محتويات
احتمال أنها والأنفال سورة واحدة
مما جاء في احتمالية أنها والأنفال سورة واحدة ما ورد عن ابن عباس قال: "قُلتُ لعُثمانَ بنِ عَفانَ: ما حَمَلَكم على أنْ عَمَدتُم إلى الأنفالِ، وهي منَ المَثاني، وإلى براءَةٌ، وهي منَ المِئينَ فقَرَنتُم بينَهما، ولم تَكْتُبوا بينَهما سَطرًا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ووَضَعتُموها في السَّبعِ الطِّوالِ، فما حَمَلَكم على ذلك؟ قال: فقال عُثمانُ: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْتي عليه الزَّمانُ وهو يَنزِلُ عليه منَ السوَرِ ذواتِ العددِ، فكان إذا نَزَلَ عليه الشَّيءُ دخَلَ بعضُ مَن يكتُبُ له فيقولُ: ضَعوا هذا في السورةِ التي يُذكَرُ فيها كذا وكذا، وإذا نزَلَتْ عليه الآياتُ قال: ضَعوا هذه الآياتِ في السورةِ التي يُذكَرُ فيها كذا وكذا، وإذا نزَلَتْ عليه الآيَةُ، قال: ضَعوا هذه الآيةَ في السورةِ التي يُذكَرُ فيها كذا وكذا، وكانتِ الأنفالُ من أوائِلِ ما أُنزِلَ بالمَدينةِ، وكانت براءةٌ من آخِرِ القُرْآنِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَظَنَنْت أَنَّهَا مِنْهَا؛ فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْت بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".[١]
ولكن من المعروف أن ترتيب سور القرآن الكريم ترتيب توقيفي؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم هو من أمر الصحابة كتاب الوحي رضوان الله عليهم بوضع سورة التوبة بعد الأنفال، وذلك بإشارة من جبريل عليه السلام على نسق ما هو مدون في اللوح المحفوظ عند الله عز وجل.[٢]
لذا فإن ما يقال من أن سورة التوبة تابعة لسورة الأنفال وأنهما سورة واحدة، والاحتجاج بعدم وجود البسملة في بدايتها قول لا يستند إلى أثر صحيح ولا إلى حجة بينة أو قول ثابت، لأنهما لو كانتا سورة واحدة لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بضمهما إلى بعضهما، ولهذا فهما سورتان مستقلتان، نزلت كل واحدة منفردة عن الأخرى، وبين نزولهما سبع سنوات.[٢]
عدم مناسبة بداياتها لمحتوى البسملة
تعددت آراء العلماء في غايات عدم ذكر البسملة في بداية سورة التوبة، ومن ذلك أن موضوعها لا يتناسب مع البسملة، وفيما يأتي بيان لذلك:[١]
- أن براءة سخط، والبسملة رحمة، فلا يجمع بين سخط الله ورحمته في موضع واحد .
- أن براءة رفعت الأمان عن المشركين، والبسملة أمارة الأمان عند العرب.
- قال بعضهم إنها افتتحت بذكر الكفار فلم تذكر البسملة، لكنه قول بعيد؛ لأن كثيراً من سور القرآن افتتحت بذكر الكفار مثل قوله تعالى في مستهل سورة محمد: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ).[٣]
عدم ورود البسملة فيها في نسخ الصحابة للقرآن
يعد هذا أحد تفاسير عدم ورود البسملة في سورة التوبة؛ حيث نزلت بداية سورة التوبة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما رجع من غزوة تبوك وهمّ بالحج، وهي من أواخر السور التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما لم تكتب البسملة في أولها لأن الصحابة اقتدوا بمصحف الإمام عثمان بن عفان أمير المؤمنين، فلم يكتبوا البسملة، لأنها لم تكن مكتوبة في مصحفه.[٤]
سورة التوبة هي السورة الوحيدة من سور القرآن الكريم التي لم تبدأ بالبسملة فيها وهي ذكر: "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقد ذكر العلماء عدة تفاسير لذلك؛ فمنهم من قال إن السبب في ذلك احتمالية أن تكون سورة التوبة والأنفال سورة واحدة، بينما قال البعض الآخر إن السبب هو عدم مناسبة موضوعاتها مع البسملة، وقال آخرون إن السبب هو عدم ورود البسملة في مصحف عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
المراجع
- ^ أ ب ابن العربي، أحكام القرآن، صفحة 445. بتصرّف.
- ^ أ ب عبدالقادر العاني، بيان المعاني، صفحة 400. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:1
- ↑ إسماعيل بن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 89. بتصرّف.