كيف ادخل الجنة بغير حساب

كتابة:
كيف ادخل الجنة بغير حساب

أسباب دخول الجنة بغير حساب

توجد العديد من الأعمال التي تُدخل الإنسان الجنة من غير حسابٍ ولا عذاب، ومن هذه الأعمال ما يأتي:

التوكل على الله

بيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أن المُتوكلون على الله -تعالى- يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، فقال: (ويَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألْفًا بغَيرِ حِسَابٍ. ثُمَّ دَخَلَ ولَمْ يُبَيِّنْ لهمْ، فأفَاضَ القَوْمُ، وقالوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا باللَّهِ واتَّبَعْنَا رَسولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ، أوْ أوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا في الإسْلَامِ؛ فإنَّا وُلِدْنَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَبَلَغَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَخَرَجَ، فَقالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ، ولَا يَتَطَيَّرُونَ، ولَا يَكْتَوُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).[١][٢]

والمقصود بالتوكل على الله -تعالى-، هو أن يتيقن الإنسان أنّه لن يُصيبه نفع أو ضرر إلّا ما كتبه الله -تعالى- له، فالتوكُّل على الله -تعالى- وعدم التشاؤم من صفات الأنبياء والأولياء،[٣] فذكر الحديث أنّ من صفات الذين يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب؛ أنهم لا يطلبون الرُقية أو الإكتواء.[٤]

بل يتوكلون على الله -تعالى- ويطلبون منه الشفاء، وهذا كُلّه لا يتعارض مع الأخذ بأسباب الشفاء عند المرض، فقد أمر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عائشة وأسماء بنتُ عميس -رضي الله عنهُنّ- بالإسترقاء من العين.[٤]

شفاعة النبي الكريم يوم القيامة

بيّنت العديد من الأحاديث أنّ هُناك سبعين ألفاً من أُمّة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب؛ شفاعةً وكرامةً من النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- والدليل على ذلك: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ، إذْ رُفِعَ لي سَوادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ أُمَّتِي، فقِيلَ لِي: هذا مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- وقَوْمُهُ، ولَكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: انْظُرْ إلى الأُفُقِ الآخَرِ، فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: هذِه أُمَّتُكَ ومعهُمْ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ، ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخاضَ النَّاسُ في أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ، فقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، وقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإسْلامِ ولَمْ يُشْرِكُوا باللَّهِ، وذَكَرُوا أشْياءَ فَخَرَجَ عليهم رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَ: ما الذي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فأخْبَرُوهُ، فقالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).[٥][٦]

الشهادة في سبيل الله

ذكر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّ الله -تعالى- يغفر للشهيد جميع ذُنوبه إلّا من كان عليه من الدُيون، لقوله: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ)،[٧] وذكر النووي في شرحه للحديث؛ أنّ الشهيد لا حساب ولا عذاب عليه إلّا فيما يتعلق بِحقِّ العباد عليه، أمّا في حقِّ الله -تعالى- فإنّه لا يُحاسَب ولا يُعاقَب عليها لأنّ الله -تعالى- يغفرها له.[٨]

الصبر على مصائب الدنيا

يبتلي الله -تعالى- عباده المؤمنين؛ ليرفع من درجاتهم ويزيدهم من الأجر والثواب، وقد أخبر الله -تعالى- أنّ الصابرين على البلاء يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، لقوله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[٩] فمن حِكمة الله -تعالى- في البلاء؛ إرادة الخير بالعبد المؤمن سواءً في الدُّنيا أو الآخرة.[١٠]

الموت قبل البلوغ أو الإصابة بالجنون

ذكرت الأحاديث أنّ الأطفال الذين يموتون قبل بُلوغهم أو من فقد عقله بالجُنون، فهؤلاء يدخُلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب؛ وذلك لأنّ الله -تعالى- رفع عنهم التكليف؛ لذلك فهم لا يُحاسبون.[١١]

المقصود بدخول الجنة بغير حساب

ذكر القُرطُبي في تفسيره لقوله -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)،[١٢] فإنّ الحساب المقصود في الآية لمن يدخُل الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، أنّ الله -تعالى- يعرض عليه أعماله؛ ليعرف نعم الله -تعالى- عليه بستر سيئاته ومغفرتهُ لها، ويشملُ ذلك من كانت حسناته أكثر من سيئاته، وهم أفضل ممن يُحاسَبُ حساباً يسيراً، أو ممّن يُحاسب فيُعذب وهذا يختلف عن عرض الأعمال.[١٣]

ويشملُ ذلك السابقون فيتميزون عن غيرهم أنّ حسابهم يكونُ أيسر وأفضل من غيرهم، وجاء ذكر بعض ذلك في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ يَومَ القِيامَةِ إلَّا هَلَكَ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أليسَ قدْ قالَ اللَّهُ -تَعالَى-: (فَأَمَّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا)،[١٤](فقالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّما ذَلِكِ العَرْضُ، وليسَ أحَدٌ يُناقَشُ الحِسابَ يَومَ القِيامَةِ إلَّا عُذِّبَ).[١٥][١٣]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5705، صحيح.
  2. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة دار السلام، صفحة 135، جزء 10. بتصرّف.
  3. محمد ابن الملك (2012)، شرح مصابيح السنة للإمام البغوي (الطبعة 1)، صفحة 432، جزء 5. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبد العزيز بن عبد الله بن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:220، صحيح.
  6. محيي الدين يحيى بن شرف النووي (1392)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (الطبعة 2)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 94، جزء 3. بتصرّف.
  7. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:1886، صحيح.
  8. لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 12580، جزء 11. بتصرّف.
  9. سورة الزمر، آية:10
  10. الجامعة الإسلامية بالمدينة، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، صفحة 6، جزء 15. بتصرّف.
  11. محمد بن محمد بن سليمان (1998)، جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزَّوائِد (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 233، جزء 4. بتصرّف.
  12. سورة الانشقاق، آية:7-8
  13. ^ أ ب موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة 1)، صفحة 63، جزء 2. بتصرّف.
  14. سورة الإنشقاق، آية:8
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6537، صحيح.
4717 مشاهدة
للأعلى للسفل
×