محتويات
كيف تعرف أن الفرج قريب؟
الأحداث المستقبلية هي أمر في علم الغيب ولا يعلمه إلا الله -تعالى-، يقول الله -تعالى-: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)،[١] والفرج الذي ينتظره الإنسان إنما هو في علم الغيب وهو بيد الله -تعالى-.
وقد يستمر البلاء بأمر الله ليقضي الله أمراً بحكمته يكون خيراً للإنسان من عدم وجود هذا البلاء، وقد يكون الفرج بعيداً ليبتلي الله صبر المؤمنين؛ فمن صبر فله الأجر العظيم والرضا، ومن سخط فله السخط من الله -والعياذ بالله- وعدم الرضا.
علامات اقتراب الفرج
مع العلم بأن الفرج أمر غيبي لا يعلمه إلا الله، ولكن هناك مؤشرات وعلامات تنبئ وتشير إلى اقتراب الفرج ومنها:
- اشتداد الكرب وبأسه، وضيق الأمر على صاحب الكرب حتى يصل إلى مرحلة اليأس، فالفجر لا ينبثق إلا بعد اشتداد الظلام، والولادة لا تأتي إلا بعد مخاض، والنصر يأتي بعد الشدة والبلاء، وقد نقل عن السابقين قولهم: (عِنْد تناهي الشدَّة، تكون الفرجة، وَعند تضايق الْبلَاء، يكون الرخَاء).[٢]
- يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وأنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مع الكَرْبِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا)،[٣] فالفرج لا يأتي إلا مع الكرب وهو وصول الإنسان لمنتهى الحزن والألم في أمر ما، وكل ذلك حتى يتقرب الإنسان من ربه ويتضرع إليه.
- انقطاع الأمل بكل ما قدم الإنسان من حيل مع البشر للتخلص من الهم والكرب، فعندها يؤذن ذلك باقتراب الفرج؛ فلا يبقى إلا حبل الله الممدود، وذلك ليلجأ الإنسان إلى ربه ويتوكل عليه حق التوكل، ويعلم حقاً أنه لا حيلة إلا بيد الله وأن الفرج من عند الله -تعالى-.
- وقد تكون بعض المجريات والأحداث التي تحصل مع الإنسان من الأقدار التي تؤذن باقتراب الفرج، كتغير شيء من الحال، أو تغير بعض الظروف المحيطة بالإنسان، أو تخفيف بعض الأمور عنه في جوانب أخرى غير المصيبة التي ألمت به.
- الرؤيا الصالحة الصادقة التي تبشر الإنسان بزوال الهم والغم أو انفراج الأمر، وزوال الكرب، سواء كانت هذه الرؤيا من الشخص نفسه، أو من غيره من المقربين إليه، فالرؤيا الصالحة من المبشرات التي بقيت من ميراث النبوة.
وسائل وأدوات تعين على اقتراب الفرج
يمكن القول بأن الفرج يمكن استعجال نزوله بعدة أمور ومن ذلك ما يأتي:
- اللجوء إلى الله -تعالى- في أوقات الشدة: وذلك مع إظهار الانكسار والإلحاح على الله بالدعاء وقد يبتلي الله -تعالى- العبد ليجعله متقرباً إلى الله -تعالى- بالدعاء وليرجعه إليه، فقد يكون الابتلاء نعمة عظيمة حيث ترد الإنسان وترجعه إلى ربه وتقوي علاقته بالله.
- كثرة الاستغفار والتوبة إلى الله -تعالى-: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (منْ أكثرَ منَ الاستغفارِ، جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همِّ فرجًا، و منْ كلِّ ضيقٍ مخرجًا، و رزقَهُ منْ حيثِ لا يحتسبْ)،[٤] والاستغفار والتوبة هو دعاء يونس عليه السلام حينما كان في بطن الحوت وهو دعوة الأنبياء لأقوامهم بعد توحيد الله.
- حسن التوكل على الله -تعالى- وإحسان الظن به: وكثرة التفاؤل، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي: (إنَّ اللَّهَ يقولُ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي وأنا معهُ إذا دَعانِي)،[٥] فالعبد إذا ظن أن الله سيفرج همه وأيقن بذلك، رزقه الله ما ظنه بالله وكذلك فمن أساء الظن فله ما أساءه.
- التعرف إلى الله في الرخاء: وذلك سبب لتفريج الهموم عند وقوع الشدائد، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدْه أَمامَكَ، تَعَرَّف إليه في الرَّخاءِ، يَعرِفْك في الشِّدَّةِ، وإذا سأَلتَ؛ فاسأَلِ اللهَ)،[٦] فمن كانت علاقته مع الله دائماً في اتصال قوي لم يتركه الله لحظة احتياج العبد إلى الله، بل يفرج الله همه ويخفف عنه ويجعله راضياً بقضاء الله وقدره.[٧]
- قطع الرجاء من غير الله: إذ إن النفع والضر كله بيد الله فإذا قطع العبد أسباب الرجاء عن العباد والمخلوقات واتصل بخالقه كان حرياً بتعلقه بالله أن يوثق ويقوى، فالله يريد من عباده إخلاص التوجه والاعتماد عليه، يقول الله: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).[٨]
- اليقين بأن الفرج سيحصل، وأن العسر سيزول: لأن دوام الحال من المحال، وعلى الإنسان أن يرضى بقضاء الله وقدره؛ لأن الرضا بابتلاء الله للعبد من قوة الإيمان وعظيم الإحسان.
المراجع
- ↑ سورة النمل، آية:65
- ↑ التنوخي، الفرج بعد الشدة، صفحة 179. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2803، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:8489 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2675، صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2803، صحيح.
- ↑ عطية سالم، شرح الأربعين النووية، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية:2-3