ما الذي يجذب الناس لبعضهم

كتابة:
ما الذي يجذب الناس لبعضهم

أهمية العلاقات

إن البشر بطبيعتهم كائنات اجتماعية، ومن طبيعة البشر تكوين علاقات اجتماعية، وهذا يعكس حاجتهم الأساسية للانتماء، وقد وصفت هذه الحاجة الى الانتماء من قبل العالم النفسي روي بوميستر حيث طور نظرية تتمحور حول هذه الحاجة، وتناقش هذه النظرية فكرة أن الناس يولدون، ولكل منهم دافعًا للبحث عن علاقات اجتماعية قوية، وتكوينها والحفاظ عليها وحمايتها، ولتلبية هذه الحاجة، يسعى الأفراد إلى إقامة علاقات مع أقرانهم في العمل، أو في المدرسة، أو في المنظمات الدينية، أو في الفرق الرياضية، وفي المجتمعات عبر الإنترنت، وفي سياقات اجتماعية أخرى، ويقترح عالم النفس بوميستر أن هذه العلاقات تساعد الفرد على الشعور بأنه ليس وحده، وأنه ينتمي إلى مجتمع اجتماعي، ويمكن أن يكون حرمان الأشخاص من العلاقات الاجتماعية مدمرًا جسديًا ونفسيًا لهم، مثلًا عند قضاء عقوبة قاسية مثل الحبس الانفرادي، وإن التفاعل مع الآخرين على مستوى سطحي فقط، هو تفاعل غير كافٍ، إذ إن تكوين العلاقات القريبة هي هدف الفرد.[١]

ما الذي يجذب الناس لبعضهم

الجذب بين الأشخاص هو جزء من دراسات علم النفس الاجتماعي، ويهتم بدراسة الجذب بين الناس، والذي يؤدي إلى تطوير العلاقات الإجتماعية أو الرومانسية، وهو يختلف عن التصورات المتعلقة بالجاذبية الجسدية، وينطوي على فحص آراء الأفراد حول ما يعتبر أو ما لا يعتبر جميلًا أو جذابًا. [٢] في دراسات علم النفس الاجتماعي، يرتبط الانجذاب والحب بين الاشخاص بمدى إعجاب المرء أو كرهه أو بغضه لشخص ما، ويمكن أن ينظر إلى الجذب على أنه قوة تعمل بين شخصين، تميل إلى الجمع بينهما ومقاومة انفصالهما، وعند قياس الانجذاب بين الأشخاص في دراسات الجذب، يجب على الأفراد أن يحددوا صفات الشخص الجاذب وخصائصه لتحقيق الدقة في قياس الجذب، ويشار أنّه لتحديد الجذب بين الأفراد، يجب مراعاة كل من شخصيات الأفراد والمواقف التي يتواجدون فيها.[٢]

ويتم قياس الجذب الشخصي بشكل متكرر في دراسات علم النفس الاجتماعي، باستخدام مقياس الحكم على الجذب الشخصي الذي طوره دون بيرن، إنه مقياس يقوم فيه الشخص بتقييم شخص آخر بناءً على عوامل مثل الذكاء، ومعرفة الأحداث الجارية، والأخلاق، والتكيف، والرغبة في العمل كشريك، ويبدو أن هذا المقياس مرتبط مباشرة بمقاييس الجذب الاجتماعي الأخرى مثل الاختيار الاجتماعي والاندماج الاجتماعي، والشعور بالرغبة في مواعدة الشخص، والشريك أو الزوج، والقرب الجسدي الطوعي، وتواتر الاتصال البصري، وما إلى ذلك.[٣] وقام كل من كايسلر وكلوبيرغ بتحليل مجموعة متنوعة من الاستجابات التي قام بها الأفراد، والتي تم استخدامها عادةً كمقاييس لقياس الجذب بين الأفراد، واستخلصا عاملين للجذب بين الأفراد، الأول، الذي تم وصفه على أنه اجتماعي عاطفي في المقام الأول، ويتضمن متغيرات مثل الإعجاب، ومحاولة مجاورة الشخص عبر دعوة الشخص إلى النوادي والحفلات الاجتماعية، وخيارات المقاعد، وتناول الغداء معًا، ويتضمن العامل الثاني متغيرات مثل التصويت والإعجاب والاحترام، وكذلك طلب رأي الشخص الهدف، وهناك مقياس آخر يستخدم على نطاق واسع يقيس الاستجابات اللفظية التي يتم التعبير عنها كتقييمات شخصية أو أحكام للشخص المعني.[٤]

