كيف تنشئ طفل سعيد

كتابة:
كيف تنشئ طفل سعيد

سعادة الطفل

لا أظنّ أنّه يوجد ما يبعث على الطمأنينة والرقّة في النفس أكثر من ابتسامة طفل صغير يُعبّر عمّا يشعر به من سعادة وفرح، وفي ظلّ ما نسمع عنه من انتهاكات واعتداءات وحشيّة على الأطفال من أهاليهم أو أفراد عائلاتهم أو الغرباء المتربّصين بهم تتبادر إلى أذهان الكثير من الآباء والأمّهات تساؤلات عن كيفيّة تحقيق السعادة الفعليّة لأبنائهم قدر الإمكان، دون أن يتسبّب ذلك بإعاقة تربيتهم الصالحة وتنشئتهم ليكونوا أكثر مسؤوليّةً وانضباطًا وانخراطًا في المُجتمع.

في حين أنّ العديد من البالغين قد يرون السعادة في الأوضاع الاقتصاديّة الجيّدة والأموال وما يُمكن شراؤه بها فإنّ الأطفال يجدون السعادة في تحقيق مفاهيم ثلاثة، هي: استقلاليّة الذات والشعور بالحريّة دون الشعور بقدر كبير من التسلُّط من قِبَل البالغين، ثانيًا الشعور بالمرح والمُتعة عند اللعب، وثالثًا الشعور بالانتماء إلى عائلة وبيئة مُحدّدة؛ لذا فإنّ التوازن في هذه العوامل الثلاثة من أهمّ ما يؤثر في سعادة الأطفال، وبناءً على ذلك كيف نُربّي طفلًا سعيدًا؟[١]


ما أسرار تربية الطفل ليكون سعيدًا؟

إنّ جهود الأهل في تربية أطفالهم ليكونوا أكثر نُضجًا ومسؤوليةً ليست أقلّ أهميّةً من الجهود التي يجب الانتباه إليها في تربية الأطفال ليكونوا أكثر سعادةً واستقرارًا في مشاعرهم وعواطفهم، وليس ذلك بمُحاولة جعلهم سُعداء طيلة الوقت، وإنّما بتوجيههم للتعامل مع مُختلف ما يجدونه في أنفسهم من مشاعر ليعيشوا حياتهم بطمأنينة ورضا، وفي إطار ما يُمكن عمله لتحقيق هذا الهدف يُوصى باتّباع الخطوات الآتية:[٢][٣]

