كيفية معاملة الحماة في الإسلام

كتابة:
كيفية معاملة الحماة في الإسلام

كيفية معاملة الحماة في الإسلام

تعرف الحماة: بأنها أم الزوج أو الزوجة،[١] ومن أهم ما جاء به هذا الدين الحنيف مكارم الأخلاق، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ صالحَ الأخلاقِ)،[٢] وإن من مكارم الأخلاق التي جاء بها هذا الدين إكرام كبار السن، والإحسان إلى الأقارب والأرحام حتى في حال إساءتهم.[٣]

وأم الزوج أو الزوجة ينبغي إكرامها لكبر سنهما ولمكانتهما من الزوج أو الزوجة، وإذا كانت سيئة فيتعامل معها بحكمة وبشيء من الصبر، والمرأة العاقلة تكسب حب زوجها ووده بإكرام أمه والصبر على أذاها؛ وكذلك الزوج.[٣]

وكذلك الحال مع أم الزوجة، فإن على الزوج أن يكرم حماته ويحترمها، ويعين زوجته على صلتها وبرها؛ إكراماً لزوجته وحفاظاً على صلة الأرحام، فقد أوصانا نبينا الكريم بتوقير الكبير حين قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منَّا مَن لم يوَقِّرْ كبيرَنا، ويرحَمْ صغيرَنا).[٤]

معاملة الزوجة لحماتها

فيما يأتي ذكر لأهم النقاط التي يمكن التنبه لها في هذا الباب:

  • الإحسان إليها يعتبر من البر

رعاية أم الزوج من البر، والله -تبارك وتعالى- قال للمكلف: (إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ)،[٥] ومعنى عندك: يعني في الإقامة معك، فلا ينبغي لزوجة الابن بحال أن تعق أم زوجها فهذا من باب العقوق للزوج بدون أدنى شك.[٦]

ومن حق الوالدين على ولدهما أن يبرهما ويبالغ في الاهتمام بهما، غير أن هذا الاهتمام يجب أن لا يؤدي إلى التفريط في حق آخر أوجبه الله عليه كحق الزوجة والأبناء، بل الواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه.[٧]

أما إذا كان هذا الاهتمام لا يؤدي إلى تقصير أو تضييع لحق من الحقوق للزوجة والأبناء، فليس لهم الاعتراض على مبالغته في الاهتمام بوالديه، لما ورد في وجوب وفضل ذلك من النصوص.[٧]

كقوله -تعالى-: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا)[٨] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (رَغِمَ أنْفُ رجلٍ أدركَ عِندَه أبواهُ الكبَرُ فلم يُدْخِلاهُ الجنةَ).[٩][٧]

  • في حسن معاملتها لحماتها إرضاء لربها

على الزوجة أن يكون قصدها أن ترضي ربها -عز وجل-، وأن تكون أم زوجها بمثابة أمها، وهذا من باب بر الزوج، فإن من كريم خلق المرأة حسن معاشرتها أصهارها؛ فإنها بذلك تكسب ود زوجها، وتكون لها عنده قدر ومنزلة، فما أمكنها الإتيان به من زيارتها أو السؤال عنها؛ فلتفعل وتحتسب الأجر عند الله -تعالى-.

وإن كان ذلك -أي الزيارة والسؤال عنها- ليس بلازم عليها شرعاً ولو طلب منها زوجها ذلك؛ لأن حدود طاعة المرأة زوجها في النكاح وتوابعه،[١٠] وحتى لو كانت أم زوجها مؤذية فعليها أن تصبر قال -تعالى-: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)،[١١] ولا ينبغي للزوجة أن تعاملها بالمثل، فإن هذا لا ينبغي أبداً لامرأة مسلمة.[٦]

  • الابتعاد عن المشاكل

على المرأة أن تتقي الله -عز وجل- وأن لا تفرق بين الزوج وأمه، أو بين الزوج وأبيه، وأن لا تختلق الكلام المحرم من أجل التفريق بينهم، وإذا وقع إشكال بينها وبين أم الزوج أو بينها وبين أبيه فحل المشاكل يكون بدون الفراق.[١٢]

وعليها أن تبتعد عن النميمة ونقل الكلام، وأن تصنع جواً مليئاً بالمودة؛ كأن تبادر للسؤال عن أم زوجها، ودعوتها لبيتها، وأن تقوم بإعداد الطعام لها الذي تحبه، وأن تحرص على مشاركتها بما يسرها، وتكون دائمة السؤال عن حالها، تتفقدها وتحنو عليها لتحبها.