طرق جذب انتباه الآخرين

البشر هم أنواع اجتماعية استثنائية، ودائما ما يولون اهتمامًا وثيقًا لنوايا ورغبات الأفراد الآخرين، وعندما يتفاعل الفرد في بيئة اجتماعية، يسمح لهم هذا الميل السلوكي للأفراد باستنتاج الحالات العقلية، وبالتالي الاستجابة بطريقة مناسبة للسياق، ومن بين المحفزات ذات الصلة الاجتماعية، ما يأتي:

الجاذبية البدنية

يود الإنسان لو أن الجمال والجاذبية تتعلق فقط بالشكل الخارجي، لكن هذا العامل هو سبب مبسط جدًا للإعجاب، وفي دراسة نفسية عن هذا الأمر، عندما تم سؤال الناس عما يبحثون عنه في شريك محتمل، يضع معظمهم الجاذبية الجسدية في أسفل قائمتهم، حيث إجري البحث بشكل عشوائي على مجموعة من الطلاب الوافدين في جامعة مينيسوتا، وتم سؤالهم عن شريك محتمل، وقد حصل الطلاب في الدراسة على مجموعة من اختبارات لأنماط الشخصية، وتبين أنّ العوامل مثل الذكاء، والهيمنة، والخضوع، والاعتماد، والاستقلال، والحساسية والاخلاص كان لها علاقة ضئيلة بالإعجاب المبني على العامل الجسدي.[٥]

القرب

الأشخاص الذين يصبحون أصدقاء هم أولئك الذين لديهم أكبر فرصة للتفاعل، حيث يتيح القرب التعرف على الشخص الآخر بشكل أفضل، وبالتالي التنبؤ بسلوكه بشكل وبطريقة أفضل، وبسبب هذا الأمر يكون الأشخاص المعروفين أقل تهديدًا وإثارة للخوف من الغرباء، ويؤدي - مجرد التعرض- للآخرين إلى مشاعر إيجابية تجاههم، ويزيد التعرض من الجاذبية عندما يكون التفاعل الأولي مواتيًا أو محايدًا.[٦]

التشابه

تشير أدلة التشابه إلى أنّ الأفراد ينجذبون لأناس متشابهين معهم، إذ يتيح جذب الأشخاص المتشابهين إلى إثبات صحة آراء الافراد، على أنّهم يستحقون أن يكونوا محبوبين، وبناءً على مطابقة هذه الفرضية، فإن من المتوقع أنّه على الرغم من أن الفرد قد ينجذب إلى أكثر الأشخاص جاذبية جسديًا، إلا أنه سيعجب ويتزاوج مع أشخاص يشبهونه في الجاذبية البدنية،[٧] وإن التشابه في المواقف مهم بشكل خاص بسبب الاتساق المعرفي، ويبدو أنّ تشابه المواقف، ولا سيما في الجذب الأولي، مؤشر إلى نجاح العلاقات، فإذا كانت لدى الفرد مواقف تتميز بالإيجابية تجاه أشياء معينة، واكتشف هذا الفرد أن شخصًا آخر لديه مواقف إيجابية تجاه تلك الأشياء، فسيكون إدراك الفرد ثابتًا إذا كان يحب هذا الشخص، وبعض الدراسات الأخرى تعزز هذا الرأي، فمن المتوقع أن يوافق الأفراد آخرين مشابهين لهم- وبالتالي تفضيل تطوير صداقات مع أولئك الذين يعتقد أنهّم سيقيمون الأفراد بشكل إيجابي، إذ إنّ الهيبة والمال والسلطة والذكاء وخصائص الشخصية المختلفة قد تعوض نقص الجاذبية الجسدية، كلما كان الأشخاص المتشابهون فكريًا أكثر، كلما كانوا متشابهين في الطريقة التي يرون بها العالم بها، وكلما زاد جذبهم المتبادل بين الأشخاص.[٨]

