محتويات
تعلق الطفل بالأم
تعد مشكلة تعلُّق الطفل بالأم من المشكلات الشائعة التي تواجهها العديد من الأمهات مع أطفالهن، خصوصًا مع الأطفال صغيري السن، وتعرف هذه المشكلة علميًا بأنها حدوث رد فعل سلوكي وعاطفي قوي جدًّا من قِبَل الطفل في حال ابتعاد الأم عنه قليلًا، أو تركه مع أفراد آخرين من العائلة، أو عند ذهابه إلى الحضانة أو الروضة، فلا تكون الأم موجودةً معه هناك.
على الرّغم من أنّ هذه المشكلة قد تسبب التعب والإرهاق للأم وأحيانًا قد تعرضها للإحراج أمام الناس، إلا أنها تعدّ طبيعيّةً جدًّا، وتحدث مع عدد كبير من الأطفال حول العالم، وقد تحدث مع أي طفل حتى أواخر المرحلة الابتدائية، بما في ذلك الأطفال الرضَّع، والأطفال الصغار، والأكبر عمرًا.[١]
ما هي أسباب تعلق الطفل بالأم؟
إنّ تعلُّق الطفل بالأم أمر طبيعي وجزء من فطرة الطفل منذ الولادة، لكن قد يزداد هذا التعلّق في مرحلة معيّنة من العمر، إذ يصبح شديدًا ويؤثر في الأم وفي حياتها وعلاقتها الاجتماعية وقدرتها على أداء مهامها اليومية، ومن الأسباب التي تؤدي إلى زيادة هذا الفعل أو الشعور ما يأتي:[١]
- خوف الطفل من الابتعاد أو الانفصال عن أمه: أو الخوف من أن يكون مع أفراد أو أطفال آخرين غرباء عنه.
- طبيعة الطفل النفسية: إذ إنّ بعض الأطفال قد يتمتعون بشخصية خجولة وانطوائية قليلًا، وهذه الشخصية قد لا تفضّل في العادة الاختلاط مع أفراد جُدد أو اللعب مع أطفال غرباء، في حين يوجد بعض الأطفال الذين يتمتعون بشخصية قويّة وتفاعلية مع الآخرين.
- حدوث تغيرات جديدة في عائلة الطفل أو محيطه: مثل ولادة طفل جديد في العائلة، أو الانتقال إلى منزل جديد، أو السفر إلى بلد آخر، إذ يزداد تعلُّق الطفل بأمه في هذه الحالة أثناء فترة تكيُّفه مع هذا التغيير الجديد في حياته.
- حدوث مشكلات عائلية جديدة: مثل الطلاق بين الزوجين، أو الحالة المزاجية أو النفسية لأحد الوالدين، أو في بعض الأحيان قد يؤثر المرض النفسي لأحد الوالدين على الطفل، مما يؤدي إلى زيادة تعلّقه بأمه.
- تعبير الأطفال عن رغباتهم: أحيانًا يكون التعلُّق الزائد بالأم تعبيرًا من الأطفال عن ذاتهم وأنفسهم برغبتهم الشديدة ببقاء الوالدين إلى جانبهم.
العمر الطبيعي لتعلق الطفل بالأم
في العادة المرحلة العمرية للطفل التي تلاحظ فيها الأم هذه المشكلة تترواح ما بين عمر 10-18 شهرًا، لكنّها قد تبدأ في عمر أبكر؛ في عمر ستة شهور، كما قد تمتدّ حتى يبلغ الطفل سن 4 سنوات، بالإضافة إلى ذلك قد يزداد هذا التعلق بالأم في بعض المواقف أو الحالات التي يمرّ بها الطفل، ومثال على ذلك عندما يبدأ خطواته الأولى ويتعلم المشي، أو عندما يلتحق بدور الحضانة أو الروضة أو المدرسة؛ إذ تمثّل هذه المرحلة الانتقالية انفصالًا جزئيًا عن أمه.[٢]
هل يدل تعلق الطفل بالأم على معاناته من مشكلات نفسية؟
الإجابة هي لا، فهذا التعلّق أو الفعل الذي يمر به الطفل في مراحل عمرية مختلفة هو شعور طبيعي ولا يدلّ في العادة على معاناته من مشكلات نفسية أو اضطرابات سلوكية، بل يُعَدّ من المراحل الطبيعية التي يمر بها بعض الأطفال خلال حياتهم، لذا يجب على الأم أن لا ترفض هذا الشعور عند الطفل ولا تعاقبه أو تتجاهله أو لا تهتم به خلال هذه المرحلة، الأمر الذي قد ينعكس على شخصيته سلبًا، إذ يصبح أكثر ضعفًا وخوفًا، ويشعر بالإهمال منها، مما قد يؤدي إلى زيادة مدة هذا التعلّق لزمن أطول.
