محتويات
كيفية إخراج زكاة التجارة
يقوم التّاجر بِمعرفة زمن حَوَلان الحول لتجارته سواءً كان في نهاية السنة الهجريَّة أو الماليَّة، أو في شهر رمضان، ثُمّ يقوم بحصر الأموال التي تجبُ فيها الزكاة، ثُمّ حصر الالتزامات المطلوبة منه، والتي يخصمها من الأموال التي تخضع للزكاة، ثُمّ يحسب هذه الأموال ويرى إذا بلغت النِّصاب، ونصاب أموال العروض التِّجاريَّة هو نصاب الذهب 85 غرام، ثمّ يُزكّي منها 2.5%، وتكون عن طريق ضرب وعاء الزكاة مع سعر الزكاة.[١] فالزكاة الواجبة في عروض التجارة = (عروض التجارة + النقود + الديون مرجوة السداد - الديون التي على التاجر) × نسبة الزكاة 2.5%) والناتج يكون مقدار الزكاة الواجب إخراجها على التاجر.[٢]
وعُروض التِجارة تُطلقُ على كُلِ ما يعدُّه الإنسان لأجل التجارة، فيقوم عند حولان الحول وبُلوغه النصاب بإخراج الزكاة منها، حيث يُخرِج رُبع العُشر من جميع القيمة، ويجوز له أن يُخرج زكاته من العُروض نفسها، أمّا ما يُعَدُّ للاستعمال أو للسكن فلا زكاة فيه، وما يُعَدُّ للإجارة فالزكاة تكون لما يخرُج من قيمة الإيجار، أمّا الآلات وغيرها فلا زكاة فيها ولا في قيمتها؛ لأنّ المقصود منها الاستعمال وليس التجارة.[٣]
ويقوم التاجر عند موعد إخراجه للزكاة بضمِّ جميع أموال عروض التِّجارة إلى بعضها، ثُمّ يُقدِِّر قيمتها في السوق، ثُمّ يجمع قيمة البضاعة مُضافاً إليها ما معه من أموالٍ ونُقود ودُيونٍ، فيُخرج ما عليه من دُيونٍ حالَّةٍ، ثُمّ يُخرج رُبع العُشر من المال الباقي، والأفضل إخراجُ زكاة عروض التِّجارة بالنُّقود؛ لأن النّصاب المُعتبر لها بالقيمة، وله أن يُخرج الزكاة من العروض نفسها؛ وذلك بحسب مصلحة آخذ الزكاة وحصول منفعته.[٤] ويدخُل في عُروض التِّجارة ما يبيعُه صاحبه خلال العام كالفواكه مثلاً، فيحسب التاجر في نهاية الحول ما عنده من فواكه وتِجارة، ثمّ يُخرج زكاتها بما تُساويه من قيمةٍ في السوق،[٥] ويحسب التاجر ما معه من أموالٍ في البنك، وما أعدَّه للبيع بقصد الاتِّجار فيه، ويبدأ الحول عند عزمه وعقد نيّته للاتِّجار في هذه الأموال، ثُمّ عند نهاية الحول يقوم بحساب قيمتها ولا ينظُر لزيادة قيمتها أو انخفاضها خلال الحول.[٦]
وإذا نوى الإنسان أنّ ما اشتراه للاقتناء وليس للتِجارة فلا زكاة فيه.[٧] وقد ذهب الحنفيَّة إلى أنّ التَّاجر مُخيَّرٌ ما بين إخراج زكاة العروض التِّجاريَّة بالقيمة أو من العُروض نفسها، ويرى الجُمهور عدم جواز إخراجها من العُروض نفسها، بل يجب أن تكون بالقيمة؛ لأن النّصاب المُعتبَر لها كان بالقيمة فتؤدَّى به قياساً على باقي الأموال، وقد اتَّفق الفُقهاء على أن الأرباح الحاصلة من التِّجارة تُضَمُّ إلى أموال الزكاة، وذهب الحنفية إلى أن الأموال المُستفادة من غير التجارة يجبُ ضمّها إلى الزكاة كذلك؛ كالإرث، والهِبة، وغير ذلك،[٨][٩] والأصل في إخراج الزكاة أن تكون نقداً بعد تقويمها، ومعرفة مِقدار الزكاة الواجبة فيه، ويُراعَى في إخراجها مصلحة الفقير، ودفع الحرج عن الغنيِّ في حال عدم توفُّر السُّيولة معه.[١٠]
شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة
يُشتَرَط لِوجوب الزكاة في عُروض التجارة عدَّة شروطٍ مُضافٌ إليها الشروط العامة لوجوب الزكاة، وهي كما يأتي:[١١][١٢]
- نيَّة التجارة فيها؛ لأن الأصل في العروض التجاريّة الاستعمال، ولا يُعرف القصد منها إلا من خلال النِّيَّة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[١٣]
- بُلوغ قيمة العُروض التجاريَّة نِصاباً أقلَّ من الذهب أو الفضة قيمةً، وفي حال بلغ أحدهما نِصاباً دون الآخر فإنّه يقوم به؛ لقول النَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام-: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ، ولا فِيما دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، ولا فِيما دُونَ خَمْسِ أواقٍ صَدَقَةٌ).[١٤]
- حَوَلان الحول، فإذا اشترى الإنسان عُروضاً بقصد التجارة ولكنها لم تبلغ النصاب، ثُمّ بلغته بعد ذلك، فإنّ الحول يبدأ من حين بُلوغها للنِّصاب.