الكفاءة

قد يعتقد الافراد أن كل الأشياء الأخرى متساوية، فكلما كان الفرد أكثر كفاءة، كانت جاذبيتهم أكثر وأكبر، فالأفراد سيكون لهم فرصة أفضل لأن يكونوا على صواب إذا أحاطوا أنفسهم بأشخاص ذوي قدرة عالية وكفاءة عالية، لكن ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أنّه في مجموعات الأفراد التي تقوم بحل المشكلات، فإنّ المشاركين الذين يعتبرون الأكثر كفاءة ولديهم أفضل الأفكار لا يميلون إلى أن يكونوا الأفضل في الجاذبية، ويمكن أن يفسر ذلك بأنّ الشخص الذي يتمتع بقدر كبير من القدرة يجعل الأفراد يشعرون بعدم الارتياح؛ فقد يبدو الشخص غير مرتاحًا، أو بعيدًا عن الأفراد، أو خارقًا.[٩] وهناك دراسة أجريت فيها أربعة شروط تجريبية، كان هناك شخص ذو قدرة فائقة أخطأ "سكب القهوة على نفسه مثلًا"؛ وشخص متفوق لم يخطأ؛ وشخص ذو قدرة متوسطة أخطأ؛ وشخص عادي لم يخطأ، وقد لوحظ بالنتائج أنّ الشخص المتفوق الذي ارتكب خطأ كان الأكثر شعبية؛ والشخص التالي كان الشخص المثالي الذي لم يخطئ، ثم الشخص العادي الذي لم يخطئ، والأخير كان الشخص العادي الذي أخطأ، وبالتالي، بالرغم من أنّ الدرجة العالية من الكفاءة تجعل الأفراد يبدون أكثر جاذبية، إلّا أنّ بعض الأدلة على قابلية الخطأ تزيد من الجاذبية.[٩]

التبادل

إن العامل المحدد الأقوى فيما إذا كان شخص ما ينجذب لشخص آخر هو ما إذا كان الآخر يحب هذا الشخص، حيث يظهر في بعض الدراسات أنّه عندما لا تكون الخيارات متبادلة، تتلاشى الصداقات، ففي دراسة يلتقي شخصان مع بعضهما البعض، وقد قاد الباحثون بعض الأفراد إلى الاعتقاد بأنّ الفرد الآخر أعجب بهم، بينما دُفع البعض الآخر إلى الاعتقاد بأنّه لم يعجب بهم، وفي تفاعل لاحق، أولئك الأفراد الذين اعتقدوا أنّهم محبوبون تصرفوا بطرق أكثر ودية وجاذبية، علاوة على ذلك، فإنّ الأشخاص الذين يعتقدون أنهم محبوبون، في الواقع، سينجذبون إلى الفرد الآخر، بينما أولئك الذين يعتقدون أنهم غير محبوبين، لم يعجبهم الفرد الآخر.[١٠]

اضطراب الشخصية التمثيلية

اضطراب الشخصية التمثيلية، وينطبق عليه أيضًا اضطراب الشخصية الهستيرية، هو عبارة عن اضطراب يبحث فيه الشخص باستمرار عن الاهتمام من الآخرين، ويتميز المصاب باضطراب الشخصية الهستيري أو التمثيلي بردود الفعل العاطفية والميل إلى المبالغة في وصف المواقف والأشخاص، مما قد يضعف العلاقات ويسبب الاكتئاب، ويُظهر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية انفعالًا مفرطًا ويبحثون دائمًا عن الاهتمام، كما أنّهم يشعرون بضعف في تقدير الذات إذا لم يكونوا مركزًا لاهتمام الآخرين، وتتضمن سلوكيات المصاب باضطراب الشخصية التمثيلية السعي الدائم لجذب الانتباه والتمثيل والتركيز على الإغراء الجنسي، كما يتميز أصحاب الشخصية التمثيلية بأنهم مفعمين بالحيوية ولديهم انفتاح واضح على الآخرين، والتعرض لنوبات غضب متكررة.[١١]

وسبب اضطراب الشخصية الهستيرية أو التمثيلية غير معروف، ولكن قد تؤثر كل من أحداث الطفولة والوراثة على ذلك، وتحدث اضطرابات الشخصية التمثيلية في النساء أكثر من الرجال، إذ أنّ بعض الخبراء يؤكدون أنّه يتم تشخيصه في كثير من الأحيان عند النساء، ولأنّ البحث عن الاهتمام والتقدم الجنسي أقل قبولًا اجتماعيًا للنساء من الرجال، وعادة ما يكون الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب قادرون على العمل على مستوى عالٍ، ويمكنهم تقديم أداء جيد في البيئات الاجتماعية والمهنية، وقد يبحثون عن علاج للاكتئاب عندما تنتهي علاقاتهم الاجتماعية، وغالبًا ما يفشلون في رؤية وضعهم بشكل واقعي، وبدلاً من ذلك يميلون إلى المبالغة في الأمور الواقعية، بدلًا من تحمّل المسؤولية عن الفشل أو خيبة الأمل، ويلقي المصابون بهذا الاضطراب مشاكلهم باللوم على الآخرين؛ لأنّهم يميلون إلى الحداثة والإثارة، ومن الممكن أن يضعوا أنفسهم في مواقف خطرة ومحرجة، وقد يؤدي هذا السلوك إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.[١٢]

