مؤلفات في الإجماع

كتابة:
مؤلفات في الإجماع


مؤلفات في الإجماع

يعدّ الإجماع من أهم مصادر التشريع الإسلامي بعد كتاب الله، وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه يمثل اتفاق مجتهدي الأمّة الإسلاميّة على حكم شرعي بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم.[١]


وقد بدأت فكرة الإجماع بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلم؛ للحاجة الماسّة إلى الحكم على القضايا المستجدّة التي لم يرد في حكمها نصّ من كتاب الله، أو سنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، فكثر الإجماع في عهد الصحابة رضي الله عنهم.[٢]


ثم بدأ بالانكماش في عصر التابعين ومن جاء بعدهم؛ لتفرّق الفقهاء في الأمصار، وتشتت الآراء.[٢] ولمّا كان الإجماع بهذه المنزلة العظيمة؛ صنّف العلماء فيه كتباً كثيرة تتحدّث عنه تأصيلاً، وتطبيقاً من أهمها الكتب الآتية:


كتاب الإجماع لابن المنذر

يعدّ كتاب الإجماع للإمام محمد بن إبراهيم بن المنذر ( ت:318هـ) من أوثق ما صُنّف في الإجماع، فمصنّفه عالم جليلٌ، وقد قال عنه الإمام الذهبي في تذكرة الحفّاظ: "ابن المنذر الحافظ العلامة الفقيه الأوحد أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري: شيخ الحرم، وصاحب الكتب التي لم يصنف مثلها، ككتاب المبسوط في الفقه، وكتاب ‌الأشراف ‌في ‌اختلاف ‌العلماء، وكتاب الإجماع، وغير ذلك؛ وكان غاية في معرفة الاختلاف والدليل، وكان مجتهدا لا يقلد أحداً".[٣]


ومن أهم ما تميّز به كتاب الإجماع لابن المنذر ما يأتي:[٤]

  • دقّته في نقل مسائل الإجماع.
  • اعتماد أشهر المصنّفات الفقهية في نقل مسائل الإجماع عليه؛ كالمجموع للنووي، والمغني لابن قدامة.
  • لم يعتنِ ابن المنذر بتأصيل الإجماع، وإنّما اكتفى بذكر المسائل التي أجمع عليها العلماء.
  • معظم ما ذكره ابن المنذر من مسائل الإجماع له أصل من الكتاب أو السنّة.
  • اقتصر ابن المنذر على مسائل الإجماع في العبادات والمعاملات فقط.
  • بلغ عدد المسائل التي ذكرها في كتابه: (765) مسألة، رتّبها على الأبواب الفقهيّة.


كتاب مراتب الإجماع لابن حزم

صنّف الإمام الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الظاهري (ت: 456) كتباً كثيرة جداً في الفقه وغيره، وقال في معجم الأدباء: "مبلغ تواليفه في الفقه والحديث، والأصول، والنّحل، والملل، وغير ذلك من التاريخ، والنسب، وكتب الأدب، والردّ على المعارض نحو ‌أربعمائة ‌مجلد، تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة".[٥]


ومن أشهر كتب الإمام ابن حزم كتاب (مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات)، ويمتاز بمزايا عديدة كما يأتي:[٦][٧]

  • حاول الإمام ابن حزم أنْ يستقصي فيه ما أمكن من مسائل الإجماع.
  • رتّب الإمام ابن حزم كتابه على الأبواب الفقهية، ثمّ ذكر ما أجمع عليه المسلمون في باب الاعتقادات.
  • بيّن الإمام ابن حزم منهجه في كتاب مراتب الإجماع في مقدمة كتابه.
  • لم يتعرّض ابن حزم لذكر أدلّة الإجماعات التي ذكرها.
  • بلغ عدد مسائل الإجماع في كتاب مرات الإجماع، بخلاف ما أورده في الاعتقادات (1067) مسألة.