معاملة الزوج لحماته

ولا بد من الإشارة إلى طريقة معاملة الزوج لأم زوجته، نلخص ذلك بما يأتي:

  • مصافحتها والسفر معها إن دعت الحاجة لذلك

إن الله -جل وعلا- حرم أم الزوجة على زوج ابنتها، تحريماً مؤبداً فهي من محارمه، فلا بأس أن يصافحها، وأن يسافر بها، وتكون محرماً لها، إلا إذا خشي من الفتنة،[١٣] ومن كريم خلق الزوج إكرامه أهل زوجته وإحسانه إليهم، وذلك من إكرامه لزوجته وإحسانه إليها، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي).[١٤]

  • إكرامها من إكرام زوجته

والمعروف دائماً وكما جرت العادة والمنطق، بأن الأقرب إلى المرأة هي والدتها، فكان من باب الأولى إكرام الرجل لأم زوجته التي تعتبر أهم شخص لدى زوجته من أصهاره؛ فلو قدر أن وقع شيء من التقصير من قبل هؤلاء الأصهار تجاه الزوج فينبغي أن يعفو ويصفح؛ فإن العفو والصلح من أعظم القربات.[١٥]

وإذا كانت هذه منزلة العفو من المسلم مع عموم المسلمين؛ فهو في حق الأصهار أعلى مقاماً وأعظم درجة؛ فقد جعل الله -تعالى- بينه وبينهم من رابطة عظيمة مما ينبغي الحرص على الحفاظ عليها، والحذر من تعريضها لأسباب الفرقة والكره؛ لتتحقق بذلك السعادة الدنيوية فضلاً عن سعادة الدار الآخرة.[١٥]

ثم إنه ينبغي أن يسود التفاهم بين الزوجين في الأمور التي تتعلق بحياتهما الزوجية، وأن يكون كل منهما عوناً للآخر في الإحسان إلى أهله، ولا سيما الوالدين، وينبغي أن تعلم الزوجة أن حق زوجها مقدم على حق والديها، فالواجب عليها طاعة زوجها بالمعروف.[١٥]

واجب الحماة تجاه صهرها أو كنتها

وعلى أم الزوج وأم الزوجة احترام خصوصية كلا الزوجين، وحرمة بيتهما واستقلاليتهما؛ فلا يدخلاه إلا بعد الاستئذان، ودون أن يتدخلا فيما لا يعنيهما؛ إلا إذا توجها إليهما بطلب النصح والمشورة، وإلا فلا يتجسسا على حياتهما، ولا يسألا عما لم يخبراهما به فضولاً.

قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)؛[١٦] لكي يعيناهما على برهما واحترامهما وطاعتهما، بحب ورضى.

المراجع

  1. محمد بن أيدمر، الدر الفريد وبيت القصيد، صفحة 411. بتصرّف.
  2. رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8952، صحيح.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 81. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤؤط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:529، حديث صحيح.
  5. سورة الإسراء، آية:23
  6. ^ أ ب أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 17. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 83.
  8. سورة الإسراء، آية:23
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3510، حديث صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 82.
  11. سورة لقمان، آية:17
  12. ابن عثيمين، نور على الدرب للعثيمين، صفحة 2. بتصرّف.
  13. صالح الفوزان، مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان، صفحة 560.
  14. رواه الهيتمي المكي، في الإفصاح عن أحاديث النكاح، عن الهيتمي المكي، الصفحة أو الرقم:184، حديث صحيح.
  15. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 93. بتصرّف.
  16. سورة النور، آية:27
3445 مشاهدة
للأعلى للسفل
×