكلام والتصرّفات.
- الاستمتاع أكثر باللعب مع الأطفال الآخرين.
- إدراك قدرته على القيام بالعديد من الأمور دون حاجته إلى مساعدة أحد.
- العصيان أكثر من ذي قبل، فيقوم الطفل بعمل أشياء طُلِبَ منه ألّا يفعلها فقط ليرى ما سيحدث.
- الغضب والبكاء عند عدم حصوله على ما يريد.
من المهمّ أن يدرك الأهل أنّ لكلّ طفل معدّل تطوّر خاصّ به، وعدم قدرته على القيام بإحدى المهارات المذكورة لا يعني بالضرورة وجود مشكلة صحيّة لديه، فقد يحتاج بعض الأطفال إلى ثلاث سنوات للقيام بكلّ هذا، لكن إن تعدّى عمر الثالثة ولم يستطع القيام بمعظم تلك المهارات فيجب حينها مراجعة طبيب أطفال مختصّ لمعرفة إذا ما كانت لديه مشكلات في النموّ أوغيره.
ما العوامل المؤثرة في تربية الطفل؟
تسهم البيئة المحيطة وأسلوب التربية في تطوّر سلوكيّات الطفل ونموّه، ومن أهمّ العوامل التي تؤثّر في ذلك ما يأتي:[٤]
- البيئة: تؤدي البيئة دورًا مهمًّا في نموّ الطفل جسديًّا ونفسيًّا، وتتضمن الظروف الجغرافيّة والماديّة، والبيئة الاجتماعيّة وطبيعة العلاقات الأسريّة، فمن البديهيّ إدراك أنّ الطفل الذي يتلقّى الرعاية والاهتمام قد يكون أفضل من الطفل الذي ينشأ في بيئة محرومة، فالمدرسة الجيّدة والأسرة المُحِبّة تبني لدى الطفل مهارات اجتماعيّة وشخصيّة قويّة، ممّا يفتح أمامه مجالات أكثر للتفوّق الأكاديميّ والعلميّ والاجتماعيّ.
- الجنس: يعد جنس الطفل مُؤثِّرًا رئيسًا في طريقة تطوّره، فيميل الذكور إلى إظهار القوّة البدنيّة، وتميل الفتيات إلى إظهار العطف والحنان.
- التمرين والحركة: فذلك من شأنه مساعدة الطفل على زيادة القوّة العضليّة والعظميّة لديه، وتساعد الحركة أيضًا على تجنّب الإصابة بالأمراض والوقاية منها، من خلال تقوية جهاز المناعة، وتعزيز بناء مقاومة جسمه ضدّ البكتيريا ومنع الحساسيّة.
- التغذية: يسبّب سوء التغذية الإصابة بأمراض عديدة تؤثّر في نموّ الطفل، ومن ناحية أخرى يسبّب الإفراط في تناول الطّعام السمنة ومشكلات صحيّة أخرى على المدى البعيد؛ لذا لا بدّ من اتّباع نظام غذائيّ متوازن غنيّ بالكربوهيدرات والفيتامينات والمعادن والبروتينات.
- الأسرة: فهي المؤثّر الأكبر في نفسيّة الطفل وتطوّره اجتماعيًّا، بغض النّظر إن ترعرع بين والديه أو أجداده أو غيرهم، فالمهم هو إشباعه بالحبّ والرعاية والاهتمام.
- البيئة الجغرافيّة: كالمدارس التي يلتحق بها الطفل والأحياء التي يعيش فيها، والفرص التي يوفّرها المجتمع، والأماكن العامّة التي توفّرها الدولة، وغير ذلك الكثير، فكلّها تؤثّر في تطوير مهارات الطفل ومواهبه وسلوكه، ومن الضروريّ مرافقة الطفل إلى الحدائق والمتنزّهات والأماكن العامّة لتوسعة مداركه وحصيلته البصريّة.
المراجع
- ↑ NICOLE SCHWARZ, "POSITIVE PARENTING TIPS FOR YOUR 2-YEAR-OLD"، imperfectfamilies, Retrieved 2020-7-27. Edited.
- ^ أ ب "2-3 years: toddler development", raisingchildren, Retrieved 2020-7-27. Edited.
- ↑ Amanda Morin, "Developmental Milestones for 2-Year-Olds"، understood, Retrieved 2020-7-27. Edited.
- ↑ Sameer Awadhiya (2019-7-17), "Factors That Affect Growth and Development in Children"، parenting, Retrieved 2020-7-27. Edited.