القصة القصيرة
القصّة القصيرة فنّ أدبيّ حِكائيّ أقصر من الرواية، يقدم حدثًا وحيدًا في مدة زمنية قصيرة ضمن إطار مكاني محدود، يسلط الضوء على موقف أو جانب من جوانب الحياة، من خلال سرد الحدث بانسجام تام وترابط، وتتصف شخصيات القصة القصيرة بالتقارب، إذ تدور في فلك زماني مكاني واحد، تكثف القصة القصيرة أحداثها وتربط بينها بدفقات شعورية قوية لتسطيع التأثير في القارئ مستغنية عن الحبكة المديدة التي تميز الرواية، وتشكل الحياة اليومية الركيزة الأساسية لبناء القصة القصيرة، اشتهر الكثير من أعلام هذا الفن الأدبي في الوطن العربي وخارجه، ففي الغرب سطع نجم إدغار ألان بو وتشيخوف وموبسان وغيرهم، أما في الوطن العربي فيعد يوسف إدريس وأحمد بوزفور وزكريا تامر من رواد القصة القصيرة الأكثر نضجًا واكتمالًا، وسيتحدث هذا المقال عن طريقة كتابة قصة قصيرة.[١]
كيف أكتب قصة قصيرة
مرّت القصة القصيرة بمراحل متعدّدة عبر العقود الماضية إلى أن تطوّرت واتّخذت شكلَها الحاليّ، وقد أسهم رواد القصة القصيرة بتشكيل مقوّمات خاصة لها، وحاول النقاد استنباط المقومات الأساسية والسمات الجمالية التي ابتكرها رواد القصة القصيرة، ومن مقومات كتابة القصّة القصيرة الآتي:[٢]
- البداية: الوَمضة الأولى والخيط الأرفع في القصة الذي يقود القارئ، ويجدر بها الابتعاد عن الوصف الساكن لكيلا تقتل القصة، وبحسب تشيخوف فإن القصة الناجحة هي الخالية من المقدمات.
- الحدث: يبدأ في موقف معين، ويسير بتسلسل منطقي، ثم يتطور ليبلغ لحظة التنوير التي تظهر الفكرة جلية باكتمالها.
- الحبكة: النقطة التي تلتقي فيها خيوط الصراع وتتشابك، وتتضمن العقدة ويشكلان معاً المنهجية التي اتبعها الكاتب في ترتيب جزئيات الحدث .
- الشخصية: تكون على صلة وثيقة بالحدث، وتسلط القصة الضوء على بعدًا معينًا فيها, وتكون شخصيات القصة القصيرة محدودة بخلاف شخصيات الرواية.
- النهاية: لحظة التنوير التي تبلور المعنى وتوضح المغزى، وينبغي أن يتوصل إليها الكاتب على نحو طبيعي بخطى متسلسلة مدروسة.
- المتن النصي: النسيج اللغوي الذي يكون الشخصيات ويجسد الحدث، وعلى الكاتب أن يعتني بلغته ومستوياتها وطاقاتها التصويرية، بحيث تحمل كل لفظة المعنى المطلوب في سرد الأحداث وفي الحوار .
ومِن المَعروف أنّ الزمان والمكان عنصران أساسيان من عناصر القصة القصيرة، فللحدث مسرح مكاني وأفق زماني يؤطرانه، ويشترط في الحدث أن يكون له دورٌ في دفع العمل نحو الغاية المرجوة، وينطبق الأمر على كل شخصية من شخصيات القصة، إذ لا بد أن تُسهم بتطور الحدث وعكس الأفكار المطروحة بحوار ما أو حركة ما، أما السرد فله عدة طرائق؛ فقد يروي القاص قصته بضمير الغائب دون وجود له في داخل القصة ، وقد يرويها بضمير المتكلم بوصفه أحد شخصيات القصة، وهناك طريقة أخرى تتركك كل شخصية من شخصيات القصة تشارك في رواية جزء من القصة، وأما الحوار فهو صوت القصة الداخلي الذي ينبغي أن يعكس سمات كل شخصية باتزان وبما يلائم صفاتها النفسية والجسدية، وفي ذلك عرض لأهمّ مقومات ومكونات القصة القصيرة والتي تجيب عن سؤال كيف أكتب قصة قصيرة، مع ضرورة مراعاة الفروق الواضحة بين القصة القصيرة والرواية.[٣]
زكريا تامر نموذجًا
زكريا تامر أديب سوري وصحفي وقاص، يُعدّ أحدَ أهم كتَّاب القصة القصيرة في الوطن العربي، امتلك أدوات الإبداع والابتكار فارتقى بالقص العربي ونال مكانة مرموقة في الوسط الأدبي، وترجمت قصصه إلى الإنكليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها من اللغات، وقدم نتائج قصصيًا غزيرًا لا يزال فضاءً واسعًا للنقاد والدارسين.[٤]
يغلب على أسلوبه طابع البساطة الذي استطاع أن يعالج من خلاله مختلف القضايا الاجتماعية والموضوعات الإنسانية، فقصصه غالبًا ما تذكر القارئ بالحكايات الشعبية، وتتميز لغته بالجمال والسلاسة والبعد عن التكلف،إضافة إلى الوحدة الموضوعية التي تعد سمة عامة في قصصه، والعناية التكثيف أي اختيار المفردات بعناية ودقة من دون إطناب ومن دون الإخلال بالمعنى، وقد نجح في توظيف السرد الفكاهي كبصمة خاصة في أسلوبه القصصي، إلا أنه لم يكن يسمح بالسخرية من معاناة الشعوب المضطهدة، والقصة عنده غرفة أنيقة تحتاج ذوقًا رفيعًا لتأثيثها بعناية، من أعماله صهيل الجواد الأبيض، ودمشق الحرائق، والرعد، والحصرم، والقنفذ، والنمور في اليوم العاشر.. وغيرها.[٤]
المراجع
- ↑ "قصة قصيرة"، wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.
- ↑ حسن غريب أحمد، لتقنيات الفنية والجمالية المتطورة في القصة القصيرة، صفحة 5-10-11-12-13. بتصرّف.
- ↑ "مكونات العمل القصصي"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "زكريا تامر"، wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.