كيف أعلم طفلي مهارات جديدة؟

كتابة:
كيف أعلم طفلي مهارات جديدة؟

الطفل واكتساب المهارات

تبدأ شخصيّة الطفل بالتطوّر في الثانية من عمره، حين يبدأ بالمشي، والكلام، والمُضيّ في محاولاته المستمرَّة لاستكشاف العالم من حوله، إذْ تتطوَّر المهارات الذاتيّة لدى الطفل خلال هذه الفترة العمريَّة، سواءًا كان ذلك على صعيد المهارات العضليّة، أو المعرفيَّة، أو اللغويَّة، فهو يغدو قادرًا على القيام بما يفوق توقعات والديه.[١]

أمّا عن المهارات الأخرى التي لا تولد مع الطفل، فهي تُكتَسَب من البيئة المحيطة به، كالمدرسة، والمنزل، والجامعة، وكونك أمّ أو أب، فإنَّ هذا يضعك في منزلة المُعلِّم الأوَّل لطفلك، فأنت المسؤول عن إدارة سلوكه، وتعليمه مُعظم المهارات المُكتَسَبة التي يحتاجها في حياته، ابتداءً من آداب الطّعام، وانتهاءًا بمهارات الطبخ والتسوّق، ويُعتبر أسلوب القدوة والكلام، واحدًا من أهمّ الطرق المُستخدَمة لتعليم الطفل مهاراتٍ جديدة.[٢]


ما هي المهارات التي يحتاجها الطفل؟

تختلف المهارات التي يحتاجها الطفل باختلاف عمره واحتياجاته، ولكن اتّفق أخصَّائِيّو الأسرة على وجود مجموعة من المهارات التي لا بدّ أنْ يتمكّن منها الطفل منذ صغره، والتي من أهمِّها:

اتخاذ القرار

لا شكّ في أنَّ ترك الخيار للطفل بشأن نوع الطعام الذي سيتناوله، أو نوع اللعب الذي سيمارسه، يساهم في زيادة ثقته بنفسه، وشحذ شخصيّته، وتعزيز قدرته على اتخاذ القرار، خاصّةً عند تعزيز هذا الجانب لديه قبل دخوله الروضة، أو المدرسة، فإتاحة فرصة الاختيار تساعد الطفل على دراسة الخيارات المطروحة، والمقارنة فيما بينها، وتقييم النتائج المترتّبة على اختيار كلًّا منها، بل وتعلِّمه تحمُّل مسؤوليّة اختياراته، الأمر الذي يعزِّز من قدراته العقليّة.[٣]


إدارة الوقت

تعدّ إدارة الوقت واحدة من أهمّ المهارات التي نحتاج إليها في تنظيم المهام اليوميَّة، سواءًا في المدرسة، أو الجامعة، أو العمل، أو المنزل، وهي من المهارات التي تتطلَّب الخبرة والمُمارسة لإتقانها، فماذا عن الصّغار؟


من المهمّ البدء بتعليم الأطفال كيفيّة قياس الوقت، والالتزام بجدول زمنيّ، وتعلّم إنجاز المهامّ بالوقت المُحدَّد، والأهمّ من ذلك، زرع أخلاقيّات احترام الوقت، وتقديره، في نفوسهم.[٣]


غسل الملابس

يمكن البدء في تعليم الطفل كيفيّة غسل ملابسه بنفسه في عمر السادسة، من حيث فرز الملابس حسب لونها، واختيار مسحوق الغسيل المُناسب، وضبط إعدادات تشغيل الغسّالة، ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، فيجب إرشادهم أيضًا لتعلُّم كيفيّة طيّ الملابس، وترتيبها في الخزائن الخاصّة بهم، في الحقيقة، يُعتبر إتقان الطفل هذه المهارة أمرًا مُمتعًا ومفيدًا، فتعلُّمُه غسل الملابس لا يزيد من اعتماده على نفسه فحسب، بل يُساهم في إزاحة جانب من المسؤوليات والمهام عن الأمّ أيضًا.[٣][٤]


تحضير وجبة سريعة

إنَّ تعليم الطفل كيفيّة تحضير وجبة بسيطة يزيد من ثقته بنفسه أثناء التعامل مع أمور المطبخ، ويجعله قادرًا على تحضير وجبة إفطاره بنفسه في مرحلة ما قبل المدرسة، وتطوير مهاراته في الطهو عندما يحين الوقت لذلك، وعند تعليم الطفل هذه المهارة، فإنَّ ذلك يتطلَّب من الأم جُهدًا، وصبرًا طويلًا، وتحمُّلًا لما قد يسبّبه طفلها من فوضى عارمة في المطبخ.[٣][٤]


تبدأ عمليّة التعلّم تدريجيًّا، خطوةً تلو الأخرى، إذْ يتمكَّن الطفل من تعلُّم كيفيَّة تحضير طبق الزبادي والفواكه المقطّعة في الرابعة من عمره، وكيفيَّة صُنع الشطائر، والعصائر السهلة في الخامسة من عمره، بينما يبدأ في السابعة والثامنة من عمره بخبز البيتزا، وتحضير السلطات التي لا تتطلّب استخدام السكّين، أمّا في العاشرة، فيتعلّم استخدام موقد النّار للمساعدة في تحضير وجبة الغداء.[٣][٤]


