كيف تحفظ لسانك

كتابة:
كيف تحفظ لسانك

تقوى الله

يجب على المسلم استشعاره لمراقبة الله تعالى له؛ حيث قال الله سبحانه: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)،[١] وعلى المسلم أن يحرص على تقوى الله عزّ وجلّ، وأن يلتزم بالأوامر التي جاءت بها الشريعة الإسلاميّة، والتخلّق بآداب أهل الإيمان، وحفظ اللسان عن الأمور المحرّمة.[٢]


محاسبة النفس

يجدر بالمسلم محاسبة النفس على ما قامت به من الأعمال في الماضي؛ أي أن يحاسب العبد نفسه على الكلمة التي تكلّم بها في مجلسٍ ما، ومحاسبة النفس عليها وعلى المقصود منها؛ أي الرجوع إلى القصد إن كان خيراً أم لا، والتفكير فيها، وتعويد النفس على النطق بكلمةٍ أفضل منها إن كانت غير لائقةٍ في المرات القادمة، وتصحيحها، والاستفادة من ذلك قدر الإمكان.[٢]


الصحبة الصالحة

يجدر بالمسلم مصاحبة من يُعين على الأخلاق الحسنة والكلام اللائق الطيّب، ومثال ذلك؛ أن يتّخذ المرء صديقاً له يلفت نظره إلى الأخطاء التي تقع منه، أو الأقوال التي لا حاجة لها، أو التسرّع فيها، وغير ذلك من الأمور غير المقبولة.[٢]


التمهل قبل التلفظ بالكلام وتذكر عواقبه

حري بالمسلم التفكير في الكلام قبل التكلّم به وإخراجه، فإن كان الكلام ممّا ينفع العبد ويحقّق له المصالح يتكلّم به، ولكن إن كان الكلام يضرّه ويُلحق الأذى به فلا يُقبل منه التكّلم والتحدّث به، وكذلك فإن كان الكلام حسناً ومعروفاً فلا بأس بإخراجه، وإن كان الكلام فيه شرٌّ وضررٌ فلا يتكلّم به، وإن كان العبد جاهلاً بحال الكلام؛ أي إنّه لا يعلم إن كان الكلام شراً أم خيراً فالأفضل له تركه وعدم التحدّث به، وذلك الأولى والأفضل.[٢]


ومن الجدير بالذكر أنّ أهل الصراط المستقيم والسويّ لم يُشغلوا ألسنتهم بالكلام الباطل، وإنّما أشغلوها بالكلام الحسن الطيّب، الذي ينالون به الأجر والثواب في الحياة الآخرة.[٣]


الحرص على الكلام الطيب في كل الأحوال

من الطرق التي تعين المسلم على تجنب آفات اللسان تعويد النفس على التكلّم بالكلام الطيب الحسن؛ حيث حثّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الصحابة -رضي الله عنهم- على ذكر الله تعالى، فقد قال: (لا يَزَالُ لسانُكَ رَطْباً من ذِكْرِ اللهِ).[٤][٢]


كما قال الله تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)،[٥] فالجدير بالمسلم أن يُعوّد لسانه على ذكر الله تعالى، واستغفاره، والتحدّث بالكلام الطيب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتّى يصبح ذلك من عاداته.[٢]


الدعاء والاستعانة بالله

يعد الدعاء من أهمّ العبادات إلى الله تعالى؛ حيث يُمكن للعبد الاستعانة بالله تعالى لكي يطلب منه أن يحفظ لسانه عن كل ما لا يُرضي الله تعالى، ومن الجدير بالذّكر أنّ الدعاء يجعل الدّاعي يستشعر بقربه من الله تعالى واستجابته لدعائه، حيث يقول تبارك وتعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).[٦][٧]


كما أنّ الدّعاء يُحقّق معنى افتقار العبد إلى الله تعالى، ومن خلاله يتبرّأ من حوله وقوّته، بالإضافة إلى لجوئه إلى كرم الله تعالى وعونه في أن يحفظ لسانه عن كلّ باطلٍ وسوء.[٧]


تذكر فضل حفظ اللسان

إنّ اللّسان نعمة عظيمة من الله تعالى؛ حيث قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ)،[٨] ويجب على المسلم أن يستعمل لسانه بما يُرضي الله تعالى، وإلّا كان اللسان ابتلاءً له، حيث قال الله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).[٩]


