حقيقة فإن هذه المقولة ( كل ممنوع مرغوب ) قديمة قدم الإنسان ذاته و لها مرادفات قريبة من ذات المعنى في معظم اللغات الحية في العالم ، و لعل أسباب ذلك يعود إلى قصة الخليقة الأولى ، حيث أن آدم عليه السلام و زوجته قد أخرجا من نعيم جنتهما بسبب أكلهما من شجرة منعت عنهما بأمر من الله عز و جل ، فقد أباح الله لهم كل ما كان في جنتهما بإستثناء شجرة واحدة ، و قد وسوس لهما الشيطان فأغواهما و رغبهما في تلك الشجرة أيما ترغيب ، و حصل ما حصل من تمام القصة التي تعرفونها ( و من لا يعرفها عليه بمرجع آخر ) ، و قد وصف ذلك الحدث بأنه مثال على الرغبة في الممنوع.
حقيقة فإن الموضوع فلسفي إلى حد بعيد ، فإن نظرية قد تقول ما كان في حق سيدنا آدم كل ممنوع مرغوب إلا أن الشيطان هو من وسوس له في إقتراف الممنوع ، كذلك فإنه و بعيداً عن قصة سيدنا آدم ، فالإنسان طبعه محبة المعرفة و الإستكشاف ، فإنك إذا ما نظرت لطفل و أنت تلاعبه ، ثم عمدت إلى إخفاء شيء داخل جيبك و رآك الطفل و أنت تخفيه و لم يلتفت كثيرا لذلك و واصل لعبه معك ، حتى إذا إستفززته انت بقولك لقد أخفيت شيئاً جميلاً في جيبي ، فربما يقول لك ما هو و إن قلت له إنه شيء لا يهمك فلربما ينتهي به الأمر إلى ذلك الحد ، و لكنك إن قلت له مستفزاً إياه منذ البداية أيما إستفزاز لقد خبأت شيئاً جميلاً جداً جداً في جيبي و عندما سألك ما هو قلت له لن أخبرك أبداً أبداً و لا ينبغي لك أن تعرفه أبداً ، لوجدته إستشاط غضباً و بدأ يحاول البحث عما بداخل جيبك و لربما إستعمل قليلاً من العنف في سبيل ذلك و إن لم يظفر بما يريد من المعرفة أصبح اكثر عصبية و رغبة في هذا الممنوع !
لقد سردت لكم تلكم القصة البسيطة للتدليل على أن حب معرفة المجهول أصيلة في النفس و برأيي فليس كل ممنوع مرغوب بالمطلق و إنما هناك شرط زائد يجب توفره بجانب المنع كأن يكون الإستفزاز بخصوص الممنوع أو الوسوسة بخصوص الممنوع أو التحريض على إقتراف الممنوع أو النوازع الشهوانية لذلك الممنوع ، و ما هو على سبيل ذلك.