كيف نصلي صلاة قيام الليل وكم عدد ركعاتها

كتابة:
كيف نصلي صلاة قيام الليل وكم عدد ركعاتها

كيفيّة صلاة قيام الليل

تُؤدّى صلاة قيام الليل ركعتَين ركعتَين؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ. فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ)،[١] وعنه أيضاً: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله تعالَى عليه وسلم قال: صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنَى مثنَى).،[٢][٣]

ويُستحبّ للمسلم خَتْم قيام الليل بأداء الوتْر، لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا)،[٤][٥] والتسليم يكون بين كل ركعتين في صلاة القيام، أي لا تكون الصلاة على هيئة صلاتي الظُّهر أو العصر؛ اقتداءً بفَعْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.[٦]

ويجدر بالذكر أنّ رسول الله عليه السلام كان يطيل السجود في صلاة قيام الليل، فقد روت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلكَ صَلَاتَهُ -تَعْنِي باللَّيْلِ- فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِن ذلكَ قَدْرَ ما يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ).[٧]

ويُشار إلى أهمية الحرص على عدم إلحاق المشقّة بالمُصلّين إن كان قيام الليل في جماعةٍ، وإنّما تكون الإطالة في صلاة المنفرد الذي يقوى على الإطالة، ويُمكن للمسلم أن يصلّي ما شاء من الركعات في قيامه، وفي أي وقتٍ من الليل،[٨] ويبدأ وقت قيام الليل بعد أداء صلاة العشاء، ويستمرّ إلى أذان الفجر، فيُدرك القيام في أي وقتٍ بين العشاء والفجر.[٩]

عدد ركعات قيام الليل

لم يرد نصٌّ شرعي يحدّد عدداً معيّناً لركعات قيام الليل، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يصلّي إحدى عشرة ركعةً أو ثلاث عشرة ركعةً؛ فعن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي فِيما بيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِن صَلَاةِ العِشَاءِ، وَهي الَّتي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ، إلى الفَجْرِ، إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بوَاحِدَةٍ، فَإِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ مِن صَلَاةِ الفَجْرِ، وَتَبَيَّنَ له الفَجْرُ، وَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، حتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ).[١٠][١١]

كما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُقيم الليل ثلاثة عشر ركعةً، إذ قال: (فَتَتَامَّتْ صَلَاةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حتَّى نَفَخَ، وَكانَ إذَا نَامَ نَفَخَ، فأتَاهُ بلَالٌ فَآذَنَهُ بالصَّلَاةِ، فَقَامَ فَصَلَّى).[١٢][١٣]

وتجدر الإشارة إلى أنّ أقلّ عدد ركعات لقيام الليل ركعَتين، أما أكثر ركعاته فلم يرد نصٌّ من السنّة النبويّة يدلّ على أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- حدّد عدد ركعات صلاة القيام.[١٤]

فَضْل قيام الليل

يعدّ قيام الليل من أفضل الأعمال الصالحة وأفضل الصلوات بعد الصلاة المكتوبة التي يتقرّب بها العبد من ربّه -عزّ وجلّ-، وقد حثّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- المسلمين على قيام الليل؛ فقال: (أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ)[١٥][١٦]

وقيام الليل سنّةٌ مؤكّدةٌ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وقد دلّت العديد من النّصوص الشرعيّة على ذلك، كما وعد الله -تعالى- مُقيم الليل بالأجر العظيم، والثواب الجزيل، قال -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا).[١٧]

وقال الله -سبحانه-: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[١٨] وغيرهما من الآيات التي تُبيّن عظيم الأجر الذي ينتظر مَن يُقيم الليل تضرّعاً وخشيةً وتقرّباً من الله -تعالى-.[١٩]

ماذا تفعل لتشجع نفسك على قيام الليل وما نصائحك لي كي أداوم على صلاة القيام؟

الحِكمة من مشروعيّة قيام الليل

شرع الله -سُبحانه- قيام الليل لحكمةٍ أرادها، وتعود على عباده بالخير في الدنيا والآخرة، وبيان بعض هذه الحِكم فيما يأتي:

