كيف تحقق تقوى الله
توجد العديد من الأُمور التي يستطيعُ الإنسانُ من خلالها الوصول إلى درجة التَّقوى، ومنها ما يأتي:[١][٢]
- ذكر الله -تعالى-، وشُكره، واتِّباع أوامره، وأوامر رسوله -عليه الصلاةُ والسلام-، والابتعاد عن المُحرَّمات، والالتزام بذلك مع الصَّبر عليها حتى الموت، مع الإكثار من النَّوافل، والمُحافظة على الفرائض.[٣][٤]
- الاتِّصاف بالصِّفات الحميدة ومكارم الأخلاق، والبُعد عن الصِّفات الذَّميمة وسوء الأخلاق؛ ويكونُ ذلك من خلال اتِّباع أوامر الله -تعالى-، واجتناب نواهيه،[٥]وبذلك يحصل الشَّخص على التَّقوى والوقاية من عذاب الله -تعالى-.[٦][٧]
- القيام بالواجبات، وترك الشُّبهات والمُحرَّمات، كما تشمل فعل المندوبات، وترك المكروهات، وهذه أعلى درجات التَّقوى، لِقولهِ -تعالى-: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)،[٨] وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله في تعريف المُتَّقين: إنَّهم الذين يَحْذَرون من الله عقوبتَه في ترك ما يعرفون من الهدى، ويَرجون رحمَته في التَّصديق بما جاء به، وذكر عُمر بن عبد العزيز تعريف التَّقوى: أنَّه ترك المُحرَّمات، وأداء الفرائض، وجاء عن الثَّوري أنَّ المُتَّقين سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يتَّقون ما لا يُتَّقى، وفسَّر ابن مسعود -رضي الله عنه- حق التَّقوى: أنَّه أنْ يُطاع الله -تعالى- فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، وأن يُشكر فلا يُكفر، وأصل التَّقوى معرفة الإنسان ما يجب الإبتعاد عنه واتِّقائه.
- الخشية من الله -تعالى- في السِّر والعلن.
صفات المتَّقين
توجد العديد من الصِّفات التي يتَّصفُ بها المُتَّقين، ومنها ما يأتي:[٩]
- الإيمان بالغيب، وإقامة الصَّلاة، والإنفاق، واهتدائهم بالقُرآن، وجاء ذكرُ هذه الصِّفات في قوله -تعالى-: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).[٨][١٠]
- الإيمان بالله -تعالى-، وملائكته، وأنبيائه، وكُتبه، وإنفاق المال على الأقرباء، واليتامى، والمساكين، والمسافرين، والسَّائلين، وإعتاق الرِّقاب، والوفاء بالعهد، وجاء ذكرُ هذه الصِّفات وغيرها في قوله -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).[١١]
- الصَّبر على طاعة الله -تعالى-، وطلبهم المغفرة منه، والتَّوسُّل إليه، وصدقهم في الأقوال والأفعال، لِقولهِ -تعالى- بعد أن ذكر جزاء المُتَّقين: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ).[١٢]
- الإنفاق في العُسر واليُسر، وكظمهم للغيظ أي حلمهم، وصبرهم على المسيء، والعفو عنه، لِقوله -تعالى-: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).[١٣]
- الإحسان في عباداتهم لخالقهم، وإحسانهم إلى عباده، وقيامهم للَّيل، واستغفارهم في وقت السَّحَر، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).[١٤]
- إعلانهم لإيمانهم بخالقهم، وعدم اغترارهم بأنفُسهم، وعباداتهم، ورؤيتهم لها بالتَّقصير في طلبهم لمغفرة الله -تعالى-.[١٥]
ثمرات تحقيق التَّوى
لِوصول الإنسان إلى درجة التَّقوى الكثير من الثَّمرات التي يحصُل عليها في الدُّنيا والآخِرة، ومنها ما يأتي:[١٦][١٧]
- الانتفاع بالقُرآن، والفوز بهدايته، وتوفيقه لنيل العلم النَّافع، والحُصول على محبَّة الله -تعالى- ومعيَّته، لِقوله -تعالى-: (وَاتَّقُواْ الله وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله مَعَ الْمُتَّقِينَ).[١٨]
- نيل المكانة العالية يوم القيامة عند الله -تعالى-، لِقوله: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).[١٩]
- دُخول الجنَّة، والتنعُّم بما فيها من نعيم، والفوز بها، وبدرجاتها العالية، وتقريبها منهم، والتنعُّم بما فيها، لِقولهِ -تعالى-: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي الله الْمُتَّقِينَ).[٢٠][٢١]
- النَّجاة من العذاب، لِقولهِ -تعالى-: (وَيُنَجِّي الله الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).[٢٢]
- نُزول العون من الله لهم، مع تحقيق الأمن لهم من الخوف من الأعداء، لِقولهِ -تعالى-: (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)[٢٣]
- قبول الأعمال، وحُصول الفلاح، لِقولهِ -تعالى-: (فَاتَّقُواْ الله يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٢٤] مع حفظ صاحبها من الضَّلال بعد الهُدى، والسَّلامة من الخوف والحزن، لِقولهِ -تعالى-: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ).[٢٥]
- نُزول البركات من السَّماء، وإثمارها من الأرض، والحُصول على رحمة الله -تعالى-، لِقوله: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)،[٢٦] كما أنَّها تُثمر الفوز بولاية الله -تعالى-، وتوفيق صاحبها للتَّفريق بين الحقِّ والباطل.
