ماء زمزم
يُعدّ بئر زمزم الموجود في داخل الحرم المكيّ الشريف من أهمّ معالم بيت الله الحرام الدينية وأبرزها، إذ يعود هذا البئر إلى عهد إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- واستمرّ في التدفق حتى العصر الحالي وإن طُمر فترةً من الزمن في العصر الجاهلي حتى أعاد عبد المطلب بن مناف جدّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفره بناءً على رؤيا رآها في منامه، ويُعتبر ماء زمزم من أفضل وأطهر وأقدس المياه الموجودة على سطح الأرض؛ فقد أشارت الدراسات إلى تميزه عن غيره لذا تعددت استخداماته ومن أبرزها الاستشفاء بماء زمزم، وهذا المقال يسلط الضوء على كيف يتم الاستشفاء بماء زمزم.
كيف يتم الاستشفاء بماء زمزم
ماء زمزم من الماء المبارك والذي يحمل الشفاء من الأمراض النفسية والعضوية، فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي ذرٍّ الغفاري -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"زمزمُ طعامُ طُعمٍ، وشفاءُ سُقمٍ" [١]، إذ يشير هذا الحديث وغيره من الأحاديث النبوية الصحيحة إلى حقيقةٍ ثابتةٍ وهي جواز الاستشفاء بماء زمزم وفائدة هذا الماء في تحقيق أو تعجيل الشفاء إذا استُخدم بشكلٍ مستقلٍّ بشرط أن يتناول المرء ماء زمزم بنية التداوي وطلب الشفاء من المرض -والنية محلها القلب- وذلك انطلاقًا مما جاء في الحديث الشريف الذي حسّنه عددٌ من المحدِّثين كالألباني والحافظ وغيرهما فعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ماءُ زمزمَ لما شُرِبَ له" [٢]، وتعدُّ هذه الطريقة الأولى في الاستشفاء بماء زمزم وهي شربه على نية الشفاء من أي مرضٍ. [٣]
من الأساليب المتّبعة أيضًا في الاستشفاء بماء زمزم وهي زيادة فضلٍ على فضلٍ الجمع ما بين ماء زمزم والقرآن الكريم من خلال قراءة القرآن الكريم على وعاءٍ فيه ماء زمزم ثم الشرب به، وللمريض قراءة ما يشاء من القرآن الكريم إذ إنّ الشفاء ثابتٌ في جميع آياته استنادًا إلى قوله تعالى: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"[٤] ولمزيدٍ من الفضل يستطيع المريض قراءة آيات الرقية الشرعية على ماء زمزم مع التقيُّد بتعاليمها النبوية ثم شُرب الماء المقروء عليه كما يمكن للمسلم قراءة آيات الشفاء الواردة في القرآن على ماء زمزم ثم شربه، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- منفعة الجمع بين ماء زمزم والقرآن الكريم في تحقيق القوة البدنية والمعنوية، إذ يقول في كتابه مدارج السالكين: "كنتُ آخذ قدحًا من ماء زمزم، فأقرأ عليه الفاتحة مرارًا فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء"، كما ذكر أهل العلم جواز الوضوء بهذا الماء لغاية الشفاء أو الاغتسال به وله أن يكرر هذا الفعل قدر المستطاع وحتى تتحقق الغاية من هذا الفعل، مع ضرورة الأخذ بالأسباب في زيارة الطبيب واستخدام العلاجات الدوائية وما شابه إذ لا يتعارض الاستشفاء بماء زمزم مع العلاج الطبي والدوائي ما لم ينصح الطبيب بغير هذا لأسبابٍ طبيةٍ بحتةٍ، ومن الأمور المستحبة في شرب ماء زمزم لغاية التداوي التضلُّع به أي الشرب كميةٍ كبيرةٍ منه حتى يصل الماء إلى الأضلاع. [٥][٦][٧]
الاستشفاء بماء زمزم في الطب النبوي
النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى أكثر من عَرَف فضل ماء زمزم ودورها في العلاج والاستشفاء من الأمراض النفسية والجسدية كافة، فهو إلى جانب قدرتِه العلاجيّة يعدّ مغذِّيًا متكاملًا للإنسان في حال امتنع عن تناول الطعام لأي سببٍ علاجيٍّ، وقد أكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه الحقيقة في حديث إسلام أبي ذرٍّ الغفاري الطويل والذي امتنع عن الأكل مدة ثلاثين يومًا إلا من ماء زمزم فكانت سببًا في زيادة الوزن، ويستفاد من هذا الحديث فائدة استخدام ماء زمزم في علاج حالات النحافة ونقصان الوزن والتي يعاني منها عددٌ كبيرٌ من الناس، فعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مَتَى كُنْتَ ها هنا؟ قال: قلتُ: قد كنتُ ها هنا مُنْذُ ثَلاَثِينَ، بين لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قال:فَمَنْ كان يُطْعِمُكَ؟ قال: قلتُ: ما كان لي طَعَامٌ إلاَّ مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حتى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي" [٨]، ومن طرقه -عليه الصلاة والسلام- في الاستشفاء بماء زمزم أنه كان يحمل معه هذا الماء المبارك في حِلِّه وترحاله ويستخدمه في علاج من مرض من أصحابه خاصةً في علاج الحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إنَّ الحُمَّى مِنفَيْحِ جهنَّمَ فأبرِدوها بماءِ زَمزمَ" [٩][١٠]
المراجع
- ↑ الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 1162، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2/543، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد رجاله كلهم ثقات سوى راو لم أجد له ترجمة
- ↑ طريقة التداوي بماء زمزم،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-03-2019، بتصرف
- ↑ {الإسراء: الآية 82}
- ↑ ماء زمزم اجتمع فيه دواءان،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-03-2019، بتصرف
- ↑ أحكام ماء زمزم،, "www.binbaz.org.sa"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-03-2019، بتصرف
- ↑ من السنن المهجورة: التضلع, ، “www.saaid.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 05-03-2019، بتصرّف
- ↑ الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2473، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6068، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
- ↑ ماء زمزم لما شرب له،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 05-03-2019، بتصرف