محتويات
المقدمة: غرفة لمّ شمل العائلة
غرفة المعيشة هي أهم غرف المنزل، فهي بمثابة القلب النابض في البيت، بها يجتمع كلّ أفراد الأسرة ويلتمّ شمل العائلة، وفيها تعلو الضحكات والأصوات، فهي المكان الأكثر حميميةً من بين جميع غرف البيت، لهذا يُوجد لغرفة المعيشة خصوصية كبيرة ومكانة في قلوب جميع أفراد الأسرة.
لا يُمكن لهذه الغرفة أن تخلو من أحد من أفراد العائلة، فهي مأهولة أغلب الوقت، وتضمّ حاجيات الكبار والصغار، وتبدو مثل خلية النحل يدبّ فيها النشاط معظم الوقت، وهي الغرفة الأكثر دفئًا وجمالًا فيها التلفاز والمذياع والأريكة الدافئة.
العرض: ذكرياتنا وطفولتنا في غرفة المعيشة
ذكرياتنا كلّها محفوظة في ذاكرة جدران غرفة المعيشة فيها، فيها عشنا أجمل أيام طفولتنا ولهونا صغارًا مع إخوتنا، وفيها استمعنا لنصائح آبائنا وأمهاتنا، وفيها ضحكنا وبكينا وتخصامنا، فهي الغرفة التي جمعت كلّ أحلامنا واختصرتها لنا في لحظة إلهامٍ رائعة، وفي غرفة المعيشة مارسنا طقوس الانتظار والصبر والفرح والحزن، وفيها تذمرنا من أشياء لم تعجبنا.
في غرفة المعيشة رقصنا فرحًا لأشياء كنا نحلم بها وجاءت إلينا، وفي غرفة المعيشة تجلّت أعظم أحلامنا التي أردنا أن نُحققها، فهذه الغرفة لها مكانة خاصة في قلب كلّ شخصٍ من أفراد العائلة، ولا يُمكن أن يشعر أيّ شخصٍ بالاستقرار والألفة إن لم يجلس بها مع العائلة، وإن لم يُمارس فيها طقوسه العائلية الجميلة، فغرفة المعيشة بالنسبة لنا مكانٌ خاص جدًا.
عندما نكون خارج البيت ثمّ نعود، نهرع فورًا للدخول إلى غرفة المعيشة قبل أيّ غرفة ثانية في البيت؛ لأنّنا نعي جيدًا أنّها المكان الذي يكون فيه الأم والأب والإخوة والأخوات، والمكان الذي يُشعرنا بالأمان العائلي الجميل، والمكان الذي لن يخلو من أيّة إشارة تدلّ علينا، ففي غرفة المعيشة تستيقظ ذكريات الطفولة والأحلام، ونشعر بأنّنا نقترب من أنفسنا وأهلنا أكثر، ونكون جزءًا مهمًا من يومهم وذكرياتهم.
غرفة المعيشة هي الشاهد على جميع الحكايات والقصص العائلية، وهي التي تشهد خصامنا وصلحنا العائلي وأسرارنا وأحاديثنا الجانبية، فنحن فيها نكون على طبيعتنا تمامًا، فهي أكثر مكان يخصّ العائلة، ولا يُسمح للغرباء من الضيوف بالدخول إليها، فلهذه الغرفة حرمة خاصة في البيت، فهي مثل المكان المقدس للجميع، ولهذا نظلّ نهتم بها لأنّها أماننا النفسي العظيم.
من الرائع فعلًا أن نجعل من غرفة المعيشة في البيت كما لو أنّها جنة في كلّ تفصيلة فيها، وأن ننثر فيها الألوان التي نُحبها ونقوم باختيار قطع الأثاث فيها بعناية بالغة، كما لو أنّنا نجهزها ليوم العيد، وأن نحرص على وضع لمساتنا الرائعة فيها، وأن نُزينها بصور العائلة من الكبير إلى الصغير، ولا بأس ببعض الورود والنباتات الخضراء التي نضعها في كلّ زاوية فيها كي تجعلنا نشعر بالربيع الدائم فيها.
غرفة المعيشة هي الغرفة التي نتعامل معها كما يتعامل الأصدقاء مع بعضهم البعض، فهي مرآتنا التي ترانا في جميع أحوالنا، وتُساعدنا على أن نتأمل في الحياة بكلّ ما فيها، لهذا لا يُمكن أن نشعر بالدفء الكامل إن لم نجتمع فيها مع أهلنا في كلّ يوم، وإن لم نشرب بها قهوة الصباح وشاي المساء، ففيها نتابع نشرات الأخبار والمسلسلات، وفيها نُصلّي وندعو، وفيها ننتظر إعلان فرحة العيد في ليلة العيد.
غرفة المعيشة غرفة تجمع ولا تفرق، تعرف مزاج كل فردٍ من أفراد العائلة، وهي شاهدة على اجتماعاتنا العائلية بكلّ حذافيرها، وشاهدة على كلّما نحب ونكره، أحيانًا نغفو على الأريكة فيها بين أفراد عائلتنا، وأحيانًا ندلق الشاي والقهوة على سجادتها ووسائدها، لكنّ هذا كله يجعلها أكثر جمالًا، ويجعلنا نُحبها أكثر وأكثر، ونحلم دومًا أن تظلّ هذه الغرفة الرائعة مجمعًا للأحباب جميعًا.
الخاتمة: غرفة المعيشة موطن جمال العائلة والمنزل
في الختام، ستظلّ غرفة المعيشة موطن جمال العائلة والمنزل، لهذا لا بُد أن نجعلها دومًا أجمل غرفة، ونهتمّ بجميع التفاصيل التي تخصها من أثاثٍ وطلاءٍ للجدران وأدوات تزيد من جمالها؛ لأنّها الغرفة التي تؤثر في نفسياتنا ومزاجنا، لهذا علينا أن نهتم بجعل كل جزءٍ فيها مصدرًا للطاقة الإيجابية الكبيرة، وأن نتخلص من أيُ شيء يجلب الطاقة السلبية.
غرفة المعيشة هي ملاذ العائلة كلها، وإن كانت مصدرًا للجمال والفرح سيتأثر جميع أفراد العائلة بهذا الإحساس الجميل الذي رغم تكراره فيها إلّا أنّه يظلّ متجددًا دومًا.