التسوّق

يتعلّم الطفل في رحلات التسوّق مهارات الإدارة الماليّة، وتمييز البضائع الجيّدة عن غيرها، فيبدأ الأهل بتعليم الأطفال التسوّق باصطحابهم إلى المتاجر، بهدف شراء حاجيّات المنزل من الخضروات، والملابس، وغير ذلك، وفي الأثناء، يمكن توكيل الطفل بمهمّة شراء الحلويات مثلًا، والسماح له بدفع ثمنها، كما يمكن تشجيع الإخوة على توفير النقود من مصروفهم الشخصيّ لشراء لعبة ما.[٣][٤]



تعليم الطفل عن طريق القدوة

عادةً ما يقلِّد الأطفال الحركات المتكرِّرة الصادرة عن الكبار، فهم بارعون في المراقبة والمُشاهدة، وتكرار الأفعال التي يروْنها، والكلمات التي يسمعونها، سواءًا كانت صادرة من أبويْهِم وإخوتهم في المنزل، أو معلِّميهم في المدرسة، أو حتى من أفلام الكرتون التي تُعرَض في التلفاز، وفي هذا الشأن، من الضروري استغلال هذا التوجه الفِطري لدى الطفل في تعليمه مهارات جديدة ونافعة، وهو ما يُطلق عليه "التعليم بالقدوة".[٥]


لعلّ هذه الطريقة هي الأكثر فاعليَّة في تعليم الطفل مهارات وعادات جديدة، فهي لا تستغرق وقتًا أو جهدًا إضافيّ، فعلى سبيل المثال، يُمكن السماح للطفل بمشاهدتك أثناء ترتيب السرير، أو كنس الأرضيات، أو غير ذلك من الأعمال، وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّ "التعليم بالقدوة" لا يقتصرعلى تعليم الطفل مهارات تنظيف المنزل فحسب، بل تشمل تعليمه العديد من المهارات الاجتماعيّة والسلوكيّة، فمثلًا، يتعلّم الطفل من أبويه أسلوب الحوار، فهو يركِّز على نبرة الصوت، والتواصل البصري، ولغة الجسد، وإيماءات الوجه، والتبسُّم، والعبوس أثناء الحوار، ويبدأ بتقليد كل ما تعلّمه من أبويه عند محاورته للآخرين.[٢]


لذا، يجب على الآباء الانتباه لكافَّة الأفعال التي تُمارَس، أو الكلمات يُلفظ بها أمام أطفالهم،[٢] ومن أبرز ما يجب اتّباعه والانتباه إليه أثناء تعليم الطفل بالقدوة ما يأتي:[٢]

  • جذب انتباه الطفل ونظره، والابتعاد عن كلّ ما يشتّت تركيزه.
  • التأكّد من الحصول على كامل تركيز الطفل، ومراقبته لما يحدث.
  • منح الطفل فرصة للقيام بالمهارة بنفسه، ومعاونته عليها حتّى إتقانها.
  • التحرّك ببطء، ليتمكّن الطفل من التقاط جميع خطوات المهارة، ورؤيتها بوضوح، ويُستَحسَن الإشارة إلى الخطوات الهامَّة، وتنبيه الطفل للتركيز على كيفية أداءها.


تعليم الطفل بالكلام

قد لا يكون الطفل بحاجة لاتباع طرق احترافيّة ومثيرة حتى يتعلم أمرًا ما، فربما يكون توجيه الكلمات والتعليمات بصورة مباشرة كافٍ لتعليمه مهارة جديدة، وتعويده عليها، غير أنَّه من الوارد نسيان الطفل التعليمات، أو تعمُّد تجاهلها للعديد من الأسباب، وهنا يكمن السرّ في كيفيّة توجيه التعليمات وشرح الخطوات بأسلوب لطيف، يعلق في الذهن، ويُمكِّن الطفل من التقاط كل ما يُملَى عليه، وذلك من خلال اتّباع ما يلي:[٢]

  • ثني الركبتين والنزول إلى مستوى طول الطفل أثناء الحديث معه.
  • توظيف لغة الجسد، كالإيماء، وذلك بهدف التأكيد على الخطوات الرئيسيّة المُراد لفت انتباه الطفل إليها.
  • الابتعاد عن أي مصدر مُشتِّت للتركيز، كالتلفاز والهاتف المحمول.
  • استخدام جمل قصيرة ومفهومة أثناء توجيه التعليمات.
  • ذكر اسم الطفل أثناء توجيه التعليمات له، وتشجيعه على التواصل البصري أثناء الحديث معه، فهذا يُساعد على جذب كامل انتباهه، وتركيزه.
  • التحدث بنبرة هادئة، وصوت واضح، وتجنّب استخدام أسلوب الأمر.
  • استخدام الرسومات التويضيحيّة والملصقات التي تساعد الطفل على فهم الإرشادات التي يتلقّاها، ويُمكنه الاحتفاظ بها، والاستعانة بمحتواها في وقتٍ لاحق.


المراجع

  1. Amanda Morin, "Developmental Milestones for 2-Year-Olds", understood, Retrieved 2020-09-28. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج "Teaching skills to children: different approaches", raisingchildren, Retrieved 2020-09-28. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح Apryl Duncan, "11 Life Skills You Should Teach Your Kids", verywellfamily, Retrieved 2020-09-28. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث Michelle Crouch (2016-05-30), "10 Life Skills to Teach Your Child by Age 10", parents, Retrieved 2020-09-28. Edited.
  5. Kylie Rymanowicz (2015-03-29), "Monkey see, monkey do: Model behavior in early childhood", canr, Retrieved 2020-09-28. Edited.
4191 مشاهدة
للأعلى للسفل
×