خطة زيد في جمع القرآن
بعد أنِ ارتدَّتْ بعض قبائل العرب عن الإسلام ونشبتْ حروب الردَّة التي أودت بحياة عدد كبير من قرَّاء القرآن الكريم وحفظته، أمر أبو بكر الصديق زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بجمع القرآن الكريم، فوضع زيد خطة في جمع القرآن تقوم على أخذ ما كُتب بين يدي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من القرآن على الرقاع، وأخذ ما حُفظ في صدور حفظة القرآن من الصحابة الذين حفظوه في عهد رسول الله، وكان زيد لا يقبل شيئًا محفوظًا، ويقبل ما دُعم بالكتابة فقط، فلا تثبت الآية إلَّا إذا جاء بها أحد من الصحابة يحفظها وهي مكتوبة في الأساس، كما كان لا يقبل المكتوب إلَّا إذا شهد شاهدان على أنّ المكتوب كُتب في عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيما يأتي سبب وصول صحف القرآن إلى حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.[١]
لماذا صارت الصحف إلى حفصة بنت عمر
إنَّ أول من جمع المصحف الشريف هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان هذا في زمن خلافته وتحديدًا في أيام حروب الرِّدة، وبعد وفاة أبي بكر الصديق انتقل المصحف إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي استلم خلافة المسلمين بعد أبي بكر الصديق، ولمَّا توفِّي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كانت وصيته أن يوضع المصحف الشريف عند ابنته أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها، وقد قال الحافظ بن حجر في كتابه فتح الباري: "وإنما كان ذلك عند حفصة -رضي الله عنها- لأنها كانت وصية عمر، فاستمر ما كان عنده عندها"، أي أنَّ السبب الذي أدى إلى وضع المصحف عند حفصة هو وصية والدها عمر بن الخطاب، ولا شكَّ في أنَّ حفصة بنت عمر أهل لأن تحتفظ بالمصحف الشريف، فهي التي قال عنها جبريل عليه السَّلام: "راجعْ حفصةَ، فإنَّها صوامةٌ قوامةٌ، وإنَّها زوجتُك في الجنةِ"[٢]،والله تعالى أعلم.[٣]
نسخ الصحف في المصاحف
بعد أن استقرَّ القرآن الكريم عند حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- بناءً على وصية والدها، وعند استلام عثمان بن عفان خلافة المسلمين، بدأت في عهد عثمان الفتوحات الإسلامية في أرمينيا وأذربيجان، فرأى الصحابي حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- اختلاف تلك الأمم في القرآن، فأشار على عثمان بن عفان أن يجمع القرآن قبل أن تختلف الأمة فيه، فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب منها نسخ الصحف لكي ينسخها في المصاحف ثمَّ يعيدها إليها، فأرسلت حفصة إلى عثمان الصحف فأرسل عثمان إلى مجموعة من الصحابة يأمرهم بنسخ الصحف في مصاحف، وهم: "زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير"، وأمرهم أن يكتبوا القرآن بلسان قريش إن اختلفوا فيما بينهم فقد نزل القرآن بلسان قريش، ولمَّا تمَّ نسخ الصحف في المصاحف أرسل عثمان بن عفان نسخًا من تلك المصاحف إلى الأمصار، وهكذا حُفظ القرآن الكريم بإذن الله تعالى.[٤]
المراجع
- ↑ "الواضح في علوم القرآن"، www.al-eman.com، 25/5/2020. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك وقيس بن زيد، الصفحة أو الرقم: 6061، حديث صحيح.
- ↑ "لماذا بقي المصحف عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها"، www.islamweb.net، 25/5/2020. بتصرّف.
- ↑ " تحفة الأحوذي"، islamweb.net، 25/5/2020. بتصرّف.