لماذا يحب الله الصادقين
أوجب الله -تعالى- المحبّة للصادقين؛ لأنّهم يتمتّعون بالعديد من الصفات، وبيانها فيما يأتي:
- الإيمان بالله -تعالى- ورسوله -عليه الصلاة والسلام-؛ فقد بيّن -تعالى- أنّ الصادقين هُم المؤمنون، قال -عزّ وجلّ-: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ أُولَـئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ).[١][٢]
- الحياء والستر من الصفات التي يُحبّها الله -تعالى-، وهو من أخلاق الإسلام، وصفة من صفات الصادقين، قال -عليه السلام-: (إن اللهَ عزَّ وجلَّ حليمٌ حييٌّ ، سِتِّيرٌ ، يُحِبُّ الحياءَ ، والسِتْرَ).[٣][٤][٥]
- الخشية والخوف من الله -تعالى- وخاصّةً عند ذكره، وذلك من صفات الصادقين ودليلٌ على الإيمان؛ لما فيه من الإقبال على الطاعات والبُعد عن المُنكرات، بالإضافة إلى الخوف منه عند سماع آياته، قال -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)،[٦] وجاءت الكثير من الأدلّة التي تُبيّن عظيم فضل الخشية والخوف من الله -تعالى-.[٧][٨]
- قيام الليل؛ لما فيه من إظهار المؤمن الصادق تواضعه وخُضوعه لربّه -سبحانه-، وقد جاءت العديد من الأدلّة التي تُبيّن فضل قيام الليل؛ كالقُرب من الله -تعالى- وخاصّةً في الثُلث الأخير منه.[٩]
- الوفاء بالوعد، وسلامة قلوبهم من البغي والحسد؛ لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (خيرُ الناسِ ذُو القلبِ المخمُومِ واللسانِ الصَّادِقِ، قِيلَ: ما القلبُ المخمُومِ؟ قال: هو التَّقِيُّ النَّقِيُّ الذي لا إِثْمَ فيه ولا بَغْيَ ولا حَسَد).[١٠][١١][١٢]
ويُعدّ الصدق من صفات الله -تعالى- التي يُحبّ أن يتّصف بها عباده، كما أنّها من صفات نبيه -عليه الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: (وصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ)،[١٣] ورفع الله -تعالى- منزلة مريم والصحابة الكرام -رضي الله عنهم- بسبب صدقهم، وهذا مما يُبيّن مكانة الصدق العالية.[١٤][١٥]
منزلة الصادقين ومكانتهم
يُعد الصدق من الأخلاق الفاضلة التي دعا إليه الإسلام ورغّب بها، وقد كان من دُعاء النبي -عليه الصلاة والسلام- سؤال الله -تعالى- أن يرزقه الصدق في كُل احواله، قال -تعالى-: (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا)؛[١٦] وذلك لأنّ فيه مشقّة، ولا عون للعبد عليه إلّا بتوفيقٍ من الله -تعالى-، ومما يؤكّد على فضله ومكانته أنّ الله -تعالى- أمر عباده بأن يكونوا من الصادقين؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)،[١٧] ووقد وصف الله -تعالى- نفسه أنّه معهم، كما أنّ لهم المنازل العالية والقريبة منه في الجنّة؛ فقال: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ).[١٨][١٩][٢٠]
ما أعد الله للصادقين
يُعدّ الصدق في العقيدة والخُلق والقول والعمل من صفات المُتقين الذين بشرهم الله -تعالى- بالجزاء العظيم منه، وقد جاء ذكر هذا الجزاء بقوله -تعالى-: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّـهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[٢١] كما أنّ للصادق في الدُنيا طُمأنينة لقلبه، وبركةً له في الرزق، وهدايةً له إلى طريق الخير الذي يوصل إلى الجنّة، وقد وعد الله -تعالى- الصادقين بجنّات يوم القيامة، وليس جنّة واحدة في كثيرٍ من الآيات، قال -تعالى-: (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).[٢٢][٢٣][٢٤]
المراجع
- ↑ سورة الحديد، آية: 18-19.
- ↑ مناهج جامعة المدينة العالمية، التفسير الموضوعي، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 130، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن يعلى بن أمية، الصفحة أو الرقم: 404، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، جامع الأحاديث (ويشتمل على جمع الجوامع للسيوطى والجامع الأزهر وكنوز الحقائق للمناوى، والفتح الكبير للنبهانى)، صفحة 27، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ أبو التراب سيد بن حسين بن عبد الله العفاني، دروس الشيخ سيد حسين العفاني، صفحة 1، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 2.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 1، جزء 26. بتصرّف.
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 653، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 1، جزء 243. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم: 3291، صحيح.
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3776، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 6، جزء 255. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 22.
- ↑ أبو عبد الله مصطفى بن العدوى شلباية، دروس للشيخ مصطفى العدوي، صفحة 2، جزء 13. بتصرّف.
- ↑ محمد سليمان المنصورفوري، رحمة للعالمين (الطبعة الأولى)، الرياض: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 972-973. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 80.
- ↑ سورة التوبة، آية: 119.
- ↑ سورة النساء، آية: 69.
- ↑ محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 257، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ أحمد عماري (14-12-2014)، "مكانة الصدق في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-7-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 33-35.
- ↑ سورة المائدة، آية: 119.
- ↑ أبو عبد الله، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي (1422هـ)، تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 328، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مناهج جامعة المدينة العالمية، التفسير الموضوعي، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 131-134، جزء 1. بتصرّف.