محتويات
اليمين
يسمّى الحَلف يميناً، وهو في اللغة: القَسَم، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فمعنى الحلف أو اليمين هو: التّأكيد على أمرٍ ما بذكر الله تعالى، أو بذكر صفة من صفاته، أو اسم من أسمائه على سبيل التعظيم، ولليمين أحرف يُلفظ بها؛ وهي: الواو؛ كقول الإنسان: والله، وحرف التاء؛ كقول الإنسان: تالله، وحرف الباء؛ كقول الإنسان: بالله.[١] ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي يقسم بها الله -تعالى- على عدّة أمور، والله -عزّ وجلّ- له أن يُقسم بصفة من صفاته أو بأيّ مخلوق من مخلوقاته كذلك، ويُقصد بقَسَم الله -عزّ وجلّ- التعظيم لله والتشريف للمقسم به وتأكيد جواب القسم، أمّا الإنسان فلا يجوز له أن يُقسم بغير الله تعالى، فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (من كان حالفاً فليحلفْ باللهِ أو لِيصمُتْ)، ولليمين ثلاثة أقسام؛ بيانها على النحو الآتي:[٢][١]
- اليمين المنعقدة؛ وهي اليمين على أمر بالمستقبل، وتقع منعقدة وفيها الكفّارة إن حنث صاحبها بها.
- اليمين الغموس؛ وهي اليمين الكاذبة عن أمر ما في الزمن الماضي، وسُمّيت غموس لأنّها تغمس صاحبها في النّار، ولا تجب فيها الكفّارة؛ بل على صاحبها المسارعة في التوبة منها وعدم العودة إلى ذلك.
- اليمين اللّغو؛ وهي إمّا أن تكون على أمرٍ ماضٍ بما يغلب على ظنّ الإنسان، ثمّ يظهر أنّه كان خاطئاً، وهذه اليمين لا حنث فيها ولا كفّارة، وإمّا أن تكون بما يجري على لسان الإنسان عادةً دون أن يكون قاصداً لليمين فعلاً، وهذه لا تنعقد ولا كفّارة فيها ولا يُؤاخذ فيها الإنسان؛ لقول الله -عزّ وجلّ- في القرآن الكريم: (لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ).[٣]
كيفيّة أداء كفّارة اليمين
بيّن الله -عزّ وجلّ- كفّارة اليمين لِمن لزمته؛ فجاء في القرآن الكريم: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[٤] فكفّارة اليمين تكون على عدّة أنواع، وهي:[١]
- إطعام عشرة مساكين بمقدار نصف صاع ممّا يأكل غالب أهل البلد منه.
- كسوة عشرة مساكين.
- عتق رقبة مؤمنة.
والإنسان الذي لزمته كفّارة اليمين يكون مُخيّراً بين الأنواع الثلاثة للكفّارة؛ الإطعام أو الكسوة أو عتق الرقبة، فإن لم يستطع شيئاً منها وجب عليه صوم ثلاثة أيام، ولا يجوز له أن يصوم إن كان قادراً على فعل واحدة من الكفّارات السّابقة، ويجوز لِمن أراد أن يحنث عن يمينه أن يُخرج كفّارتها قبل الحنث أو بعده، فإن اختار أن يخرجها قبل الحنث كانت مُحلّلة لليمين، وإن اختار إخراجها بعد الحنث كانت مكفّرةً له.[١]
وبما أنّ الرّقبة في هذا الزمان تكاد تكون معدومة وغير موجودة؛ فإنّ الإنسان الذي لزمته كفّارة اليمين مخيّر بين الإطعام أو الكسوة، فإن لم يقدر على أيّ منهما وجب عليه حينها صيام ثلاثة أيّام، وقد قدّر العلماء قيمة نصف الصاع الواجب إخراجه في الإطعام بكيلو ونصف من البرّ أو الأرز أو الشّعير أو أي نوع من أنواع الطعام السائد في البلد الذي يعيش فيه الحانث في يمينه، وجوّز العلماء إخراج قيمته بدلاً من عينه، وأمّا فيما يتعلّق بالكسّوة فقد قدّرها العلماء بما يستر العورة ويصلح للصّلاة به.[٥]
الكفّارات
أخذت كلمة الكفّارة في اللغة من: كَفر؛ وهو السّتر أو الغطاء، ومنه قول: كفّر الله خطاياه؛ أي غطّاها وعفا عنها، وهي في الاصطلاح الشرعيّ: ما قدّره الشّرع على الإنسان لجبر خطأ أو نقص، أو ردع عن ذنب ومعصية، وقال العلماء سمّيت كفّارة لأنّها تكفّر عن الذّنب؛ أي تغطّيه وتستره، والكفّارت في الشّرع خمس؛ هي: كفّارة اليمين، وكفّارة الظِّهار، وكفّارة الجِماع في نهار رمضان، وكفّارة الإفطار عمداً في رمضان بغير الجِماع، وكفّارة القتل،[٦][٧] وللكفّارة ثلاث صور؛ بيانها على النحو الآتي[٨]:
- التكّفير بالعِتق؛ وهذه الكفّارة في الظِّهار وفي حنث اليمين ولتكفير الجِماع في نهار رمضان والقتل الخطأ.
- التكّفير بالمال؛ كالإطعام أو الكسوة؛ وقد تكون على صورة نُسك يذبح، وفي كفّارة القيام بمحظور من محظورات الإحرام.
- التكّفير بالصيام؛ وهذه كفّارة حنث اليمين، وكفّارة الجِماع في نهار رمضان، والقيام بأحد محظورات الإحرام، وكفّارة الظِّهار والقتل الخطأ، ويعدّ العِتق وصيام شهرين متتابعين أشدّ أنواع الكفّارات، وأمّا أيسرها وأخفّها فإطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.
حالات وجوب كفّارة اليمين
حتى تجب كفّارة اليمين على الإنسان لا بدّ من توفّر مجموعة من الشروط، وبيانها فيما يأتي:[١]
- أن تكون يمينه يميناً منعقدة.
- أن تكون اليمين على أمرٍ مستقبليّ.
- أن يحنث الإنسان عن يمينه؛ أي أن يفعل شيئاً مُخالفاً لما حلف عليه أو يترك فعل ما حلف على فعله.
- أن يكون الحالف مختاراً في حلفه لا مُجبراً عليها.
- أن يكون الحالف متذكّراً ليمينه والناسي معذور بنسيانه.
شروط اليمين المنعقدة
بما أنّ كفّارة اليمين لا تجب إلّا في اليمين المنعقدة، فلا بدّ من بيان الشروط الواجب توافرها بالشخص الحالف، وهذه الشروط هي:[١]
- البلوغ.
- العقل.
- أن يكون الحلف بالله تعالى.
- أن يكون الحالف مُختاراً غير مُكرهاً.
- أن يكون الحالف قاصداً للحلف.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح أبو أحمد (مهذب)، "الصيد الثمين في أحكام اليمين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6646، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 225.
- ↑ سورة المائدة، آية: 89.
- ↑ "كفارة اليمين المنعقدة وكيفية إخراجها"، fatwa.islamweb.net، 2002-10-12، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-4. بتصرّف.
- ↑ "الكفارة والقضاء"، ar.islamway.net، 2012-8-14، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-4. بتصرّف.
- ↑ "معنى الكفارة في مصطلح الفقهاء"، fatwa.islamweb.net، 2013-4-28، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-4. بتصرّف.
- ↑ أحمد الخليلي، وسعيد القنوبي (2010)، المعتمد في فقه الكفارات (الطبعة الثانية )، صفحة 12-23. بتصرّف.