أعراض اضطراب الشخصية التمثيلية

عادة ما يكون الأشخاص المصابون بأعراض اضطراب الشخصية التمثيلية عالي الأداء، اجتماعيًا ومهنيًا، وعادة ما يكون لديهم مهارات اتصال اجتماعية جيدة، وعلى الرغم من أنّهم يميلون إلى استخدامها للتلاعب بالآخرين لجعلهم محور الاهتمام، فقد يؤثر اضطراب الشخصية التمثيلية، أيضًا على العلاقات الاجتماعية والعلاقات العاطفية للشخص، وكذلك قدرته على التعامل مع الخسائر أو الفشل، وقد يبحثون عن علاج الاكتئاب السريري، عندما تنتهي العلاقات العاطفية، أو العلاقات الشخصية الوثيقة الأخرى، وغالبًا ما يفشل الأفراد المصابون باضطراب الشخصية التمثيلية في رؤية وضعهم الشخصي بشكل واقعي، وبدلاً من ذلك يتفوقون على صعوباتهم ويقدمونها، وقد يخضعون لتغييرات وظيفية متكررة، لأنهم يشعرون بالملل بسهولة، وقد يفضّلون الانسحاب من الإحباط بدلاً من مواجهته، لأنهم يميلون إلى التفوق والحداثة والإثارة، لذلك فقد يضعون أنفسهم في مواقف خطرة، وكل هذه العوامل قد تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب السريري. [١٣]وقد تشمل الخصائص الإضافية ما يأتي:[١٤]

  • امتلاك السلوك الاستعراضي.
  • السعي المستمر للطمأنينة أو الموافقة.
  • الحساسية المفرطة للنقد أو الرفض.
  • الفخر بالشخصية وعدم الرغبة في التغيير، واعتبار أي تغيير بمثابة تهديد.
  • المظهر أو السلوك المغري، ويكون ذلك بشكل غير لائق وذات طبيعة جنسية.
  • استخدام أعراض جسدية واقعية، أو اضطرابات نفسية لجذب الانتباه.
  • الحاجة إلى أن يكون مركز الاهتمام.
  • تحمّل منخفض للإحباط أو الإشباع المتأخر.
  • التحول السريع للحالات الانفعالية التي قد تبدو سطحية أو مبالغ فيها للآخرين.
  • الميل إلى الاعتقاد بأنّ العلاقات أكثر حميمة مما هي عليه في الواقع.
  • اتخاذ قرارات متهورة.
  • إلقاء اللوم في الإخفاقات الشخصية أو خيبة الأمل على الآخرين.
  • التأثر بسهولة بالآخرين، خاصة أولئك الذين يعاملونهم برضا.
  • التعامل بدرامية وعاطفية بشكل مفرط.
  • التأثر باقتراحات الآخرين.
  • امتلاك سلوك استفزازيي
  • التأثر بسهولة بالظروف المحيطة.
  • محاولة إثارة إعجاب الجميع من حوله.
  • الافتقار إلى التفاصيل أثناء الحديث عن موقف أو قضية ما.
  • التمثيل على الآخرين واختراع موقف عاطفي غير حقيقي.

المراجع

  1. "The_Importance_of_Social_Relations_for_Human_and_Societal_Development", www.researchgate.net, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  2. ^ أ ب "Interpersonal_attraction", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  3. "Interpersonal Attraction Annual Review of Psychology", www.annualreviews.org, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  4. "Multi-Dimensional Approach to the Experimental Study of Interpersonal Attraction: Effect of a Blunder on the Attractiveness of a Competent other", journals.sagepub.com, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  5. "why-physical-attraction-matters-and-when-it-might-not", www.psychologytoday.com, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  6. "Attitudinal effects of mere exposure", psycnet.apa.org, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  7. "Domains of Similarity and Attraction in Three Types of Relationships", interpersona.psychopen.eu, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  8. "Self-esteem and attraction.", psycnet.apa.org, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  9. ^ أ ب "Great by Choice: Uncertainty, Chaos and Luck - Why Some Thrive Despite Them All", books.google.com, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  10. "Interpersonal Attraction:", faculty.wcas.northwestern.edu, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  11. "histrionic-personality-disorder", www.psychologytoday.com, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  12. "dsm", www.psychiatry.org, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  13. "histrionic-personality-disorder-2", web.archive.org, Retrieved 2020-06-21. Edited.
  14. "histrionic-personality-disorder", www.health.am, Retrieved 2020-06-22. Edited.
2930 مشاهدة
للأعلى للسفل
×