محتويات
كيف عاش سيدنا يونس في بطن الحوت؟
بعد أن قفز سيّدنا يونس إلى البحر جاء حوتٌ والتقمه مسرعًا، وقد ورد في الآثار أن الله -تعالى- أوحى له أن لا يكسر فيه عظمًا ولا يهشّم فيه لحمًا؛ فإنّه ليس رزقًا له، لكنّ بطن الحوت كان بمنزلة السّجن لسيّدنا يونس -عليه السّلام-، ولبث خلال وجوده في بطنه في ظلمات ثلاث؛ الأولى هي ظلمة بطن الحوت، والثانية ظلمة البحر، والثالثة ظلمة الليل.[١]
وقيل: إنّ حوتًا آخر قد ابتلع الحوت الذي ابتلع سيّدنا يونس، فتكون الظلمات هي بطنيّ الحوت الأول والثاني ثم ظلمة البحر، وعندما استقرّ سيدنا يونس في بطن الحوت الذي طاف به البحار ظنّ أنّه قد مات، فجعل يحرّك رأسه وأطرافه وهي تتحرّك فعلم أنّه ما زال حيًا، فقام ليصلي ويدعو الله -تعالى-.[٢]
كم لبث سيدنا يونس في بطن الحوت
اختُلف في المدّة التي لبثها يونس -عليه السلام- في بطن الحوت؛ فقد ورد عن مالك بن غزوان الغفاري، وعكرمة مولى عباس أنّه لبث أربعين يومًا، وعن عطاء وسعيد بن جبير أنّه لبث سبعة أيام، كما ورد عن قتادة بن دعامة أنّ المدّة كانت ثلاثة أيام فقط، وورد أنّه لم يبت في بطن الحوت؛ فقد التقمه في الضحى ولفظه في العشيّة، وورد غير ذلك.[٣]
دعاء سيدنا يونس في بطن الحوت
قال -تعالى-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[٤] فبعد استقرار سيّدنا يونس في بطن الحوت؛ أخذ يدعو الله -تعالى- بهذا الدّعاء، فاستجاب له الله -تعالى- وأخرجه من بطن الحوت، وهو دعاء عظيم ما دعا به مؤمن إلا استجاب الله له، كما ورد في سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.[٥]
وفي هذا الدّعاء ما يدلّ على كمال عبوديّة سيّدنا يونس لربه وتوحيده له من كلّ الوجوه؛ أولها إثبات اختصاص الله وحده بالألوهيّة والربوبية، وذلك فحوى قوله: (لا إله إلا أنت)، ثمّ تنزيه الله -جلّ في علاه- عن كلّ نقص أو عيب، وذلك معنى قوله: (سبحانك)؛ التي فيها توحيد للأسماء وللصّفات، ثم الاعتراف منه بالذنب وطلب العفو والمغفرة من الله -تعالى- المستحقّ لكمال العبادة.[٦]
غضب سيدنا يونس من قومه
دعا سيّدنا يونس قومه إلى عبادة الله -تعالى- وحده لا شريك له، فلم يستجيبوا له حتى أنّهم تمادوا في الكفر والعناد؛ فغاضبهم -عليه السلام- وخرج من بين أظهرهم وركب سفينة، وبينما كان الركاب في البحر علت الأمواج فخافوا أن تغرق السّفينة؛ فاقترعوا ليلقوا أحدًا منهم في الماء، فوقعت القرعة على سيّدنا يونس، فألقى نفسه في البحر والتقمه الحوت.[١]
قصة سيّدنا يونس في القرآن الكريم
ورد الحديث عن سيّدنا يونس -عليه السّلام- في القرآن الكريم في أكثر من موضع منها ما ورد في سورة الصّافات، قال -تعالى-: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ* فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ).[٧]
المراجع
- ^ أ ب أنور بن أهل الله، كتاب الاعتصام بالله سبيل النجاة/ الجزء 1، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ الثعلبي، كتاب تفسير الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن/ الجزء 6، صفحة 303. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة التفسير المأثور/ الجزء 18، صفحة 707. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87
- ↑ ابن كثير، كتاب تفسير ابن كثير، ت السلامة/ الجزء 5، صفحة 368. بتصرّف.
- ↑ ماهر بن عبد الحميد بن مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة/ الجزء 1، صفحة 210. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات ، آية:139-146