لماذا نزل القرآن بلغة قريش

كتابة:
لماذا نزل القرآن بلغة قريش

لغة قريش

قبيلة قريش هي إحدى القبائل العربية التي سكنت شبه الجزيرة العربية وتحديدًا في مكة المكرمة قبل ظهور الإسلام، وقد كانت لقريش لغةً ولهجة عربية خاصَّة بها كسائر القبائل العربية التي كانت تختلف فيما بينها باللهجة وتتفق بالعربية جميعها، وقد كانت لغة قريش في يوم من الأيام لهجة من لهجات العرب قبل الإسلام، وعندما قرّرت القبائل العربية أن تختار لغة واحدة تجمع عرب الجزيرة، اختاروا لغة قريش، فأصبحت لغة قريش لغة العرب، وإنَّما هذا التميز عائد إلى كونِ لغة قريش أفصح اللهجات العربية آنذاك، وبعد ظهور الإسلام اكتسبت لغة قريش أهمية كبيرة؛ لأنَّها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وهذا المقال سيجيب عن السؤال القائل لماذا نزل القرآن بلغة قريش.[١]

لماذا نزل القرآن بلغة قريش

في الإجابة عن السؤال القائل: لماذا نزل القرآن بلغة قريش، جدير بالقول إنَّ رسول الله محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- عربي قُرشيٌّ، أنزل الله تعالى عليه القرآن الكريم بلغة قومه، حيث قال تعالى في سورة إبرهيم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}،[٢] ولهذا نزل القرآن الكريم باللغة العربية، واللغة العربية من اللغات السامية في العالم، وهي من أوسع اللغات في تاريخ البشرية، فكانت ملائمة لاتساع معاني القرآن الكريم ومتطلباته، وهي لغة لا خلل فيها ولا نقص، فقد عاش العرب في شبه الجزيرة العربية بمعزل عن العجم، فلم يختلطوا بهم ولم يدخل على لغتهم ما يُفسدها ويحرِّفها، فنشأت لغة العرب صافية بين أبنائها، نقيَّة من كلِّ ما قد يشوبها ويضعفها من اللغات الأخرى، وجدير بالذكر أيضًا إنَّ العرب اهتموا بلغتهم وعملوا على صقلها وتحسينها، فأقاموا للكلمة أسواقًا، واهتمُّوا بالشعر والنثر بسائر فنونهما، فأصبحت الكلمة عند العرب قادرة على التعبير عن كلِّ ما يدور في نفس المتكلم، أمَّا إجابة السؤال القائل: لماذا نزل القرآن بلغة قريش، فقد نزل القرآن بلغة قبيلة قريش؛ لأنَّ القرشيين كانوا أبلغَ العرب وأفصحهم ألسنة، كما أنَّ لغة قريش كانت أصفى لغات العرب على الإطلاق، فالقرشيون كان يختارون من لغات العرب أفضلها وأجملها، حتَّى صاروا أفضل القبائل العربية لغة ولهجة، كما أنَّ لغة قريش كانت أخصب لغات العرب وأكثرها تعبيرًا وأعلاها وأرفعها مكانة؛ ولهذه الأسباب اختار الله -عزَّ وجلَّ- لغة أهل قريش ليُنزل القرآنَ الكريم بها، ولكي يتحدَّى بلاغتهم وفصاحتهم، وليظهر لهم الإعجاز البياني والبلاغي الذي نزل به القرآن الكريم، فقد أعجز القرآن فصحاء وبلغاء قريش والعرب أجمعين، والله تعالى أعلم.[٣]

معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

بعد الإجابة عن السؤال القائل: لماذا نزل القرآن بلغة قريش، سيتم المرور على معنى نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف، وقد جاء هذا المعنى في السنة النبوية المباركة، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّه قال: "سمعتُ هشامَ بنِ حَكيمٍ يقرأُ سورةَ الفرقانِ على غيرِ ما أقرؤها عليهِ، وكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أقرأنيها فكدتُ أن أعجَلَ عليهِ ثمَّ أمهلتُهُ حتَّى انصرفَ ثمَّ لبَّبتُهُ بردائهِ فجئتُ بهِ إلى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، إنِّي سمعتُ هذا يقرأُ سورةَ الفرقانِ على غيرِ ما أقرأتَنيها، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: اقرأ فقرأَ القراءةَ الَّتي سمعتُهُ يقرأُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: هكذا أنزِلَت، ثمَّ قالَ ليَ: اقرأ فقرأتُ، فقالَ: هكذا أنزُلَت، إنَّ هذا القرآنَ أُنزِلَ على سبعةِ أحرفٍ، فاقرؤوا ما تيسَّرَ منه"،[٤] وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ علَى حَرْفٍ فَراجَعْتُهُ، فَلَمْ أزَلْ أسْتَزِيدُهُ ويَزِيدُنِي حتَّى انْتَهَى إلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ"،[٥] وهذه الأحاديث تبين أنَّ القرآن الكريم نزل على غير قراءة واحدة، وقد اختلف العلماء في الحروف السبعة المذكورة في الأحاديث السابقة، ورأى ابن سلام أنَّ الحروف السبعة هي لغات مختلفة في القرآن، أي أنَّ بعض القرآن كان بلغة قريش وبعضه بلغة هوازن ولغة هذيل ولغة اليمن، وغيرها.[٦]

وجاء أيضًا أنَّ الحروف السبعة هي اختلاف في لفظ القرآن الكريم وليس اختلافًا في المعنى، وإذا اختلف المعنى فهو اختلاف تنوع وتغاير وليس اختلاف تضاد وتعارض، وهنا تجب الإشارة إلى أنَّ قراءات القرآن الكريم السبع لم ترد في الكتاب والسنة، بل وضعها ابن مجاهد، ولهذا فالحروف السبعة تختلف عن القراءات السبعة وإنَّ اتفقا في العدد، فاتفاق العدد مصادفة لا غير، لذلك فالراجح أنَّ الحروف السبعة هي لغات العرب، والله تعالى أعلم.[٧]

الإعجاز القرآني

بعد الإجابة عن سؤال: لماذا نزل القرآن بلغة قريش، والحديث عن معنى نزول القرآن على سبعة أحرف، لا بدَّ من القول إنَّ القرآن الكريم كتاب مُعجز بكلِّ ما فيه، تحدَّى به الله تعالى الإنس والجن، فلم يستطع أحد على أن يأتي بآية من مثله، حيث قال تعالى في سورة الإسراء: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}،[٨] ولهذا الإعجاز أوجه مختلفة وهي: الإعجاز اللغوي والبلاغي والإعجاز في الإخبار بالمغيَّبات والإعجاز العلمي والإعجاز التشريعي، ومن أهم وجوه الإعجاز القرآني الإعجاز البياني البلاغي، والإعجاز البلاغي اللغوي البياني هو ما ورد في آيات القرآن الكريم وعباراته وكلماته من بلاغة وفصاحة وبيان، فكلام القرآن الكريم مقسم بنظام صوتي بديع، وبفواصل ومقاطع إعجازية، لا يستطيع الإتيان بمثلها بشر ولا جان، كما أنَّ في ألفاظ القرآن الكريم كمال مطلق، فلا نقص ولا زيادة، ولا يمكن أن تُؤخذ كلمة واحدة من أي آية من آيات القرآن الكريم، لأنَّ كلماته تشكل مع بعضها وحدة بلاغية بيانية كاملة، كما أنَّ من الإعجاز البلاغي في القرآن قدرته على الإقناع والإيضاح والتبيان والفهم، فهو يلائم الناس على اختلاف علمهم، كما أنَّه متكافئ متوازن بين العقل والقلب، فلا يطغى الوجدان فيه على التفكير ولا التفكير على الوجدان، والله تعالى أعلم.[٩]

المراجع

  1. "بين العربية الفصحي واللهجات العربية - (2) موقع لغة قريش"، ar.islamway.net، 2020-05-12. بتصرّف.
  2. سورة إبراهيم، آية:4
  3. "لماذا نزل القرآن باللغة العربية؟"، www.alukah.net، 2020-05-12. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:936، حديث صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4991، حديث صحيح.
  6. "معنى حديث " إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف""، www.islamweb.net، 2020-05-12. بتصرّف.
  7. "نزول القرآن على سبعة أحرف"، islamqa.info، 2020-05-12. بتصرّف.
  8. سورة الإسراء، آية:88
  9. "إعجاز القرآن"، www.alukah.net، 2020-05-12. بتصرّف.
5472 مشاهدة
للأعلى للسفل
×