يتحدث الطبيب قيس أبو طه في هذا المقال حول المضاعفات التي قد تصيب الطفل الماب بالسكري، وخاصة انخفاض سكر الدم Hypoglycaemia، وكيف يتم وقايته ذلك، اليكم التفاصيل:
إن أخطر المضاعفات التي قد تصيب الطفل أو الطالب في أي مكان و زمان وبشكل مفاجيء هي الهبوط الحاد لجلوكوز الدم، إذن ببساطة بالغة فإن تحاشي أسباب الهبوط الحاد أو المفاجيء هو أن نتحاشى هذه الأسباب.
قبل أن نستعرض هذه الأسباب يجب أن نعود ببساطة الى بعض الحقائق العلمية و نذكر أن ضبط نسبة الجلوكوز في الدم يعتمد على التوازن بين كمية الأنسولين التي يحقنها الطفل أو الطالب كعلاج لحالته و عوامل أخرى أهمها كمية الطعام التي يتناولها الطفل و المجهود الجسدي الذي يبذله الطفل بعد حقنة الأنسولين. المزيد في: الانسولين وادوية خفض السكر في الدم وكيف نتناولها
أسباب الهبوط الحاد لجلوكوز الدم
إذن فما هي أهم الأسباب لهبوط الجلوكوز في الدم لدى الطفل المصاب بالسكري وكيف يمكن تجنبها؟ إليك الآتي:
1- أن يحدد الطبيب المعالج جرعة الأنسولين من النوع السريع أو الفائق الفعالية قبل كل وجبة، وكلنا يعلم أن الطفل أو الطالب في بعض الأحيان لا يتناول وجبته أو لا يتناول وجبته كاملة، وهذا من شأنه أن يسبب هبوطاً في نسبة الجلوكوز في الدم يتناسب مع جرعة الأنسولين وكمية الطعام المأكول.
لذلك أنصح أن تعطى جرعة الأنسولين بعد أن ينتهي الطفل من تناول وجبته بحيث يمكن ان نقلل الجرعة حسب كمية الطعام. وقد يعترض البعض لأنه من المعروف ان معظم التوصيات تقول أن الأنسولين يعطى قبل الأكل، هذا صحيح لمعظم أنواع الأنسولين، ولكن الأنسولين المعروف بأنه فائق الفعالية يبدأ تأثيره في الجسم بعد خمس دقائق تقريباً، ولذلك لو أعطي قبل أو بعد تناول الطعام فإن الفرق يكاد لا يذكر. المزيد في: علاج مرض السكري من النوع الاول والسيطرة عليه
2- إذا مارس الطفل أو الطالب مجهوداً جسدياً كبيراً كما يحدث في حصة الرياضة مثلاً، فإن العضلات سوف تأخذ كمية كبيرة من جلوكوز الدم لتحويلها الى طاقة تحرك العضلات، بينما الأنسولين يعمل هو أيضاً عَلى خفض الجلوكوز من الدم، هذان العاملان مجتمعان سوف يسببان الهبوط الحاد لجلوكوز الدم.
3- الحمام الحار بعد تناول جرعة الأنسولين قد يسبب الهبوط الحاد.
4- أما السبب الأكثر شيوعاً هو أن يأخذ الطفل أو الطالب بالخطأ جرعة من الأنسولين أكبر من الجرعة المحددة، وقد تتعدد الأسباب، فقد يعطى الطفل قبل الافطار الجرعة المحددة للغداء والتي تكون عادة أكبر من جرعة الإفطار.
لعل تحاشي هذه العوامل الواضحة تمنع حدوث الهبوط الحاد الذي من الممكن جداً أن يتطور إلى الهبوط الشديد الذي قد يكون خطراً على حياة الطفل. المزيد في: ما الجديد في علاجات السكري؟
ولعله من الضروري هنا أن نتكلم ببعض التفاصيل عن العلامات والأعراض لهبوط جلوكوز الدم. ومن حسن حظ المريض و حكمة من الله أن العلامات والأعراض التي تبدأ بالحدوث اولاً هي الأعراض الجسدية والتي يطلق عليها الباحثون العلامات و الأعراض "أوتونوميك". فعندما تبدأ نسبة جلوكوز الدم بالإنخفاض أقل من المعدلات الطبيعية فإن أعصاب حسية متخصصة في جهازنا العصبي تبلغ المخ بهذا الانخفاض والذي بدوره يرسل إشارات للغدة الكظرية لكي تزيد من إفراز هرمون الأدرينالين وهرمونات أخرى الى الدورة الدموية لكي تعدل من نسبة الجلوكوز في الدم، كما أن وجود هذه الهرمونات الزائدة في الدم ينتج عنه العلامات والأعراض الأولية لإنخفاض جلوكوز الدم ، مثل التعرق الشديد و الرجفان وتسرع النبض والشحوب و الجوع… وحتى هذه اللحظة فان المريض يكون واعيا ومنتبهاً و بالتالي يستطيع هو أو من حوله من الناس أن يلاحظها، وهكذا يمكن تدارك الأمر، وسوف نفرد موضوعاً مستقلاً عن علاج هبوط جلوكوز الدم.
أما اذا استمر هبوط نسبة الجلوكوز اكثر وأكثر ولم تستطع هذه الإجراءات الهرمونية من علاج الحالة، أو أن المريض لم يستطع اتخاذ العلاج اللازم بسرعة او ان جرعة الأنسولين كانت كبيرة جداً فإن أعراض وعلامات اخرى تبدأ بالظهور وهي الأعراض المخية. ان الغذاء الأساسي للمخ يأتي من الجلوكوز، فعندما تنخفض نسبة الجلوكوز في الدم الى حوالي ٣٥٪ ، وهذا الرقم يختلف من مريض الى اخر، فان خلايا المخ تبدأ بالتأثر وتبدا أعراضاً وعلامات خطيرة بالظهور مثل تصرفات غير عادية ، مشوش، عدم القدرة على التركيز، دوخة، يبدأ المريض بفقدان الوعي وقد يصاب بتشنجات في كل الجسم، وهذه العلامات تعني ان المريض في حالة خطرة جدا وتحتاج الى اسعاف سريع في اقرب مستشفى بعد إجراء الإسعافات الأولية اللازمة التي سوف نفرد لها موضوعا مستقلاً. كيف توفرون الامان والراحة لاطفالكم المصابون بالسكري!
وهنا أودّ ان أؤكد على الحكمة الربانية أن الأعراض والعلامات الجسدية عادة تبدأ أولاً ويمكن تميزها وعلاجها وذلك كأنه إنذار لتدارك الامر قبل العلامات والأعراض المخية الخطيرة.