كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما

كتابة:
كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما

بر الوالدين

إنّ الإسلام دين العدل والأمر بالمعروف والإحسان، ولذلك فقد مجدّ البرّ حتّى صار يُعرف به، فالدّين الإسلاميّ هو البرّ، وأعظم أنواع البرّ برّ الوالدين، حيث إنّ برّ الوالدين قرنه الله -تعالى- بعبادته، حيث قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}،[١] وهو الأمر الذي أوقع أدعياء القيم والأخلاق من الغرب في حرج من أمرهم، لأنّهم وبسبب انشغالهم المادّيّ بالدّنيا، قد تخلّوا عن كلّ الرّوابط الرّحميّة، فجعلوا للوالدين يومًا واحدًا في العام كلّه، يردّون لهم فيه بعض الجميل، بينما المسلم الذي يعمل بتعاليم دينه، فإنّه بارّ بوالديه في كلّ لحظة من حياته، بتقديم كلّ ما يحتاجون إليه من أمور ماديّة أو معنويّة، ومحور هذا المقال حول كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما.[٢]

فضل بر الوالدين

قبل الحديث عن كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما، لا بدّ من معرفة كيفيّة بر الوالدين في حياتهما، حيث إنّ من أعظم القربات إلى الله -تعالى- وأشرف العبادات برّ العبد بوالديه، ومن عظم قدر هذه العبادة وعلوّها، فقد قرنها الله -تعالى- بحقه سبحانه وتعالى، وهي من الشّعائر العظيمة والمراتب السّامية الرفيعة، من وفقه الله لها فقد وُفّق للخير كلّه، ومن ضيَّعها؛ فقد خسر الدّنيا والآخرة، فمن صور بر الوالدين في حياتهما:[٣]

  • الحبّ والتّوقير: فمن حقّ الوالدين على أولادهما الحبّ والتّقدير والتّوقير، فإذا كان الحبّ والاحترام واجب بين المسلمين فيما بينهم، فمن الأولى أن يكون حبّ الأبناء لوالديهم مقدّم على كلّ حبّ.
  • طاعتهما ضمن طاعة الله: وذلك بأن يطيعهما بكلّ ما يأمرانه به إلّا في معصية الله، حيث يقول النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم: "لا طاعةَ لِمخلوقٍ في معصيةِ اللَّهِ".[٤]
  • التّأدب معهما: ويكون ذلك بألّا يرفع صوته فوق صوتهما، ولا يحدّق في وجههما بغضب، ولا يعاندهما أو يجرحهما بالكلام، ويضاحكهما بإدخال المسرّة إلى قلوبهما، ويمشي وراءهما، ويصبر عليهما في كلّ شيء.
  • الدّعاء لهما: فمن البرّ الذي لا يعجز عنه أحد الدّعاء للوالدين أحياء وميّتين، وقد حضّ الله -تعالى- الأبناء بالدّعاء لوالديهم، حيث قال: {وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}.[٥]
  • الرّعاية وحسن الصّحبة: ويكون ذلك بتقديم ما يحتاجون إليه من مساعدات ماديّة ومعنويّة، والإحسان إليهم، والابتعاد عن كلّ ما يسبّب الضّيق لهما، حيث قال تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}.[٦]
  • مشاورتهما قبل الأصدقاء والأزواج: وهذه القضية يغفل عنها كثير من الأبناء، وذلك بأن ينقل الابن ما يحدث معه إلى زوجته أو صديقه قبل أن يخبر بها والديه، فينتقل الخبر إلى الوالدين من غير ابنهما فيداخلهما الحزن والضّيق.

كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما

بعد الحديث عن برّ الوالدين في حياتهما، لا بدّ من معرفة كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما، فالكثير يسأل عن ذلك حبًّا بوالديه، وفي سبيل المحافظة على برّهما بعد وفاتهما، وهذا الحديث يبيّن أهمّ نقاط البرّ بالوالدين بعد وفاتهما، فعن مالك بن ربيعة أبو أسيد الساعدي، قال: بينا نحن جلوسٌ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ جاء رجلٌ من بني سلمةَ فقال يا رسولَ اللهِ هل بَقِي من بِرِّ أبوَيَّ شيءٌ أبرُّهما به بعد موتِهما قال: "نعم الصَّلاةُ عليهما والاستغفارُ لهما وإنفاذُ عهدِهما من بعدِهما وصلةُ الرَّحِمِ الَّتي لا تُوصَلُ إلَّا بهما وإكرامُ صديقِهما"،[٧] فقد كان الحديث درسًا لمن أراد أن يتعلّم كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما، بأنّ من البرّ الصّلاة عليهما بعد وفاتهما، والدّعاء لهما بالمغفرة والرّحمة والقبول، والصّدقة عنهما، وتنفيذ وصيّتهما بعد وفاتهما ضمن طاعة الله تعالى، وصلة الرّحم التي لا أحد يصلها غيرهما كالأخوات والخالات والعمّات والأخوال والأعمام، وإكرام أصدقائهما وودّهم وصلتهم.[٨]

المراجع

  1. سورة الإسراء، آية: 23.
  2. "بر الوالدين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-02-2020. بتصرّف.
  3. عبد الله بن عبد اللطيف العقيل (1431هـ)، بر الوالدين (الطبعة الثالثة)، صفحة 52-57. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 13/ 392، حديث صحيح.
  5. سورة الإسراء، آية: 24.
  6. سورة لقمان، آية: 15.
  7. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن مالك بن ربيعة أبو أسيد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 3/298، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  8. "بر الوالدين بعد الموت "، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 03-02-2020. بتصرّف.
4586 مشاهدة
للأعلى للسفل
×