لماذا نوم العصر مكروه

كتابة:
لماذا نوم العصر مكروه


كراهة نوم العصر

أشار العُلماء ومنهم الإمام إبن الجوزي -رحمه الله- إلى ضعف الحديث المتعلق بالنّهي عن نوم العصر والذي نُسب قوله إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والذي ورد فيه: "من نام بعد صلاة العصر فأصيب في عقله فلا يلومن إلا نفسه"،[١] بل جَزَم البعضُ منهم بأنّه حديثٌ موضوعٌ مكذوبٌ على النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-.[٢]


وبناءً على ذلك نجد أنه لا يوجد نصّ حديثٍ صحيحٍ يُثبتُ الكراهة الشّرعية للنَّوم بعد العَصر فيبقى حكم الأصل وهو الجواز،[١] إلّا في حال ثبوت ضرر هذه النومة على صحة الإنسان وجسده فحينئذٍ يجب اجتنابها والحذرُ منها،[٢]


أسباب كراهة نوم العصر عند العرب

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ العلماء والعرَب في القديم لم يمْدحوا ولم يستحسنوا هذه النّومة وإن لم يثبُت ضررها على الإنسان،[١] وذلك لعدّة أسبابٍ اعتبروها ومنها ما يأتي:[٣]

  • الخوف من الإصابة بالوسواس، وذلك ما أشار إليه الإمام مكحول -رحمه الله- في سبب كراهته وعدم استحسانه للنّوم بعد العصر.
  • وصف النّومة بعد العصر بأنّها نوْمة الخُرْق بحيث لا يَعمَد إليها إلّا مَن أصابه الجنون، وذلك ما أشار إليه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-.[٤]
  • إضافة النّوْمة بعد العصر وضمّها إلى أنواع النوم التي يقلّ النفع المرجوّ منها ويكْثُر الضَّررُ المُترتِّب عليها، وذلك ما أشار إليه الإمام ابن القيم -رحمه الله-.[٥]
  • الاعتقاد المزعوم الذي انتشر بين العرب بأنّ النومة بعد العصر تُسبّب الأمراض كالجنون.[٦]
  • خروج الجنّ وانتشاره بعد وقت العصر، فيُخشى على الإنسان منه بسبب الغفلة التي يكون عليها برقوده ونومه في هذا الوقت.[٧]


أسباب كراهة نوم العصر عند السلف

كره بعض السلف نوم العصر، فقال مكحول من التابعين: إنه "يخاف على صاحبه من الوسواس"، وكان أحمد بن حنبل يكره النوم بعد العصر خوفاً على عقله، وقال ابن عباس لما رأى ابنه نائما وقت العصر: "قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق".[٨]


إلا أنّ كثير من العلماء يرى جواز نوم العصر، وقالوا هذه من العادات التي اعتادها الناس ولا بأس فيها، وجميع ما ورد من الأحاديث في كراهة نوم العصر ضعيفة، وأقوال السلف محمولة على الكراهة من ناحية الطب لا الشرع؛ لما اشتُهر بين العرب والأطباء قديما أنّ لذلك أثر غير صحي على الإنسان.[٨]


نوم العصر وضياع الصلاة

ينبغي للمسلم أن يحافظ على أداء صلاة العصر في ميقاتها، وألّا يؤخرها بسبب النوم، بل يضبط مُنبِّها لها، أو يطلب من أحد إيقاظه، ويجاهد نفسه على الاستيقاظ لأدائها، فإن خاف من نفسه عدم الاستيقاظ في وقتها، فيؤخر النوم بعدها؛ لأن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حذَّر من فوات صلاة العصر قائلا: (من ترك صلاة العصر فقط حبط عمله).[٩]


نوم العصر وتفويت البركة

نهى بعض العلماء عن النوم بعد العصر؛ وقالوا: إن فيه البركة الموجودة في وقت البكور التي أخبر عنها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-،[١٠] إلا أنّه لا يوجد دليل على هذا الكلام، وقد يكون بعضهم شَعَر بأن هذا الوقت فيه بركة؛ فَكَرِه النوم بعد العصر لفواتها.


المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 16، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب نوح سلمان (1-8-2012)، "ما حكم النوم بعد العصر؟"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2020. بتصرّف.
  3. إبن أبي شيبة (1409ه)، المصنف في الأحاديث والآثار (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 339، جزء 5. بتصرّف.
  4. أحمد الدينوري (1419ه)، المجالسة وجواهر العلم، البحرين: جمعية التربية الإسلامية، صفحة 221، جزء 5. بتصرّف.
  5. ابن القيم (1416ه - 1996م)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 457، جزء 1. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1361، جزء 9. بتصرّف.
  7. يوسف الملطي، المعتصر من المختصر من مشكل الآثار ، بيروت: عالم الكتب، صفحة 10، جزء 1. بتصرّف.
  8. ^ أ ب "النوم بعد العصر وحديث ( عجبت لمن عام ونام بعد العصر )"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2021. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:553، صحيح.
  10. محمد المختار الشنقيطي، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 1-16. بتصرّف.
5102 مشاهدة
للأعلى للسفل
×