أظهرت دراسة دولية جديدة إمكانية الشفاء التام للمرضى الذين يعانون من سرطان الأمعاء (القولون).
يعتبر سرطان الأمعاء أو القولون النقيلي مرض عضال، حيث ان الهدف من علاجه موجه حاليا لإطالة عمر وتحسين جودة حياة المريض بقدر الامكان. في الواقع، بلغ متوسط العمر المتوقع للمرضى الذين لديهم نقائل بشكل عام وعلى وجه الخصوص نقائل في الكبد نحو عشرين شهرا.
في السنوات الأخيرة، مع تقدم الأبحاث الطبية, بدأت تتطور علاجات ملائمة بشكل شخصي. وقد خلقت هذه العلاجات ثورة في مجالات العلاج المختلفة وسمحت بفعالية علاجية كبيرة، لأنها ملائمة للخصائص البيولوجية المحددة للمريض. هذه الخصائص البيولوجية يمكن تعريفها "ماركر- علامة" (MARKER) جزيئية للورم. هذا هو الفحص الذي يمكن من إيجاد طفرات محددة في الورم وملائمة علاج موجه للمريض بشكل شخصي، مناسب للبروفايل الجيني (الجزيئي). من بين أبرز الأمثلة هو "الماركر" الموجود لدى مرضى سرطان الثدي HER2 والملائم للدواء "هيرسيبتين-Herceptin"، و"الماركر" EGFR الذي يمكن من تشخيص محدد لمرضى سرطان الرئة ويسمح بعلاج فعال بشكل كبير بواسطة دواء يسمى "إريسا".
المجال الآخر الذي يخضع اليوم لتغيير في نهج العلاج هو سرطان الأمعاء أو القولون. في الخلايا السرطانية توجد "علامة- ماركر" تسمى: K-ras وهو الجين الذي يشفر للمستقبل الموجود على سطح الخلية السرطانية لدى مرضى سرطان القولون. وجود طفرة النقص K-ras ينبئ مسبقا بالمرضى الذين سيكون علاج "اربيتوكس" هو الأكثر فعالية لديهم. "اربيتوكس" هو دواء بيولوجي موجه للهدف، الذي يعمل بشكل محدد في المستقبل الموجود على سطح الخلايا السرطانية. الدواء يمنع نشاط مستقبل (بروتين) ال- EGFR المسئول عن عدد من العمليات في الخلايا السرطانية التي تشمل: انقسام الخلايا السرطانية، تكاثرها السريع، نشر النقائل وتكون أوعية دموية جديدة التي تغذي هذه الخلايا. لدى المرضى الذين لا يحمل الورم لديهم طفرة K-ras فعلاج الاربيتوكس بالدمج مع العلاج الكيميائي يؤدي لاستجابة لدى 50٪ من المرضى ويحسن نسبة البقاء على قيد الحياة لدى المرضى بشكل كبير.
دراسة دولية حديثة نشرت في مجلة LANCET، واحدة من المجلات المهنية الرائدة في العالم، عرضت بيانات جديدة عن سرطان الأمعاء - القولون مع نقائل في الكبد: لأول مره، المعالجة البيولوجية بالدمج مع العلاج الكيميائي في علاج الخط الأول لدى المرضى الذين لديهم نقائل، يتيح نقلهم من مسار العلاج لإطالة اعمارهم إلى مسار إنقاذ حياتهم. وأظهرت الدراسة أن علاج الخط الأول الذي يدمج بين العلاج الكيميائي وال "اربيتوكس" لدى المرضى الذين يعانون من سرطان القولون مع نقائل محصورة في الكبد، قلل النقائل وأتاح امكانية استئصالها جراحيا. حوالي 70٪ من المرضى استجابوا لعلاج "الاربيتوكس" والعلاج الكيميائي مما مكن من استئصال النقائل من الكبد (R0)، كما تحققت لدى 34٪ من المرضى حالة الشفاء التام من المرض! وأظهرت الدراسة أن العلاج المدمج يمكن أن يقلل من النقائل في الكبد والشفاء لدى عدد لا بأس به من المرضى.
هذه النتائج تعني أن سرطان الأمعاء مع وجود النقائل في الكبد يمكن شفائه. عدم القدرة على اعطاء العلاج الملائم بشكل شخصي في علاج الخط الأول لدى مرضى سرطان القولون يجبر العديد من المرضى على تلقي علاج ليس هو بالضرورة الأكثر فعالية بالنسبة لهم. لذلك فالأطباء مقيدين في قدرتهم على مكافحة هذا المرض الخطير.