كيف نصلي الشفع والوتر
صلاة الوتر ركعةٌ تُصلّى بعد الشفع بعد صلاة العِشاء،[١] وسُمّيت بذلك؛ لأنّها تُصلّى وتراً؛ أي بعددٍ فردي.[٢] وأمّا الشفع فهي ركعتان من الصلاة، وهي تُضمُّ إلى الوتر،[٣] ويجدر بالذكر أنّ مقدارُ صلاة الوتر عند الحنفيّة ثلاث ركعات، تُصلّى مرةً واحدة بِسلامٍ واحد، كصلاة المغرب، واستدلوا بفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُوتِرُ بثلاثٍ لا يُسَلِّمُ إلا في آخرِهِنَّ)،[٤] وتكون بتشهُّدين، ويقرأ الفاتحة وسورة بعدها في الركعات الثلاث، ثُمّ يقنت بعد القراءة وقبل الرُّكوع في الركعة الثالثة.[٥]
وأمّا المالكيّة فيرون أنّها ركعة واحدة، وقبلها صلاةُ الشفع ركعتين، ويفصل بينهما بسلام، ويرى الحنابلة أنّها ركعة واحدة مع جواز الزيادة على ذلك، وأمّا الشافعيّة فيرون أنّ أقل الوتر ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، وتكون بصلاة الشفع لوحدها، ثُمّ الوتر لوحده، لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفصِلُ بينَ الشَّفعِ والوَترِ بتَسليمةٍ ليُسمِعَناها)،[٦] فيجوزُ صلاتُها بخمس ركعات، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة ركعة، وورد كُل ذلك عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-،[٥]وتُصلّى الوتر بالوصل والفصل، وهي كما يأتي:[٧]
- الوتر بركعةٍ واحدة، فتُصلّى واحِدة بِسلامٍ واحد.
- الوتر بثلاث ركعات، ولها ثلاث صور؛ الأولى أن يفصل الشّفع بالسّلام، ثُمّ يُصلّي ركعة لوحدها، ويُكره ما عدا ذلك عند المالكية إلا للاقتداء بالإمام، والفصل أفضل عند الشافعية والحنابلة، وأجاز الحنابلة تأخير الوتر عن الشفع، والصورة الثانية عند الشافعية والحنابلة أن يُصلّي الثلاث ركعات مُتّصلة؛ من غير فصلٍ بينها بسلامٍ ولا جُلوس، والصورة الثالثة تكون في الهيئة كصلاة المغرب، بأن يجلس المُصلّي بعد الركعتين للتشهُّد، ويُسلّم بعد الركعة الثالثة، ولكنّه يقرأ في الركعة الثالثة سورة بعد الفاتحة، وهو قول الحنفيّة.
- الوتر بأكثر من ثلاثِ ركعات، فذهب الشافعيّة إلى صلاتها ركعتين ركعتين، كما يجوز صلاتها أربع ركعاتٍ بِسلامٍ واحِد، وذهب الحنابلة إلى أنّ من أوتر بخمس أو سبع ركعات فالأفضل أن يُصلّيها مرة واحدة سرداً، لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِهَا)،[٨] وإن أوتر بتسع ركعات، فالأفضل أن يُصلّي ثماني ركعاتٍ مُتّصلة، ثُمّ يجلس للتشهُّد من غير سلام، ثُمّ يُصلّي الركعة التاسعة ويُسلّم، وإن صلاها إحدى عشرة ركعة، فالأفضل أن يُسلّم بعد كُلِّ ركعتين.
حكم صلاة الوتر
ذهب جمهور الفُقهاء إلى أنّ حكم صلاة الوتر سُنةٌ مؤكدة، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- للرّجل الذي سألهُ عن الإسلام: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ)،[٩] وأمّا الحنفيّة فذهبوا إلى وجوب صلاة الوتر، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا، الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا، الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا)،[١٠][١١] وممّا يؤكّدُ على أهميّتها فعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لها ومُحافظتهِ عليها.[١٢]
وقت صلاة الشفع والوتر
أجمع العُلماء على أنّ صلاة الوتر تبدأ من بعد صلاةِ العِشاء إلى صلاة الفجر، وممّا يدلُّ على انتهائها بِطلوع الفجر قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)،[١٣] وصلاة الوتر في آخر الليل أفضل من أوله، ويُستحبّ صلاتها في أول الليل لمن غلب على ظنّه عدم القيام في آخره،[١٤] وهذا الوقت ثابت حتّى وإن جمع المسلم المغرب مع العِشاء، ومن الأدلة على أفضليّة الوتر آخر الليل قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)،[١٥] فيتحرّى المسلم بذلك أوقات الأفضليّة.[١٦] والأصل والسّنة تقديم صلاة الشفع على الوتر،[١٧] ويجوز أداؤها بعد صلاة الوتر إذا أوتر المسلم في أوّل الليل، ثُمّ نام واستيقظ لقيام الليل.[١٨]
المراجع
- ↑ أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، القاهرة: عالم الكتب، صفحة 2396، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ كمال بن السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 381، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد عميم الإحسان المجددي البركتي (2003)، التعريفات الفقهية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 123. بتصرّف.
- ↑ رواه العيني، في عمدة القاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 7/5، صحيح.
- ^ أ ب وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1011-1013، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 327، صحيح.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 295-297، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 737، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 2678، صحيح.
- ↑ رواه العيني، في عمدة القاري، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 7/16، صحيح.
- ↑ عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 350-352، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 289-290، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 990، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1424 هـ )، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 64-65، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 629-631، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ ابن دقيق العيد ، إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام، القاهرة: مطبعة السنة المحمدية، صفحة 317، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني (1993)، نيل الأوطار (الطبعة الأولى)، مصر: دار الحديث، صفحة 57، جزء 3. بتصرّف.