- اشترط الحنفيّة استمرار النية في التجارة طوال الحول، وأن تكون العروض من الأموال الصالحة للزكاة، فالأرض الخراجيَّة لا تُزكَّى، واشترط المالكيّة والشافعيّة عدم تعلُّق الزكاة في عينه؛ كالثياب، وأن يملكه عن طرق المُعاوضة، فلا زكاة في الإرث أو الهِبة وغير ذلك، وألّا يقصد من تملُّكه الاستعمال أو الاقتِناء، وزاد الشافعيّة عدم نُقصان التجارة خلال الحول عن النّصاب.
- بُلوغ النّصاب، وهو نصاب الذهب أو الفِضة، فلا تُزكَّى عُروض التجارة إن كان ما يملكه الإنسان أقل من النّصاب، والأفضل أن تقوّم بما هو أصلح للفقير وحاله، وإن اختلفت أصناف التجارة فتُضمُّ إلى بعضها البعض لِتكميل النّصاب.[١٥]
حكم زكاة عروض التجارة وحكمة مشروعيتها
أوجب الله -تعالى- الزكاة في عُروض التجارة؛ لتطهير مال التاجر ممّا قد يعرض له من شوائِبَ في التجارة، أو الزيادة في غير وجه حقٍّ، وتكفيراً لسيِّئاته، وتأديته شُكر الله -تعالى- على ما أنعم عليه، وتطهير نفسه من البُخل، بالإضافة إلى أنه من باب ردِّ الجميل؛ لأن المال والرِّبح حصل عليه من الشعب، كما أنها تُساهم في تقوية الاقتصاد الإسلاميِّ، وتوزيع المال بين مُختلف طبقات الشعب، وإبعاد التاجر عن التحايُل؛ من إنقاص ماله في آخر الحول عن النّصاب في النقدين. وذهب العُلماء إلى وُجوب الزكاة في عُروض التِجارة، وهو قول جماهير عُلماء المُسلمين من الصحابة والتابعين؛ كعُمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابن عباس، والفُقهاء السبعة.[١٦]
واستدلَّ الفقهاء على وجوب الزكاة للتّاجر بقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)؛[١٧] وعُروض التِجارة من أنواع الكَسب، وقوله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)؛[١٨] ولم يُفرِّق الله -تعالى- بين مالٍ وآخر، كما استدلوا بِعموم الآيات التي توجب الزكاة في جميع الأموال، وبعض الأحاديث التي يأمُر فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- بإخراج الزكاة من الذي يُعدُّ للبيع.[١٦]
المراجع
- ↑ ربيع مجاهد (2017)، حساب زكاتك بين يديك (الطبعة الأولى)، قطر: قطر الخيرية، صفحة 75-76. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة الرابعة)، دمشق-سوريا: دار الفكر، صفحة 7964، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية ، الدرر السنية dorar.net، صفحة 250، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، : بيت الأفكار الدولية، صفحة 36، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 12، جزء 92.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 10، جزء 214. بتصرّف.
- ↑ صالح السدلان (1425هـ)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
- ↑ عَبد الله الطيّار، عبد الله المطلق، محمَّد الموسَى (2012)، الفِقهُ الميَسَّر (الطبعة الثانية)، الرياض: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 74، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1874، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 7933، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سعيد القحطاني، زكاة عروض التجارة والأسهم والسندات - مَفهومٌ, وشروطٌ، وفروقٌ، وأنواعٌ، وأحكامٌ في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 18-21، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مجمةعو مؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 293-295، جزء 75. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
- ↑ عَبد الله الطيّار، عبد الله المطلق، محمَّد الموسَى (2012)، الفِقهُ الميَسَّر (الطبعة الثانية)، الرياض: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 71، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب سوسن الخطيب (2014)، أحكام زكاة عروض التجارة، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 12-14، 20-29. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 267.
- ↑ سورة التوبة، آية: 103.