  • زرع ثقافة الشكر والامتنان لدى الطفل: ذلك بتقدير جهود الطفل أو إنجازاته الصغيرة وشُكره على ما يفعله، واتّباع ذلك من قِبَل الوالدين أيضًا كعادة وروتين دائم، بتقدير العطايا الجميلة ممّن حولهم، وعدّها أو التحدّث عنها مع بعضهم البعض، وذلك يُساعد في رؤية الجوانب المُشرقة من الحياة، والشعور بالسعادة.
  • تشجيع الطفل على الانخراط في بعض الأنشطة خارج المنزل: خصوصًا التي تكون في الطبيعة ما بين الأعشاب والأشجار، والتي تتضمّن اللعب أو التنزّه أو حتى إتمام بعض الواجبات المدرسية في حديقة المنزل؛ إذ إنّ مثل هذه النشاطات تبعث في نفس الطفل السعادة، وتُقوّي مهاراته الاجتماعيّة التي تُساهم في ما بعد في شعوره برضا أكبر مع نموّه وتطوّره، وتحقيقه لعلاقات اجتماعيّة أكثر صحيّةً مع الآخرين من حوله.
  • تقليل الوقت الذي يمضيه الطفل في الواقع الافتراضيّ: الذي يتضمّن التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعيّ على الهواتف والحواسيب للمُراهقين، إذ إنّ الإفراط في التعامل معها قد يكون سببًا في الشعور بسعادة أقلّ، ولأنّ هذه المواقع أصبحت جُزءًا لا يُمكن الاستغناء عنه فلا يُمكن منعهم من استعمالها، وإنّما ضبط وقت استعمالها لساعتين أو ما شابه، بما يتّفق عليه الأهل مع أطفالهم، وذلك بالتزامن مع تشجيعهم على الانخراط في العلاقات الاجتماعيّة والتفاعل مع الأصدقاء على أرض الواقع.
  • ضبط بعض الأنشطة الروتينيّة: التي تُرسّخ العادات الصحيّة الجيّدة للأطفال؛ وذلك لما للروتين اليوميّ من أهمية وتأثير في حياتهم، وتتضمّن الأنشطة تنظيف الأسنان، أو مُمارسة الرياضة، أو الذهاب إلى النوم في موعد مُحدّد والنوم لساعات كافية، والقيام ببعض الواجبات المنزليّة المُناسبة لعُمر الطفل.
  • تشجيع الطفل على تعلّم مهارات جديدة: مع دعمه ومُساندته، وإعطائه المساحة الكافية للتجربة، بالتزامن مع وجود أحد الوالدين لتوجيهه وتصويبه إن لزم الأمر، بالإضافة إلى تذكير الطفل أنّ المهارات الجديدة تتطلّب وقتًا والعديد من المُحاولات التي لا بأس إن فشل الطفل في بعضها طالما أنّه يُحاول.
  • أن يكون الأهل مثالًا يُحتذى به لطفلهم: ذلك من أفضل الطرق التي تُساعد الطفل على رؤية السعادة في والديه، ومُعاينة الأنشطة والأعمال التي ترتبط بالسعادة لديهم، بالإضافة إلى مُشاهدته لمهارات التعامل مع المشكلات والتحدّيات والمواقف المُختلفة، وطريقة تصرّف والديه فيها، مما يُرسّخ لديه هذه المهارات ويُساعده على تعلّمها واستخدامها في حياته.
  • تناول وجبات الطعام مع الطفل: لو كان ذلك صعبًا لانشغال والديه أو باقي أفراد عائلته فلا بأس ببضع وجبات خلال الأسبوع الواحد؛ إذ إنّ اجتماع العائلة على مائدة واحدة يُقوّي العلاقات ما بين الأفراد، ويُساعد في تربية أطفال سعيدين أكثر، ويُقلّل من احتماليّة تعاطيهم للمواد الممنوعة أو إصابتهم بالسّمنة واضطرابات الأكل المُختلفة.
  • مُساعدة الآخرين: في الحقيقة ذلك يجلب النفع والسعادة للوالدين والأطفال سويًّا؛ إذ إنّ الإيثار والعطاء والتطوّع أمور لطالما ارتبطت بالشعور بالسعادة والتصرّف بلُطف وإنسانيّة أكثر مع الآخرين؛ لذا فإنّ انضمام العائلة إلى بعض الأنشطة التطوعيّة أو المُنافسة في ما بينهم لمن يتصدّق أو يتبرّع أو يُساعد الآخرين أكثر من بين أفراد العائلة يمنح السعادة على المدى القصير والبعيد أيضًا في حياة الطفل عندما يكبر.
  • مُساعدة الطفل في التعرّف على مشاعره وفهمها: يُساعد ذلك في تقوية الذكاء العاطفي لدى الطفل، ناهيك عن دوره في إسعاده، ويكون ذلك بمُلاحظة ما يشعر به والتفاعل معه، كأن تذكر الأم لطفلها أنّها تشعر بالفرح لرؤيته سعيدًا، أو عندما يُعلّق الأب على حُزن طفله ويربطه بالسبب الذي جعله يشعر بالحُزن، بالإضافة إلى مُحاولة تعريفه ملامح الوجه المُرتبطة بكلّ شعور على حدة.


ما العلاقة بين صحة الطفل وشعوره بالسعادة؟

من المنطقيّ جدًّا أنّ سعادة الأطفال وراحتهم تنعكس إيجابًا على صحّتهم، بمثل ما قد يكون أيضًا لصحّتهم الجيّدة من دور في منحهم الشعور بالسعادة والرضا، ويظهر ذلك في العديد من الأنشطة الجسديّة والصحيّة -التي ذُكرت مُسبقًا- التي تُحافظ على جسم الطفل وارتباطها بشعوره بالسعادة، كالأطعمة الصحيّة، ومُمارسة الرياضة والتمارين، والنوم بانتظام، كما أنّ هرمون السعادة (الإندورفين) الذي يُفرز في الجسم عند الفرح والضحك يُساعد أيضًا في دعم المناعة ومُحاربة الأمراض وأنواع العدوى المُختلفة، وتقليل هرمون التوتّر (الكورتيزول) المُرتبط بإضعافه للمناعة.

من ناحية أُخرى يُمكن تقييم العلاقة ما بين الصحّة والسعادة لدى الأطفال بمُعاينة المشكلات المُحتمل حدوثها للأطفال الأقلّ سعادةً، والتي تتضمّن اضطرابات الأمعاء وارتفاع ضغط الدم وضعف المناعة، الناجمة عن التوتّر والضغوطات والحُزن المتواصل وعدم التواصل بما يكفي مع الوالدين، ناهيك عمّا قد تُلحقه مثل هذه الأحوال من مشكلات في صحّة الطفل النفسيّة، وما ينجم عنها من مُضاعفات في حياته الحالية والمُستقبليّة.[٤]


المراجع

  1. Jon Lasser (1-3-2018), "How to Raise Happy Kids"، psychologytoday, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  2. Catherine Palomino (29-3-2019), "How to Raise Happy Children"، wikihow, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  3. Amy Morin (19-3-2020), "How to Raise Happy Kids for Success in Life"، verywellfamily, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  4. Mina Dilip, "Effect Of Happiness On The Physical Health Of Children"، parentcircle, Retrieved 28-7-2020. Edited.
4064 مشاهدة
للأعلى للسفل
×