لكن من الضروري الإشارة إلى انّ بعض الاضطرابات السلوكية والنفسية التي تصيب الأطفال قد تؤدي إلى زيادة تعلّق الطفل بالأم، بما في ذلك اضطراب التعلُّق (Attachment Disorder) الناتج عادةً عن إهمال الطفل وسوء معاملته، مما يؤدي إلى صعوبة تواصله مع الآخرين وثقته بهم، واضطراب التكيُّف (Adjustment Disorder) الذي يحدث غالبًا بعد التعرُّض لحادثة ما -كبدء المدرسة أو الطلاق- يصعب على الطفل التكيُّف معها، ممّا يؤدي إلى إظهاره مشاعر القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى صعوبة النوم، والنوبات العديدة من البكاء، وغيرها من الأعراض غير الطبيعية.
بالإضافة إلى اضطراب قلق الانفصال (Separation anxiety disorder) الذي يصاحبه ظهور العديد من الأعراض الأخرى، كالحزن، وصعوبة التركيز، وصعوبات النوم، والخوف المبالغ به، والعديد غيرها، فكما هو مُلاحَظ فإنّ هذه الاضطرابات يُصاحبها العديد من الأعراض الدالة على وجود اضطراب غير طبيعي بالإضافة إلى تعلُّق الطفل بأمه.[٣]
ما هي الطريقة المناسبة للتعامل مع الطفل شديد التعلق بأمه؟
يوجد العديد من النصائح والاستراتيجيات التي يمكن للأم اتباعها للتعامل مع طفلها خلال هذه المرحلة، تتضمن ما يأتي:[٢]
- التمهيد للانفصال: بتقليل مدة بقاء الأم مع الطفل تدريجيًّا وليس فجأةً، ومثال على ذلك أن تترك الأم طفلها مع فرد آخر قريب له مثل الأب أو الجدة، وذلك لمدة قصيرة حتى يتقبل فكرة أن يكون مع أفراد آخرين غير الأم.
- التخطيط لممارسة أنشطة بين الطفل والأم في وقت لاحق: هذه الخطوة في حال كان الطفل في واعيًا، مثل الأطفال الذين يرتادون المدارس أو الحضانات، فمن الممكن أن تتفق الأم مع طفلها على القيام بنشاط مُسلٍّ معًا بعد عودته من المدرسة أو الحضانة، مثل: مشاهدة التلفاز سويًا، أو قراءة قصة للأطفال، حتى يتقبل فكرة تركها له في هذا الوقت وأنّها ستعود لممارسة بنشاط ما سويًّا، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بهذا الوعد حين يعود الطفل إلى المنزل؛ حتى يبني ثقته بأمه.
- ترك أثر من الأم مع الطفل: مثل لعبة يحبها أو وشاح خاص بها، وذلك في حال تركها له في مكان غير موجودة، مثل الحضانة أو المدرسة؛ إذ يساهم ذلك في تهدئة الطفل وتخفيف هذا التعلق.
- عدم البكاء أو إظهار التأثر أمام الطفل: يجب عدم البكاء أو إظهار التأثر أمام الطفل عند تركه لأول مرة في الحضانة أو المدرسة أو حتى في منزل أحد الأقارب؛ لما لذلك من تأثير على نفسية الطفل وجعل هذا الخطوة أصعب.
- الصبر على هذه التعلق: يجب معاملة الطفل بالصبر وعدم استعجال الأم أو إهمالها له في هذه المرحلة، بل يجب عليها أن تتذكر دائمًا أنها مرحلة مؤقتة وستنتهي قريبًا.
- البقاء مع الطفل مدّةً قصيرةً: ذلك في حال تركه مع أفراد آخرين أو في مكان جديد للمرة الأولى، إذ يُفضّل أن تبقى معه عدّة مرات مدّةً قصيرةً، وذلك حتى يألف الطفل الشخص أو الفرد الآخر بوجود أمه بجانبه، بالتالي تخفيف القلق والتوتر عنده.
- الاتفاق على طريقة مميزة من الأم لتوديع طفلها قبل تركه في مكان آخر: مثل أن تعطيه قبلةً في الهواء، أو تلوّح له بيديها وتطلب منه أن يفعل ذلك أيضًا؛ إذ تساعد هذه الطريقة على بناء روتين يومي عند الطفل، وسيحب أن يقوم به دائمًا عندما تريد أمه أن تتركه وتغادر، كما أنّ هذا الروتين طريقة لإخباره أنّها ستذهب وبعد مدّة معيّنة ستعود.
المراجع
- ^ أ ب Elizabeth Westrupp (2019-6-6), "Is my child being too clingy and how can I help?"، theconversation, Retrieved 2020-6-5. Edited.
- ^ أ ب "Clingy babies and separation anxiety: how to cope", nct,2019-4، Retrieved 2020-6-5. Edited.
- ↑ Trudi Griffin (2019-3-29), "How to Deal with a Clingy Child"، wikihow, Retrieved 2020-6-5. Edited.