ومن خلال اللسان يستطيع الإنسان التعبير عن احياجاته وما يُخفيه في نفسه، ممّا يعني أن أثره كبيرٌ إذا سُخّر للخير، وكذلك يترتّب عليه ضررٌ وإثمٌ إذا استُخدم للشرّ، ومن المعلوم أيضاً أنّ اللسان من أسهل الأعضاء حركة وسرعة، فاستخدامه في الأذى أعظم من استخدام اليد، ودليل ذلك تقديم لفظ اللّسان على اليد في قول الرسول -عليه السّلام-: (المسلِمُ من سلمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ).[١٠][١١]


خطورة آفات اللسان

اللسان وسيلة شكر النعم التي منحها الله تعالى لعباده، ولا بُدّ من أن يقترن الشكر باللسان مع قيام العبد بالأعمال التي تُرضي الله عزّ وجلّ، وكلّ كلمةٍ يتكلّم بها الإنسان سيُحاسب عليها، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيراً أو ليصمُتْ)،[١٢] إلّا أنّ العبد قد يصدر منه الكلام الذي يُغضب الله تعالى، وفيما يأتي بيان بعض آفات اللسان، والأخطار المترتّبة عليها:[١٣]


آفة الغيبة

وتعرّف الغيبة بأنّها؛ ذكر العبد لأخيه بالأمور التي يكرهها ويُبغضها، حيث قال الله تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ).[١٤]


والغيبة قد تكون في أمورٍ عديدةٍ؛ فقد تكون في النسب، أو البدن، أو الخُلق، أو الدين، أو المنزل، أو الثياب، وتعدّ غيبة أهل العلم والخير والصلاح من أشدّ وأخطر أنواع الغيبة، حيث قال الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا).[١٥]


آفة النميمة

وتعرّف النميمة بأنّها؛ نقل الكلام بين الناس بقصد الإيقاع بهم والإفساد بينهم، وقد حذّر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- منها، حيث قال: (لا يدخلُ الجنةَ نَمَّامٌ)،[١٦] كما قال الله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ*مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ)،[١٧] فالواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن السيّء من الكلام، ويُحاسب نفسه قبل النطق بالكلام.


آفة الكذب

إنّ المؤمن لا يُقبل منه أن يكون كاذباً بأيّ حالٍ من الأحوال، فالكذب من أبغض الأخلاق وأكثرها سوءاً، حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقاً)،[١٨] ومن أخطر أنواع الكذب؛ الكذب على الرسول عليه الصّلاة والسّلام، ومن أنواع الكذب أيضاً؛ اليمين الغموس التي تغمس صاحبها بنار جهنّم.


ملخّص المقال: ينبغي على كلّ إنسان أن ينتقي ما يقول من الكلمات؛ لأنّ حفظ اللسان من أهمّ الأمور التي حثّت عليها الشريعة الإسلامية، حيث يجب الابتعاد عن الغيبة، والنميمة، والشتيمة، والكذب وغيرها من آفات اللسان، ويعد إطلاق اللسان بما لا يُرضي الله عز وجل من الأخلاق السيئة التي يعود ضررها كلٍّ من على الفرد والمجتمع.


المراجع

  1. سورة الزخرف، آية: 80.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح "امسك عليك لسانك"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2018. بتصرّف.
  3. "حفظ اللسان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2018. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن بسر، الصفحة أو الرقم: 7700، صحيح.
  5. سورة الإسراء، آية: 53.
  6. سورة البقرة، آية:186
  7. ^ أ ب محمد بن إبراهيم الرومي، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 17-20. بتصرّف.
  8. سورة البلد، آية: 8-9.
  9. سورة النور، آية: 24.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:41، صحيح.
  11. "حفظ اللسان"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/8/2021. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6475، صحيح.
  13. "اللسان وآفاته"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2018. بتصرّف.
  14. سورة الحجرات، آية: 12.
  15. سورة النساء، آية: 140.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 105، صحيح.
  17. سورة القلم، آية: 10-11.
  18. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2607، صحيح.
3956 مشاهدة
للأعلى للسفل
×