كتاب الاقناع في مسائل الإجماع

يعدُّ كتاب الإقناع في مسائل الإجماع من أشهر مصنّفات الإمام ابن القطان محمد بن عبدالملك الكتاني الفاسي (ت: 628)، قال عنه الأبّار: "كان من أبصر النَّاس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رِجاله، وأشدِّهم عنايةً بالرِّواية، رأَس طلحة العِلْم بمَرَّاكُش، ونال بخدمة السُّلْطان دنيا عريضة، حَدَّث ودرَّس، وله تواليف".[٨]


وقد بذل الإمام ابن القطّان مجهوداً كبيراً في هذا الكتاب كما في النقاط الآتية:[٩]

  • حاول المصنّف استقراء أربعة وعشرين مصدراً من مصادر الفقه المتنوعة؛ لاستخراج مسائل الإجماع.
  • يمثّل كتابه صورة حقيقية لنبذ التعصّب المذهبي، وهو ما كان ينادي به المصنّف.
  • يغني كتاب الإقناع عن كثير من المصنّفات في باب الإجماع، ولا يغني عنه أيّ مصنّف آخر.
  • عزا ابن القطان في كتابه كلّ إجماع لحاكيه؛ كابن المنذر، وابن حزم.
  • صرّح ابن القطان في خاتمة كتابه أنّ عمله الجمع والتنسيق فقط، ولذلك تُنسب الإجماعات في كتابه لمن نقل عنهم ابن القطّان لا إليه.
  • لم يعتمد ابن القطان على ترتيب المصادر التي نقل عنها، بل رتّب كتابه بحسب اجتهاده.
  • يمثّل كتاب الإقناع موسوعة متكاملة في مسائل الإجماع.


نقد مراتب الاجماع

من المصنّفات المشهورة في باب الإجماع: كتاب نقد مراتب الإجماع للإمام الحافظ ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم المشهور: بشيخ الإسلام المتوفى سنة (728هـ)، قال عنه الذهبيّ: "كان من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين، والزهاد الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف, وسارت بتصانيفه الركبان".[١٠]


ويتميز كتاب نقد مراتب الإجماع بما يأتي:[١١]

  • يظهر من اسم الكتاب أنّ أهم مقصد من مقاصد الكتاب بيان المسائل التي عدّها ابن حزم من مسائل الإجماع، وهي ليست كذلك.
  • يذكر ابن تيمية كلام ابن حزم بقوله: (قال)، ثمّ يعقّب عليه بقوله: (قلت).
  • يعدّ كتاب نقد مراتب الإجماع بمثابة التتمة، أو التصحيح لكتاب مراتب الإجماع، ولهذا يطبع غالباً بعد كتاب مراتب الإجماع.

المراجع

  1. عبد الكريم زيدان، الوجيز في أصول الفقه (الطبعة 6)، صفحة 179. بتصرّف.
  2. ^ أ ب وهبة الزحيلي (1986)، أصول الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 487-486، جزء 1. بتصرّف.
  3. الحافظ شمس الدين الذهبي (1998)، تذكرة الحفاظ (الطبعة 1)، صفحة 5، جزء 3.
  4. محمد ابن المنذر النيسابوري (2004)، الإجماع /مقدمة المحقق (الطبعة 1)، صفحة 21-18. بتصرّف.
  5. ياقوت الحموي (1993)، معجم الأدباء (الطبعة 1)، صفحة 1651، جزء 4.
  6. ابن حزم الظاهري. (1998)، مراتب الإجماع لابن حزم (الطبعة 1)، صفحة 5-6. بتصرّف.
  7. محمد ابن المنذر النيسابوري (2004)، الإجماع /مقدمة المحقق (الطبعة 1)، صفحة 21-18. بتصرّف.
  8. ابن عبد الهادي (1996)، طبقات علماء الحديث (الطبعة 2)، صفحة 191، جزء 4.
  9. الإمام الحافظ ابن القطّان (2004)، الاقناع في مسائل الإجماع (الطبعة 1)، صفحة 24-23، جزء 1. بتصرّف.
  10. الإمام الذهبي (1998)، طبقات الحفاظ (الطبعة 1)، صفحة 192، جزء 4.
  11. ابن تيمية (2014)، نقد مراتب الاجماع / مطبوع مع مراتب الاجماع (الطبعة 2)، صفحة 308-285.
4337 مشاهدة
للأعلى للسفل
×