  • الإقبال على العبادة بخشوعٍ وخضوعٍ لله -تعالى- دون الانشغال بمُلهيات الحياة الدُّنيا، وشهواتها، وهمومها، حيث يتميّز الليل بالسّكينة والهدوء، وهذا يُساعد المسلم على التقرّب من الله -تعالى- براحةٍ وطمأنينةٍ.[٢٠]
وقيام الليل من العبادات التي يكون الإخلاص فيها لله -تعالى- بأسمى درجاته وصوره؛ بسبب عُزلة العبد عن العالم الخارجيّ، فيكون وقع قيام الليل وأثره الطيّب على العبد كبير، وتتجلّى الخشية والرًّهبة من الله أكثر من أيّ وقتٍ آخرٍ، قال -تعالى-: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلً).[٢١][٢٢]
  • تثبيت الإيمان في قلوب العباد، ونَيْل رحمة الله -عزّ وجلّ- ونصره وتأييده في أمور الدُّنيا والآخرة.[٢٣]
  • قيام الليل من أفضل الأوقات لمُراجعة ما تمّ حِفْظه من القرآن الكريم، فغالباً ما يكون الذّهن في ذلك الوقت صافياً وقادراً على مراجعة وتثبيت الحفظ.[٢٤]

الفرق بين قيام الليل والتهجد والتراويح

ذكر أهل العلم عدّة أمور في التمييز بين كلّ من قيام الليل والتهجد والتراويح، وبيان ذلك فيما يأتي:[٢٥]

  • قيام الليل

يكون قيام الليل بقضاء الليل أو جزء منه في العبادة؛ أي لا يُشترط أن يستغرق القيام الليل كله، وليس خاصاً بالصلاة فقط، فيُمكن أن يكون قيام الليل بالصلاة وقراءة القرآن وذكر الله -تعالى- وأي عبادة أخرى.

  • التهجّد

أطلق أكثر الفقهاء التهجّد على صلاة الليل مطلقاً، وقيّده بعض أهل العلم بالصلاة بعد النوم؛ فقالوا إنّ التهجّد لا يكون إلا بأداء صلاة القيام بعد رقدة، ومن هنا يتبيّن أنّ قيام الليل أعمّ من التهجّد؛ لأنه يشمل الصلاة وغيرها من العبادات، بينما التهجد يُطلق على الصلاة فقط.

  • التراويح

يُطلق التراويح على صلاة القيام التي تؤدّى بعد صلاة العشاء في شهر رمضان المبارك، وقد قال ابن باز -رحمه الله-: "أما التراويح: فهي تطلق عند العلماء على قيام الليل في رمضان أول الليل، مع مراعاة التخفيف وعدم الإطالة، ويجوز أن تسمى تهجدا، وأن تسمى قياما لليل، ولا مشاحة في ذلك".

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
  2. رواه البخاري، في خلاصة البدر المنير، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/182، صحيح.
  3. محمد عويضة، الضياء اللامع من صحيح الكتب الستة وصحيح الجامع، صفحة 312. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 998، صحيح.
  5. مجموعة من الباحثين، الموسوعة الفقهية، صفحة 171، جزء 1. بتصرّف.
  6. عبد الله الروقي (2014م)، فقه عمل اليوم والليلة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: دار التدمرية، صفحة 258. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 994، صحيح.
  8. مصطفى العدوى، دروس للشيخ مصطفى العدوي، صفحة 37، جزء 38. بتصرّف.
  9. لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 9063، جزء11. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، صحيح.
  11. سعيد القحطاني، صلاة التطوع، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 123. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 763، صحيح.
  13. موسى شاهين (2002م)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، عمان-الاردن: دار الشروق، صفحة 563، جزء 3. بتصرّف.
  14. عبد الله الرحيلي، دعوة إلى السنة في تطبيق السنة منهجا وأسلوباً، المملكة العربية السعودية: مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 107. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
  16. سعيد القحطاني، قيام الليل - فضله، وآدابه، والأسباب المعينة عليه في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12. بتصرّف.
  17. سورة الإسراء، آية: 79.
  18. سورة الزمر، آية: 9.
  19. عبدالله القصير (1421هـ)، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 49. بتصرّف.
  20. محمد يعقوب (2005م)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، الأردن: مكتبة التقوى، صفحة 218. بتصرّف.
  21. سورة المزمل، آية: 6.
  22. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، عمان-الاردن: بيت الأفكار الدولية، صفحة 606، جزء 2. بتصرّف.
  23. محمد حسان، دروس للشيخ محمد حسان، صفحة 3، جزء 138. بتصرّف.
  24. عبد السلام مجبرى، إذهاب الحزن وشفاء الصدر السقيم، القاهرة: دار الإيمان، صفحة 209. بتصرّف.
  25. "هل هناك فرق بين التهجد وقيام الليل"، الإسلام سؤال وجواب، 28-01-2010، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2022. بتصرّف.
6623 مشاهدة
للأعلى للسفل
×