- حماية الإنسان من الشَّيطان وكيده، والحُصول على العاقبة الحسنة، والفوز، والفلاح، والبُشرى في الدُّنيا والآخرة، لِقولهِ -تعالى-: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).[٢٧]
- قبول الأعمال وصلاحها، لِقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)،[٢٨] كما أنَّها سببٌ لإكرام الله -تعالى- لصاحبها، والحُصول على الفرج من كُلِّ الشَّدائد والكُرَب، لِقولهِ -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)،[٢٩] كما أنَّها سببٌ لتيسير الأُمور، وتكفير السيئات، والهُدى والاتِّعاظ بالآيات، لِقولهِ -تعالى-: (هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ).[٣٠]
- البُعد بِصاحبها عن الشَّر وضياع الأمانة، لِقولهِ -تعالى-: (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا)،[٣١] وحفظ خِطابه، وتصرُفاته، لِقولهِ -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).[٣٢]
- البركة في التِّجارة والمال.[٣٣]
- التَّوفيق وتيسير الأُمور، وتكفير الذُنوب، والبِشارة بالعون والنَّصر، ورؤية الله -تعالى- ولقاءه، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ).[٣٤][٣٥]
المراجع
- ↑ صالح بن فوزان (2002)، إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (الطبعة الثالثة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 288، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ زين الدين الحنبلي (2004)، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع ، صفحة 470-478، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ جابر الجزائري، عظات وعبر من أحاديث سيد البشر صلى الله عليه وسلم (الطبعة الأولى)، صفحة 27-28. بتصرّف.
- ↑ خالد الجريسي، ارق نفسك وأهلك بنفسك، صفحة 34، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الخميس (1995)، توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الصميعي، صفحة 61. بتصرّف.
- ↑ أحمد الحازمي، شرح الأصول الثلاثة، صفحة 22، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن الهروي القاري (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 3036، جزء 7. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية: 2-4.
- ↑ سعيد القحطاني، نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسُّنَّة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 329-334، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوّى (1424 هـ )، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 5959، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 177.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 17.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 134.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 15-19.
- ↑ ماهر بن عبد الحميد، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 138، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سعيد القحطاني، نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسُّنَّة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 335-349، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الأمين الجكني الشنقيطي (1995)، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 50-53، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 194.
- ↑ سورة البقرة، آية: 212.
- ↑ سورة النحل، آية: 31.
- ↑ محمد بن إسماعيل بن صلاح الصنعاني، سبل السلام، القاهرة: دار الحديث، صفحة 696، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 61.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 120.
- ↑ سورة المائدة، آية: 100.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 35.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 156.
- ↑ سورة يونس، آية: 62-64.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 70-71.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 138.
- ↑ سورة البقرة، آية: 282.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ↑ أمين الشقاوي (2014)، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (الطبعة الأولى)، صفحة 341، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية: 54-55.
- ↑ مجد الدين الفيروزآبادى (1996)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - لجنة إحياء التراث الإسلامي، صفحة 301-303، جزء 2. بتصرّف.