كيف أسلم سراقة بن مالك؟ وما دوره في الهجرة النبوية؟

كتابة:
كيف أسلم سراقة بن مالك؟ وما دوره في الهجرة النبوية؟

تعرّف على قصة إسلام الصحابي سراقة بن مالك

في أي غزوة أعلن الصحابي سراقة بن مالك إسلامه؟ عندما أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المسلمين مغادرة الطائف والاتجاه نحو الجعرانة، لقيهم في الطريق سراقة بن مالك الجُعشمي -رضي الله عنه-، فدخل في كتيبة من خيل الأنصار، فقام الأنصار بقرعه بالرماح، مستنكرين دخوله إليهم ومحاولين إبعاده، حتى استطاع سراقة بن مالك -رضي الله عنه- في نهاية الأمر الاقتراب من ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[١]


وقام بعدها سراقة برفع كتاب الأمان الّذي أعطه إيّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الهجرة، والذي أخذه منه مقابل عدم إخبار سراقة -رضي الله عنه- عن مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأي أحد، وقد فعل -رضي الله عنه- ولم يخبر أحداً، وعندما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- كتاب الأمان عرفه على الفور وقال: "يَوْمُ وَفَاءٍ وَبرٍّ، ادْنُهْ"، فاقترب سراقة بن مالك -رضي الله عنه- من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأعلن إسلامه، وقد أسلم سراقة بن مالك في فتح مكة.[١]


تعرّف على دور سراقة بن مالك في الهجرة النبوية

بماذا وُعد سراقة بن مالك إن لم يخبر قريش بمكان النبي؟ تبع سراقة بن مالك النبي أثناء هجرته إلى المدينة، وذلك طمعًا في أُعطية قريش التي وضعتها لمن يأتي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما هاجر إلى المدينة المنورة، وأخذ يبحث عنه -صلى الله عليه وسلّم- ويجتهد في ذلك، وعندما وجد الرسول -صلى الله عليه وسلّم- اتّجه نحوه بفرسه، فساخت -غارت- قدما فرسه في الأرض، وكان كلما عاود الاقتراب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحدث نفس الشيء مع فرسه.[٢]


عندها علم سراقة بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محميٌّ من الله -تعالى-، فطلب سراقة -رضي الله عنه- من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتاب أمان مقابل انسحابه وعدم إخبار قريش عن مكانه، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كتاب الأمان.[٢]


فكان موقف سراقة بن مالك في الهجرة -رضي الله عنه- يتمثل في عدم إخبار قريش عن مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-؛ فلم يساعدهم في اللحاق برسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، الأمر الذي ساعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الوصول إلى المدينة المنورة، وتأسيس الدولة الإسلاميّة وترسيخ قواعدها بعد أعوام من الاستضعاف والتعذيب في مكة المكرمة.[٢]


ما قصة سراقة بن مالك وسواري كسرى؟

لم يُرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعود سراقة بن مالك -رضي الله عنه- خائبًا إلى مكة، فوعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سراقة بن مالك بأنّ له سواري كسرى جزاءً وثواباً له إن لم يخبر قريش بمكانه، وذلك عوضاً عن المكافأة التي وضعتها له قريش، فضحك سراقة -رضي الله عنه- لأنَّ ما وعده به الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يحلم به سادات قريش، وكان هذا الأمر غريبًا عليه.[٣]


وعاد سراقة بن مالك إلى قريش ولم يخبرهم برؤيته لرسول الله -صلى الله عليه وسلّم-؛ فسواري كسرى خير له من الإبل التي جعلتها قريش جائزة لمن يأت برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان سراقة واثقاً بما وعده به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، على الرغم من عظم الوعد الموعود به.[٣]


ما قصة سراقة بن مالك مع عمر بن الخطاب؟

بمرور الأيّام وتوالي الغزوات، انتصرت الجيوش الإسلاميّة ودخلوا المدائن فاتحين، وأخذوا ما فيها من الكنوز، وأرسلوا بها إلى الخليفة عمر بن الخطاب، فلمّا أتى عمر بن الخطاب بسواري كسرى، سأل عن سراقة بن مالك بن جعشم -رضي الله عنه-.[٤]


وعندما جاء إليه سراقة بن مالك -رضي الله عنه- سأله عن سبب طلبه له، فقال له عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كان قد وعده بسواري كسرى إن أخفى خبره عن قريش، فحقق سيدنا عمر وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وألبس سراقة سواري كسرى، وبهذا تحققت نبوءة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا واحد من دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلّم- وصدقه.[٤]


ما قصة سراقة بن مالك وإبليس؟

ورد في سورة الأنفال قصة سراقة بن مالك وإبليس، وتشكّل إبليس بصورته، قال -تعالى-: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ* وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[٥]


بدأت القصة عندما خرج المشركين من مكة متجهين إلى بدر، وقبل وصولهم إلى بدر جاءهم خبر بأنّ عيرهم التي خرجوا من أجلها للقتال قد نجت، فأرادوا الرجوع إلى المكة، فأتى إبليس للمشركين بصورة سراقة بن مالك بن جعشم، وحثّهم على عدم الرجوع إلى مكة، وإكمال طريقهم لقتال المسلمين واستئصالهم، وشجعهم على ذلك بقوله إنَّ عدد المسلمين قليل، وأنهم كثر في مقابلهم، وغرّهم بمساعدة بني كنانة لهم بالخيل، والرجال، والسلاح، فاقتنعوا برأيه وأكملوا مسيرهم نحو بدر.[٦]


والتقوا هم والمسلمون ببدر، ونزلت الملائكة تقاتل مع صف المسلمين، وإبليس في صف المشركين بصورة سراقة بن مالك -رضي الله عنه-، وعندما شاهد إبليس الملائكة نكص على عقبيه وأراد الهروب، فأخذ بيده الحارث بن هشام وطلب منه الثبات واستنكر خذلانه، فأجاب إبليس أنه يرى ما لا يرون، وأنه يتنبأ بخسارة المشركين بعد الذي رآه، وانطلق إبليس هارباً، وانهزم المشركين، وعندما عاد المشركون قالوا بأن سراقة سبب انهزام صف المشركين، وعندما وصل سراقة ما قيل فيه ذهب إليهم، وحلف لهم بأنّه لم يكن يعلم بمسيرهم إلى بدر إلا بعد أن وصله خبر انهزامهم.[٦]


عرفنا من قصة سراقة بن مالك -رضي الله عنه- أن من دلائل النبوّة صدق كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّ ما يقوله رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وعد متحقق، ومما يُستفاد منه من هذه القصة إمكانية تشكل إبليس على صورة إنسان.

المراجع

  1. ^ أ ب موسى العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 147. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 8. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سفر الحوالي، كتاب شرح الطحاوية لسفر الحوالي، صفحة 1605. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سفر الحوالي، كتاب شرح الطحاوية لسفر الحوالي، صفحة 1606. بتصرّف.
  5. سورة الانفال، آية:47-48
  6. ^ أ ب ابن أبي زمنين، تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين، صفحة 181. بتصرّف.
6116 مشاهدة
للأعلى للسفل
×