لماذا حرم الله لحم الخنزير

كتابة:
لماذا حرم الله لحم الخنزير

سبب تحريم لحم الخنزير

حرّم الله - تعالى- على المسلمين لحم الخنزير وذلك لأسباب متعدّدة، فيما يلي ذكرها:[١]

  • السبب الرئيسي في تحريم لحم الخنزير أنّه أمرٌ إلهي، والله -تعالى- حرّم كلّ خبيث على الإنسان، وأحلّ له الطيبات، فيجب التسليم والخضوع لأمر الله -تعالى-.
  • يُعدّ الخنزير سبعاً من السباع؛ وثبت عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كُلُّ ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ فأكْلُهُ حَرامٌ)،[٢] فهذا دليلٌ على تحريم أكل لحم الخنزير، والخنزير كائن يوجد فيه السبعيّة فيأكل اللّحم، والبهيميّة؛ فيأكل العشب والحشائش.
  • حرّم الله -تعالى- الخنزير لأنّه حيوان قذر ويأكل الطعام القذر؛ وينقل إلى من يأكله القذر والضرر.[٣]
  • حرم الله -تعالى- لحم الخنزير لأنّه حيوان نجس؛ فقد قال الله -تعالى-: (قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٤] والرجس يعني: النجس، وهو ضار لجسم الإنسان.[٥]
  • حرم الله -تعالى- لحم الخنزير؛ لأنّه من الخبائث التي تستقذرها النفس البشرية السوية المستقيمة على الفطرة الصحيحة.[٦]


حكم أكل لحم الخنزير

لا يجوز أكل لحم الخنزير؛[٧] ويحرم كذلك شحم الخنزير، وغضروفه، ومخه، وعظامه، وجلده، ولبنه، ودماغه، وحشوته، إلا للضرورة باتّفاق علماء الأمة الإسلامية؛ قال الله -تعالى-: (قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[٨]


ويجوز للإنسان عند الضرورة أن يأكل من لحم الخنزير؛ والضرورة تحصل عند الخوف على النفس من الهلاك إذا لم يتناول شيئاً، فيتناول مقداراً بسيطاً بمقدار ما يمنعه من الهلاك؛ ثم يرجع المسلم إلى الحكم الأصليّ وهو تحريم أكل لحم الخنزير.[٩]


وإذا وُجد لحم كلب ولحم خنزير فللشخص أن يأكل من لحم الكلب ويترك لحم الخنزير عند الضرورة، وهذا مذهب الحنابلة؛ لأنّ بعض العلماء قاموا بتحليل أكل لحم الكلب، وقالوا إنّ المضطر يأكل من شحم الخنزير وكليته وكبده إذا توفّر؛ لأن لحم الخنزير فيه نصّ صريح وواضح على تحريمه بخلاف بقية أجزائه، وذهب المالكية إلى القول بأن المضطر يأكل عند الضرورة من الميتة ويترك الأكل من الخنزير، وهذا إذا اضطر لذلك فقط.[١٠]


أحكام أخرى متعلقة بالخنزير

هناك أحكام كثيرة متعلقة بالخنزير؛ نذكرها فيما يأتي:

  • يُعدّ الخنزير من الحيوانات التي لا يجوز بيعها، ولا بيع أيّ جزءٍ من أجزائه الداخلية أو الخارجية، وكذلك لا يجوز بيع الخنزير حياً كان أمّ ميّتاً؛ لأنّ تحريم بيع الخنزير جاء عامّاً يشمل تحريم بيع الخنزير حيّاً أو ميّتاً.[١١]
  • يُعدّ الخنزير من الحيوانات القذرة الخبيثة، وهو حيوان نجس العين، وكلّ ما ينتج عن الخنزير يعتبر نجساً، فلا يجوز أكل الخنزير ولا استخدام جلده وشعره ولا الانتفاع باللّبن الذي يخرج منه، ولا يجوز شراء الخنزير والاحتفاظ به والاعتناء به، وهذا مذهب جمهور الفقهاء.[١٢]
  • لا يجوز الانتفاع بجلد الخنزير أبداً حتى بعد الدّباغة؛ لأنّ جلد الخنزير لا يطهر عند دباغته، ويبقى جلده نجساً باتفاق الفقهاء، فالدّباغة لا تُزيل نجاسة جلد الخنزير؛ لأنّه نجس العين.[١٣]
  • يُعدّ الخنزير من الحيوانات التي تُنجِّس الماء إذا ولغت فيه -أي شربت منه وهو في الإناء-، ويتم التّطهر من نجاسة الخنزير مثل التّطهر من سائر النجاسات؛ بغسلها مرّة واحدة أو بمقدار ما يحصل به زوال النجاسة الحاصلة من الخنزير، ولم يُلحق العلماء التطهر من نجاسة الخنزير بكيفية التطهر من نجاسة الكلب، واعتبروا نجاسة الخنزير مثل سائر النجاسات؛ واتّفق على ذلك الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة، وذلك لعدم وجود نصّ صريح في الشريعة الإسلامية يُلحق غسل نجاسة الخنزير ويجعلها واجبة مثل غسل نجاسة الكلب، والأساس في غسل نجاسة الخنزير زوال النجاسة، فمتى ما زالت النجاسة؛ تحقّق مقصود الطهارة وذهب حكم النجاسة.[١٤]
  • لا يجوز استعمال ما يتعلّق بالخنزير في التداوي من الأمراض؛ فلا يجوز استخدامها في صنع الأدوية، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وقولٌ عند الشافعيّة، لأنّ الخنزير خبيثٌ، ولا يجوز التّداوي بالخبيث، وقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (نَهى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الدَّواءِ الخبيثِ).[١٥][١٤]


