كيف يدفن الشهيد

كتابة:
كيف يدفن الشهيد

كيفية دفن الشهيد 

يدفن الشهيد ويدخل في القبر كما يدفن عامة المسلمين؛ فمن السنة أن يُدخل الشهيد القبر من عند رأسه، ثم يوضع في قبره في اللحد على جانبه الأيمن، ووجه باتجاه القبلة، ورأسه إلى يمين القبر، ورجلاه إلى يسار القبر، ويقول الناس عند وضعه في القبر: (بسمِ اللَّهِ وباللَّهِ وعلى سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ)،[١] ثم ينصب اللبن عليه نصبًا، والمقصود "باللبن" هو الطوب الذي يستخدم في البناء، والمقصود بـ "نصبًا"؛ أي أن يوضع اللبن مرصوصًا، ثم يدفن بالتراب، ويرفع القبر عن الأرض ويتم وضع علامة عليه من حجر أو نحوه؛ ليميزه الناس.[٢]


مكان دفن الشهيد

من السنة أن يدفن الشهداء في مكان شهادتهم، ولا ينقلون إلى مكان آخر؛ ففي غزوة أُحد نقل بعض الصحابة شهدائهم إلى المدينة المنورة ليدفنوهم فيها، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإرجاعهم،[٣] وذلك في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ أمرَ بقتلى أحدٍ أن يُردُّوا إلى مصارعِهم وَكانوا قد نقِلوا إلى المدينةِ).[٤]


تغسيل الشهيد

اتفق جمهور الفقهاء على أن شهيد المعركة لا يغسل ويكفن في ثيابه ويدفن فيها؛ استنادًا إلى ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مع شهداء غزوة أُحد؛ عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في قتلى أحد: (قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في قتلَى أُحُدٍ : لا تُغسِّلوهم فإنَّ كلَّ كِلْمٍ أو جُرحِ دمٍ يفوحُ مِسكًا يومَ القيامةِ)،[٥] ولكن إن كان على الشهيد نجاسة غير الدم فإنها تزال؛ لأنها ليست من أثر الشهادة.[٦]


والحكمة من عدم تغسيل الشهيد ودفنه بثيابه؛ أن الانسان يبعث يوم القيامة على ما مات عليه؛ فالشهيد يبعث ودمه ينزف من جسده وتنبعث منه رائحة المسك العطرة تشريفًا له، قال -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نَفْسِي بيَدِهِ لا يُكْلَمُ أَحَدٌ في سَبيلِ اللَّهِ، واللَّهُ أَعْلَمُ بمَن يُكْلَمُ في سَبيلِهِ إلَّا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ، واللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، والرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ).[٧]


الصلاة على الشهيد

تعددت آراء الفقهاء في مسألة الصلاة على الشهيد، كما يأتي:

  • قول جمهور الفقهاء وعلماء أهل المدينة: شهيد المعركة لا يصلى عليه؛[٨] واحتجوا بحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى غزوة أُحد؛ فقال: (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا).[٩]
  • قول الإمام الثوري وعلماء أهل الكوفة: شهيد المعركة يصلى عليه؛ وقالوا أن الأحاديث التي ذكرت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل على شهداء أُحد نفت أن يكون -عليه الصلاة والسلام قد صلى عليهم؛ ولكن لم تنفِ أن يكون قد صلى على غيرهم من الشهداء في وقائع أخرى.[١٠]


ملخص المقال: لا يُغسّل الشهيد وملابسه هي كفنه، ويتم دفنه في المكان الذي استشهد فيه، وقال الجمهور أنّ الشهيد لا يُصلّى عليه.


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1046، صحيح.
  2. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 774-775، جزء 2. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين (2006)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 278، جزء 26. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:2003، صحيح.
  5. رواه ابن حجر العسقلاني ، في موافقة الخبر الخبر، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:336، حسن.
  6. سعيد حوى (1994)، كتاب الأساس في السنة وفقهها (الطبعة 1)، السعودية:دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 3353، جزء 7. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2803، صحيح.
  8. محمود السبكي (1977)، كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (الطبعة 4)، السعودية:المكتبة المحمودية السبكية، صفحة 54، جزء 8. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن جابر، الصفحة أو الرقم:1343، صحيح.
  10. عبد المجيد محمود (1979)، كتاب الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري (الطبعة 1)، مصر:مكتبة الخانجي، صفحة 510-511. بتصرّف.
4717 مشاهدة
للأعلى للسفل
×