جلسة الافتراش
معنى الافتراش أن يجعل المصلي رجله اليسرى تحت مقعدته كأنها فراش, ويخرج اليمنى من الجانب الأيمن ناصباً لها.[١]
فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه جلس بهذه الكيفية، وقال علماء الحنفيّة، وسفيان الثوري أنّ هذا هو الجلوس المستحب القيام به في كل جلوس داخل الصلاة.[٢]
وسواء أكانت الصلاة صلاة فرض أم صلاة نفل، وذلك لما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها- في الصحيح عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقالت: (وكانَ يقولُ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وكانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى ويَنْصِبُ رِجْلَهُ اليُمْنَى).[٣][٢]
وتتعدد مواضع الإفتراش كالتالي:[١]
- في الجلسة بين السجدتين.
- في التشهد الأول إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية.
- في التشهد الأخير إذا كانت الصلاة ثنائية على القول الراجح، كالنافلة وصلاة الجمعة والاستسقاء والعيدين ونحو ذلك.
جلسة التورك
فقد ورد في السنة النبويّة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يجلس متورّكاً حين يجلس بين السجدتين، ويُقصد بالتورّك؛ بأن يجعل المصلي رجله اليسرى مثنيّة، ويبسطها ويجلس عليها.
أمّا رجله اليمنى فينصبها ويخرجها من تحته، ويجعل باطن أصابع رجله اليمنى ناحية الأرض، ويرتكز بجسده عليها، بحيث تكون أطراف الأصابع متوجّهة نحو القبلة.[٤]
وعليه فإن التورك بصفة أخرى؛ أن يضع المصلي رجليه على هذه الصفة؛ فيخرجهما من جهة يمينه، فرجله اليسرى مضجعة، واليمنى منصوبة، ثم يمكّن وركه ومقعدته من الأرض.[٥]
وذلك اقتداءً برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بما ورد عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- فيما يتعلق بصفة صلاة رسول الله، فقال: (ثُمَّ ثَنى رِجْلَه اليُسْرى وقَعَدَ عليها، واعتَدَلَ حتى رَجَعَ كلُّ عَظْمٍ في مَوضِعِه، ثُمَّ هَوَى ساجِدًا).[٦][٤]
وفي حديث عائشة -رضيَ الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى ويَنْصِبُ رِجْلَهُ اليُمْنَى)، ثمّ يضع يديه على قدميه مفتوحتي الأصابع، قريباً من الركبة، ويجعل اليمنى متساوية مع اليسرى.[٤]
وقد اتّفق الفقهاء على أنّ الجلوس متوركاً في الصلاة مستحب، وذلك في جلوس التشهد، لكنّهم اختلفوا في أيّ تشهّد يجلسه، فتعدّدت الأقوال بين الفقهاء على النحو الآتي:[٧]
- المالكيّة؛ قالوا إنّ جلوس التورّك يستحب أن يكون في كل جلوس داخل الصلاة.
- الشافعيّة، والحنابلة؛ يكون جلوس التورك للتشهد الأخير في الصلاة.
- الحنابلة؛ يكون جلوس التورك في التشهد الأخير في الصلاة المتضمّنة تشهدان أصليان، وذلك مثل الجلوس للتشهد الثاني في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، وذلك لما روى أبو حمد الساعدي -رضي الله عنه- فقال: (حتَّى إذا كانتِ السَّجدةُ الَّتي فيها التَّسليمُ أخَّرَ رجلَهُ اليسرى وقعدَ متورِّكًا على شقِّهِ الأيسرِ).[٨]
كيفية جلوس المريض في الصلاة
يسّر الإسلام على المريض وخفف عنه، فشرع له أداء الصلاة بحسب قدرته، قال -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)،[٩] لكنّها لا يمكن أن تسقط عنه بحال من الأحوال، فإن استطاع الوقوف وقف حسب قدرته حتى لو كان مرتكزاً على عامود أو حائط، فإن لم يستطع الوقوف صلّى جالساً.[١٠]
وإن لم يستطع أن يجلس صلّى وهو متمدّد على جنبه، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لعمران بن حصين: (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).[١١]
وكلّ ذلك يكون بحسب استطاعته، لكنّه إن صلّى جالساً فإن يقوم بخفض رأسه قليلاً حال الركوع، ويخفضه أكثر حال السجود.[١٠]
المراجع
- ^ أ ب خالد الصقعبي، كتاب مذكرة القول الراجح مع الدليل - الصلاة، صفحة 105.
- ^ أ ب محمود السبكي (1977)، الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (الطبعة 4)، القاهرة :المكتبة المحمودية السبكية، صفحة 246، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:498، صحيح.
- ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامية وأدلته (الطبعة 4)، سورية :دار الفكر، صفحة 850، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ عبد الملك الجويني (2007)، كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 175.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:23599، إسناده صحيح على شرط مسلم.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت :وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، صفحة 117-118، جزء 43. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبو داود، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:729، صحيح.
- ↑ سورة التغابن، آية:16
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1424)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة :مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 87. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن حصين، الصفحة أو الرقم:1117، صحيح.