لماذا خلق الله الخنزير وهو محرم؟

يخلقُ الله -عز وجل- ما يشاء ولا بُدّ من حكمةٍ يخلق الله -تعالى- المخلوق لأجلها، ومن ذلك خلقُ الخنزير، وقد قيل أنّ الحكمة من خلق الخنزير هي مهمته في تنظيف القاذورات،[١٦] وقيل أيضاً أنّه شاهد على عقاب الله لبعض الأمم التي مسخهم إلى قردة وخنازير،[١٧] والله يخلق ما يشاء وهو وحده يعلمُ الحكمةَ من ذلك.


أضرار تناول لحم الخنزير

يُعدّ تناول لحم الخنزير من الأمور الضارّة لجسم الإنسان، ومن أبرز أضرار لحم الخنزير، وفيما يأتي ذكر بعض هذه الأضرار:[١٨]

  • يعدُّ لحم الخنزير من أكثر اللحوم التي تحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول الذي تؤدي زيادته في الدم إلى تصلّب الشرايين.
  • يتسبب تناول لحم الخنزير في الإصابة بسرطان الدم، والثدي، والقولون، والبروستاتا والمستقيم.
  • يؤدي تناوله إلى السّمنة وأمراضها.
  • يتسبب تناول لحم الخزير في الحكّة والحساسية وقرحة المعدة.
  • يؤدي تناول لحم الخنزير الذي يحتوي على الدودة الشريطية إلى التهابات الرئة.
  • تتسبب الدودة الشريطية الموجودة في لحم الخنزير في نمو البويضات داخل جسم الإنسان مما يؤدي لاحقاً إلى ما يسمى بالجنون والهستيريا إذا نَمَت في الدماغ.
  • يؤدي نمو الدودة الشريطية في القلب إلى حدوث النوبات القلبية للإنسان.


هل تناول لحم الخنزير يقتل الغيرة؟

لم يَرِد في دليل تحريم لحم الخنزير أنّه يقتل الغيرة لدى الإنسان، ولكنّ أهل العلم ذكروا ذلك، فقد قال أبو حيان الأندلسي: "أنّه يقلع الغيرة ويذهب بالأَنَفَة، فيتساهل الناس في هتك المحرم وإباحة الزنا"، كما ورأى بعض العلماء أنّ من طبع الخنزير قلة الغيرة، وأنّ من يأكل من لحمِه سيتطبّع بنفسِ طِباعِه.[١٩]

وفي نهاية المقال، نصلُ إلى أنّ الخنزير حيوانٌ حرّمه الله تعالى لذاته، فيحرُمُ أكل لحمه أو الانتفاع بشيءٍ منه وذلك لما يسببه من أضرار كثيرة أوردناها فيما سبق، وأنّ الحكمة من تحريمه لا يعلمها سوى الله -تعالى- وليس للإنسان أن يسأل عن ذلك.


المراجع

  1. أحمد الزيات، كتاب مجلة الرسالة، صفحة 48-49، جزء 199. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1933، صحيح.
  3. عبد الله بن جبرين، كتاب شرح عمدة الأحكام، صفحة 10، جزء 46. بتصرّف.
  4. سورة الأنعام، آية: 145.
  5. محمد المسند (1414 هـ - 1994 م)، كتاب فتاوى إسلامية (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن، صفحة 397، جزء 3. بتصرّف.
  6. سعيد حوى (1424 هـ)، كتاب الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 374-375، جزء 1. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأول)، مصر: دار الصفوة، صفحة 211، جزء 35. بتصرّف.
  8. سورة الأنعام، آية: 145.
  9. ابن القطان القاسي (1424 هـ - 2004 م)، كتاب الإقناع في مسائل الإجماع (الطبعة الأولى)، الفاروق، صفحة 325، جزء 1. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 32-33، جزء 20. بتصرّف.
  11. أحمد الجصاص (1431 هـ - 2010 م)، كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (الطبعة الأولى)، دار البشائر الإسلامية، صفحة 674، جزء 5. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 123، جزء 35. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 34، جزء 20. بتصرّف.
  14. ^ أ ب "الخِنزير"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2021. بتصرّف.
  15. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2045، صحيح.
  16. الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 6006. بتصرّف.
  17. "غاية الحكمة من خلق الخنزير"، إسلام ويب، 17-3-2002، اطّلع عليه بتاريخ 11-8-2021. بتصرّف.
  18. محمد المنجد ، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 153. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 39. بتصرّف.
4346 مشاهدة
للأعلى للسفل
×