كيفية الجمع والقصر في السفر

كتابة:
كيفية الجمع والقصر في السفر

الرخصة والعزيمة

جاءَ الدينُ الإسلاميُّ بأحكامٍ شرعيةٍ، وَجَبَ على المُكلفين، أخذُها والإلتزامَ بِها، فمنها ما شُرعَ في الحالات العاديةِ التي تكون على الدوامِ، ووجب الالتزامُ بها في حالِ الرخاءِ وعدمِ وجودِ مانعٍ؛ وتُسمى العزيمة، ومنها ما وَضعهُ الشارع في حالاتٍ استثنائيةٍ؛ ويُسمى الرُّخْصَةُ، أَيْ يَتَرخَّصُ بها المُكلَّفُ عندَ الضَرورَةِ، ومثالُ ذلكَ الإفطارُ في رَمضان للمُسافِرِ، والقصرُ في الصَّلاةِ للمُسافِرِ، والمَسحُ على الخُفينِ، وغيرها مما أَحلَّ اللهُ التَرَخُّصَ بهِ في حالِ الضرورةِ، وينبغي على المُسلم الأخذُ بالرُّخص، ومما دَلَّ على ذلك قولُ رسول الله: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ تؤتى رُخصُه كما يُحِبُّ أنْ تؤتى عزائمُه"،[١] ومن الرُّخَصِ التي شَرَعَها الله -تعالى- هِيَ جَمعُ الصَّلاةِ وقصرِها،[٢] وسيأتي بيانُ كيفية الجمع والقصر في السفر.

أحكام الجمع والقصر

من الرُخَّصِ التي شَرَعَها اللهُ تَعالى هي الجمع والقصر في الصَّلاةِ، ولِكلٍ منها دليلُ مشرُوعيةٍ، وأحكامٌ تتعلقُ بهِ، من حيث مُدة الجمع والقصر، والمسافة التي يَجمع ويقصر بها المُسافر، وغير ذلك من الأحكامِ، التي يجبُ معرفتها، لِيَسهل على المُكلَّفِ معرفةِ كيفية الجمع والقصر في السفر، وفيما يأتي تفصيلُها:[٣]

  • حُكمُ القَصرِ: حيثُ جاءت مشروعيتِهِ من قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}،[٤] وقد روي عن رسول الله في هذه الآية التي تَنُصُّ على رخصةِ قصر الصلاةِ في السفر أنَّهُ قال: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ"،[٥] ويُقصدُ بالقصر؛ أن تؤدّى الصَّلاة الرباعية، ركعتين بدلًا من أربعة، في حالِ كانَ المُكلَّفُ مسافرًا، ويجوزُ لهُ كذلِكَ إتمامُ صَّلاتهِ.
  • حكمُ الجمعِ: وجمعُِ الصَّلاة في السفرِ، جاءت مشروعيتُهُ فيما رواهُ ابن عباس عن رسول الله حيثُ قال: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ والعَصْرِ، إذَا كانَ علَى ظَهْرِ سَيْرٍ ويَجْمَعُ بيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ"،[٦] ويُقصدُ بالجمعِ بين الصَّلاتينِ، أنّ يجمعَ المُكلَّف بين صلاةِ الظهرِ والعصرِ، في وقتِ إحدىَ الصَّلاتين، وأَن يجمعَ بينَ المغربِ والعشاءِ، في إحدى وقتِهِما.
  • مدةُ الجمع والقصر: إنّ المدةُ التي يستطيع المُكلَّف أن يجمع ويقصر بها الصَّلاةِ في السفر، هي أربعةُ أيامٍ في حالِ أن المُسافر ينوي الإقامة لمدة أربعةِ أيامٍ أو أقلَ من ذلك، وأمّا من لا يَنوي الإقامة، وأَقامَ أكثرَ من أربعةِ أيامٍ، وهو لا ينوي ذلك وينتظرُ قضاءَ حاجتهِ حتى يعود لبلده، فلهُ الجمع والقصر حتى تُقضى حاجتهُ، أمّا من تأكدَ أنَّهُ سيمكثُ في سفرِهِ أكثر من أربعة، فعليه أن يُتمَّ صَلاتَهُ.
  • بداية الجمع والقصر: يبدأ المسافر في الجمع والقصر، في حال تركِهِ لحدودِ بلدهِ الذي يُقيم فيه.
  • السنن: تُصلّى من السنن الرواتب في السفر، سُنَّةُ الفجر والوتر.
  • مسافةُ الجمع والقصر: إنّ مسافةُ السفر الذي تجمعُ وتقصر فيه الصَّلاة، في ذلك قولين؛ ما عليهِ جمهور الفقهاء، أَنَّ مسافةَ الجمعِ والقصرِ هي ثمانين كم تقريبًا، والقول الثاني، أنَّ كل ما يُطلق عليه في اللغة سفرًا، يباحُ فيه الأخذُ بالرُّخَص، ومنها الجمعُ والقصرُ في الصلاةِ.

كيفية الجمع والقصر في السفر

وبعدَ بيان أحكامِ الجمع والقصر، سَياتي بيانُ كيفيةِ الجمع والقصر في السفر، فَإذا تَحقَقت شُروطُ الأخذِ بهذهِ الرُّخصَةِ، مِنَ التأكُدِ مِن شَرطِ الإقامةِ والمسافةِ، والمُدةِ وَغيرِها، فيجمعُ المُصلّي بينَ صَّلاتي الظُهرِ والعَصرِ، وَيقصرها، فَيُصلّي الظُهرَ والعصرَ في وقتِ الظَهيرةِ، ويُسمى جَمعُ تقديمٍ، والأحقُ في ذلكَ مَن زالت عليه الشمس وهو في محل نزول، أي متوقفٌ عن المسير، أو يُصَلّي الظُهر والعَصر وَقت العصرِ، ويسمى جمعُ تأخيرٍ، والأحقُ به من زالت عليهِ الشمسُ، وهو لا يزالُ في طَريقِهِ، وَيقصرُ الصَّلاةَ، بِأَنْ يُصلِّيَ الظُهر ركعتينِ، والعَصرَ ركعتينِ، في وقتِ واحدةٍ مِنْهُما.[٧]

وأمّا كيفيةُ الجمعِ والقَصرِ في السَفرِ لِصَّلاةِ المغربِ والعشاءِ، فَتُجمَعُ المَغرب مع العِشاء، ويُسمى جَمعُ تَقديم، والأحقُ بهذا من غَربت عَليهِ الشمس وهو متوقفٌ عن السير، وَينوي إذا أتمَّ سيرهُ أَن لا يتوقف إلا بَعد ثلث الليل، أو يَجمع المَغرب والعِشاء، ويُصليها في وقتِ العشاءِ، ويُسمى جَمعُ تأخيرٍ، والأحقُ بهذا من غربت عليهِ الشَمس، وهو في حالِ مَسيرٍ، ويُصلي المغرب ثلاثُ ركعاتٍ تامةٍ، والعشاء قصرًا ركعتين.[٧]

المراجع

  1. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 354، أخرجه في صحيحه.
  2. "العزائم والرخص في الأعمال.. رؤية شرعية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-1-2020. بتصرّف.
  3. "أحكام صلاة السفر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-1-2020. بتصرّف.
  4. سورة النساء، آية: 101.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 686، حديث صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1107، حديث معلق.
  7. ^ أ ب "كيفية القصر والجمع في السفر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-1-2020. بتصرّف.
4326 مشاهدة
للأعلى للسفل
×