لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم

كتابة:
لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيّب شاغِلُ الناس في كلّ العصور، إذِ انقسمَ حولَه الشعراءُ والأدباء إلى مؤيّدٍ مُمجِّدٍ وإلى منتقدٍ لاذعٍ كما فعلَ طه حسين، أبو الطيب أحمد بن حسين بن الحسن الكندي نسبةٍ إلى مكانِ ولادته -كِندة- من أعمال الكوفة بالعراق سنةَ 915م، عَلمٌ من أعلام الشعر العربيّ في العصر العباسيّ، وفي العصور كافّة فقد أتقن اللغة العربية وعرَفَ كيف يوظّفها في خدمةِ أشعاره التي أصبحتْ مرجعًا للشعراء والأدباء، كما وُصفَ بأنّه نادرة زمانه في الشعر والفصاحة والبلاغة والحكمة حتّى عُرف بالشاعر الحكيم فشعره مليءٌ بالحكم والأمثال المتداولة حتّى اليوم، وهذا المقال سيجيب عن سؤال: لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم إضافةً إلى أنه سيسلّطُ الضوء على جانبٍ من حياة المتنبي.

لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم

تعدّدت وتضاربت الروايات في الغجابة عن سؤال: لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم ، ووردَ سببُ تلقيب أبي الطيب بلقب المتنبي أنّه قيل: المتنبي مأخوذةٌ من النبوة إذْ قام أبو الطيب بإدعاء النبوة في منطقة بين الكوفة والشام تسمّى بادية السماوة واتّبعه خلقٌ كثيرٌ، ممّا حَدا بنائب الإخشيد وأمير حمص آنذاك المسمى لؤلؤ الذي خرج إليه وقضى على جمعه واعتقله وأودعه السجن وهناك استتابه، فتاب ثم أطلق سراحه ليجوب البلاد مادحًا هذا وذاك حتّى وصلَ به الأمرُ إلى سيف الدولة الحمداني، وهذه الرواية لم يُضعفها العديدُ من النقّاد؛ إذ إنّ عقوية الردة وادّعاء النبوّة هي القتل وفي حالةِ التوبة يعيشُ المرتد مَنبوذًا في مجتمعه، وهذا عكس ما كانَ عليه أبو الطيب إذ إنّه الوحيدُ بين الشعراء الذي كان يُلقي شعرَه بين يدي سيف الدولة جالسًا، أما الرأي الآخر حول لقب المتنبي أن هذا اللفظ في اللغة العربية المرتفع عن الأرض وذلك لتميُّز أبي الطيب في شعره عن أقرانه وعلوه عليهم كالأرض المرتفعة عما سواها. وبذلك تكون الإجابة عن سؤال: لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم تحديدًا. [١][٢]

خصائص شعر المتنبي

لأبي الطيّب أسلوبٌ فريدٌ من نوعِه في نظم الشعر تميَّز به عن أقرانه من شعراء العصر العباسي فقد طغى المديح خاصّةً مديح نفسه على الأغراض الشعرية كافة، فكان ينظر إلى نفسه على أنّه شمسٌ والأجرام والكواكب -الشعراء وغيرهم- تدور حوله وفي فلكه، كما أنّ مديحَه اقتصر على ذاته وبطولاته وأقواله وأفعاله دون مديح الأب أو الجدّ أو القبيلة كما كان معروفًا في شعر الفخر والمديح، والسبب يعودُ إلى نسبٍ وضيع لأبي الطيب عزز لديه هذا الشرخ النفسيّ والذي دفعه إلى المبالغة في مديح ذاته حتى سيّطر على شعره بحسب عميد الأدب العربيّ طه حسين وإنْ كان في هذا الرأي تحاملٌ على أبي الطيب لكن ذلك لا يقلل من مديحه لنفسه قبل أي أحدٍ.

الهجاء كان له حصّةٌ كبيرةٌ في أشعار المتنبي، فكان يهجو كلّ من يبخل عليه بالعطايا والمِنح وكلّ من يعادي ويخالف سيف الدولة الحمداني على وجه التحديد، وتميّز شعره بقوّة اللفظ وجزالته وخصوبة المخيّلة في صياغة التعابير والمشاهد الشعريّة والسهولة والمقدرة على الوصف، كما استطاع تطويع اللغة ليصيغ منها ما يشاء، كما كثُرت في شعره الحِكم والأمثال والمواعظ المقتضبة والتي جَرت على ألسنة الناس حتى هذا الزمان وفي كل زمانٍ، كقوله: إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ          وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا

تطرّق أبو الطيب في شعره إلى العديد من المواضيعِ الشعرية كغيرِه من الشعراء معتمِدًا على قدراته اللغوية الهائلة والتي مكنته من خوض جميع أنواع الشعر وضروبه الكلاسيكية كالغزل والرثاء ووصف الطبيعة والفلسفة والحزن وغيرها الكثير. [٣][٢]

من شعر المتنبي

تنوّعت الأغراض الشعريّة في أشعار المتنبي والتي جُمعت في ديوانٍ وطبعت عدة مراتٍ، وقد تناول العديد من الأدباء والنقاد والمفكرين أشعار أبي الطيب تحليلًا ودراسةً ونقدًا واستفادةً من أسلوبه الشعري المتفرِّد حتى أطلق عليه الأديب السوداني الطيب صالح لقب الأستاذ، ومن أشعاره ما يأتي: [٤]

قوله في الحكمة:

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ          فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ          كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ يرَى الجُبَناءُ أنّ العَجزَ عَقْلٌ          وتِلكَ خَديعَةُ الطّبعِ اللّئيمِ وكمْ من عائِبٍ قوْلًا صَحيحًا          وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السّقيمِ ولكِنْ تأخُذُ الآذانُ مِنْهُ          على قَدَرِ القَرائحِ والعُلُومِ

قوله في المديح:

كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شَافِيَا          وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي

وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه          وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ

وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى           مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّ          وَحَسـْبُ المَنـايَا أن يكُنَّ أمانِيَا

تَمَنّيْتَهَـا لما تَمنيتَ أن تَرى          صديقًا فأعْيَـا أوْ عَدُوًّا مداجِيا

قوله في العشق:

لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقيهُ          وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى          شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ

قوله في الهجاء:

من أيّةِ الطُّرْقِ يأتي مثلَكَ الكَرَمُ          أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ جازَ الأُلى مَلكَتْ كَفّاكَ قَدْرَهُمُ            فعُرّفُوا بكَ أنّ الكَلْبَ فوْقَهُمُ ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ           وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَمُ أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم           يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ ألا فَتًى يُورِدُ الهِنْدِيَّ هَامَتَهُ          كَيما تزولَ شكوكُ النّاسِ وَالتُّهمُ فإنّهُ حُجّةٌ يُؤذي القُلُوبَ بهَا          مَنْ دينُهُ الدّهرُ وَالتّعطيلُ وَالقِدمُ ما أقدَرَ الله أنْ يُخْزِي خَليقَتَهُ        وَلا يُصَدِّقَ قَوْماً في الذي زَعَمُوا

المراجع

  1. المتنبي،,  "www.aldiwan.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 09-02-2018، بتصرف
  2. ^ أ ب أبو الطيب المتنبي،,  "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 09-02-2019، بتصرف
  3. من هو المتنبي،,  "www.arageek.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 09-02-2019، بتصرف
  4. ديوان المتنبي،,  "www.adab.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 09-02-2019، بتصرف
5095 مشاهدة
للأعلى للسفل
×