كيف يرضى الله عني ويستجيب دعائي

كتابة:
كيف يرضى الله عني ويستجيب دعائي

الحصول على رضى الله

يُعدُّ رضا الله -تعالى- هو أقصى ما يسعى إليه العبد في الدنيا، ورضا الله -تعالى- ليس بالأمر الصعب، بل إنَّ العبد يُوفق إلى نيل رضا الله -تعالى- ومحبَّته إذا كان مخلصاً، والتزم القيام بما يأتي:

الامتثال لأوامر الله والابتعاد عن نواهيه

بيَّن الله -تعالى- للخلق بأن طاعته هي طريق رضاه عنهم، فأرسل الله -تعالى- الأنبياء وأنزل إليهم الكتب، وشرع فيها ما يأمرهم الله -تعالى- به وما ينهاهم عنه، فإن امتثل العبد بما أمر الله -تعالى- وتجنَّب ما نهاه عنه؛ فلا شكَّ بأنه سينال رضا الله.[١]

ذكر الله -تعالى- ثواب من يسعى لطاعته وامتثال الحلال والابتعاد عن الحرام، فقال -تعالى-: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾.[٢]

وإنَّ طلب رضا الله -تعالى- يكون بطاعته والتزام أوامره، مع الاعتقاد الجازم بأنَّ هذا من عند الله -تعالى-، يعني لو أطاع الوالدين مثلاً، وسعى لرضاهم، فهو يعلم أنَّه يسعى لرضا الله -تعالى- من خلال ذلك.

ولا يجوز للمسلم أن يطيع من كان في طاعته إغضاب لله عز وجل، حتى وإن كانت هذه الطاعة لأحد العلماء، أواستجابة لشهوةٍ ما في الدنيا.[١]

اتباع السنة النبوية 

يقول الله -تعالى-: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)،[٣] فقد بيَّن الله -تعالى- أنَّ طريق القبول عنده هي طاعة رسوله، قال -تعالى-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ﴾.[٤]

وإنَّ محبَّة الله -تعالى- ورضوانه تكون باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته،[٥] قال -تعالى-: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.[٦]

التقرب من الله بالنوافل

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربَّه: ( وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).[٧]

فالفرائض هي أحبُّ العبادات إلى الله -تعالى-، ثمَّ المداومة على النوافل وأدائها في وقتها، فهذه علامةٌ على حرص العبد على نيل رضا الله -تعالى-.[٨]

إنَّ معنى (ما افترضت عليه)، أي أن يأتيَ العبد بكل ما أمر به الله -تعالى-، وأن يترك كلّ ما نهاه الله -تعالى- عنه، لأنَّ فعل الواجبات وترك المحرَّمات من الفرائض.[٩]

حسن الخلق

يقول -صلى الله عليه وسلم-: ( إنَّ المُؤمِنَ ليُدرِكُ بحُسْنِ خُلُقِهِ درجةَ الصَّائمِ القائمِ)،[١٠] رتَّب الله -تعالى- لصاحب الخلق درجةً كدرجة الصائم القائم، وبذلك نال رضا الله -عزَّ وجلّ-.

فحسن الخلق هو أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من شيءٍ يُوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسْنِ الخُلُقِ).[١١]

والتعبد بالدعاء بحسن الخلق من أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان يقول: (اللهمَّ كما أحسنتَ خَلْقِي فأَحْسِنْ خُلُقِي).[١٢]

ولحسن الخلق أهميةٌ كبيرةٌ في التقرُّب إلى الله -تعالى- ونيل مرضاته،[١٣] وكان -صلى الله عليه وسلم- يوصي بحسن الخلق في التعامل مع الناس، فقال: (اتَّقِ اللَّهِ حيثُ ما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ).[١٤]

وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- منزلة بعض الأخلاق في الجنَّة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من تركَ الكذبَ وهو باطلٌ بُنيَ لهُ في ربضِ الجنةِ ومن تركَ المراءَ وهو محقٌّ بُنيَ لهُ في وسطِها ومن حسُنَ خُلقُهُ بُنيَ له في أعلاها)،[١٥] فهذا صاحب الخلق قد حاز رضا الله -تعالى- بحسن خلقه؛ فدخل الجنة.

بر الوالدين

بين -صلى الله عليه وسلم- منزلة برِّ الوالدين، بأن جعلها من أحبِّ الأعمال إلى الله -تعالى- بعد الصلاة، عن عبد الله بن مسعود قال: (سأَلْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ).[١٦]

وترغيباً ببرِّ الأم، قال -صلى الله عليه وسلم- للذي أراد ترك أمّه والجهاد في سبيل الله -تعالى-: (هل لَكَ مِن أمٍّ ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها).[١٧]

ولرضا الأب منزلةٌ عاليةٌ، حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( رضا الرَّبِّ في رضا الوالدِ وسخطُ الرَّبِّ في سخطِ الوالدِ).[١٨] وقال-عليه الصلاة والسلام- في حقِّ الأب: (الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ)،[١٩]، فمن أراد دخول الجنة فلا بدَّ له أن يرضي الله -تعالى-، وأن يُرضي والديه في غير معصية الله.

أسباب استجابة دعاء العبد 

بين النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض الأسباب المعينة على قبول الدعاء، وهي ميسرة لمن يسرها الله له، فمن أراد أن يدعو أخذ بها، ومنها ما يأتي:[٢٠]

  • الإخلاص لله -تعالى- في الدعاء.
  • المال الحلال.
  • التكرار والإلحاح بالدعاء.
  • عدم استعجال الإجابة.
  • عدم الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم.

المراجع

  1. ^ أ ب عبد الرحيم السلمي، كتاب التوحيد، صفحة 14. بتصرّف.
  2. سورة البينة، آية:8
  3. سورة النساء، آية:80
  4. سورة النساء، آية:64
  5. محمد عبد الغفار، مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية، صفحة 2. بتصرّف.
  6. سورة آل عمران، آية: 31
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، صحيح.
  8. ابن هبيرة، الإفصاح عن معاني الصحاح، صفحة 303. بتصرّف.
  9. ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، صفحة 1071. بتصرّف.
  10. رواه الالباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:2643، صحيح.
  11. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:2003، غريب من هذا الوجه.
  12. رواه أحمد شاكر، في المسند، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5، إسناده صحيح.
  13. صالح بن حميد، القدوة مبادئ ونماذج، صفحة 15.
  14. رواه الألباني، في الترمذي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:1987، حسن.
  15. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1993، ضعيف.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:85، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحي النسائي، عن معاوية بن جاهمة السلمي، الصفحة أو الرقم:3104، حسن صحيح.
  18. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1899، حسن.
  19. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:1900، صحيح.
  20. أزهري محمود، طريقك إلى الدعاء المستجاب، صفحة 29. بتصرّف.
4591 مشاهدة
للأعلى للسفل
×