محتويات
ما الفرق بين الصور البيانية والمحسنات البديعية؟
يندرج تحت علم البلاغة في اللغة العربية ثلاثة علوم رئيسية هي: علم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع، وعلم البيان هو العلم الذي يعنى بإيصال المعنى بطرق مختلفة مع مناسبته لمقتضى الحال أي الموقف الذي يقع فيه، أما علم البديع فهو العلم الذي يهتم بإيراد الطرق التي تجمّل الكلام وتزيّنه لفظًا ومعنًى.[١]
علم البيان (الصور البيانية)
يقسم علم البديع إلى:[٢]
التشبيه
هو عبارة عن مقارنة أو مماثلة بين شيئين يشتركان في صفة معينة أحدهما يزيد على الآخر في هذه الصفة، والفائدة منه التوضيح، ويقوم التشبيه على أربعة عناصر: المشبه، المشبه به، وجه الشبه، أداة التشبيه، ويقسم التشبيه إلى:
- المفرد: يقسم حسب وجه الشبه وأداة التشبيه إلى أربعة أنواع: (المفصل/التام) وهو ما ذكرت فيه أداة التشبيه ووجه الشبه، مثل: أحمد حاد البصر كالصقر، (المجمل) وهو ما حذف فيه وجه الشبه وبقيت الأداة، مثل: أحمد كالصقر، (المؤكد) وهو ما حذفت فيه أداة التشبيه وبقي وجه الشبه، مثل: أحمد صقر في حدة النظر، (البليغ) وهو ما حذف فيه وجه الشبه وأداة التشبيه، مثل: أحمد صقر
- المركب: يقسم إلى نوعين: (التشبيه التمثيلي) وهو تشبيه صورة بصورة أخرى، مثل: قوله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة"[٣] فهنا تشبيه من أنفق أمواله وتصدق بسنبلة القمح التي تنتج حبات عديدة ووجه الشبه هو المضاعفة، (الضمني) وهو الذي يفهم من مضمون الكلام فيصف حالة دون أن يصرح بالمشبه والمشبه به، مثل: قول الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح ميت إيلام، فالشخص الذي تهون عليه كرامته مثل الميت الذي لا يشعر ولا يتألم حتى لو ضربته بسكين.
الاستعارة
الاستعارة عبارة عن تشبيه حذف أحد طرفيه (المشبه أو المشبه به)، وتقسم إلى:
- الاستعارة التصريحية: يحذف فيها المشبه ويذكر المشبه به، مثل: قوله تعالى: "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور"[٤] شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، فالمشبه حذف (الكفر والإيمان) بينما ثبت المشبه به (الظلمات والنور).
- الاستعارة المكنية: يحذف فيها المشبه به وتذكر صفة من صفاته تدل عليه ويذكر المشبه، مثل: حدثني التاريخ عن أمجاد الأمة، فشبه التاريخ بالإنسان الذي يتحدث، فالإنسان لم يذكر وإنما ذكرت صفة له وهي التحدث.
- الاستعارة التمثيلية: تشبيه تمثيلي حذف منه المشبه وبقي المشبه به، وتكون غالبا في الأمثال إذ يشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيل فيه المثل، مثل: رجع بخفّي حُنَين.
الكناية
الكناية هي ذكر لفظ أو تعبير لا يراد به المعنى الحقيقي، وإنما يستخدم لغير المعنى الأصلي مع جواز إرادة المعنى الأصلي، مثل: أبي نظيف اليد، فالمعنى المقصود هو العفة والأمانة، والمعنى الأصلي هو نظافة اليد من الأقذار، وهي نوعان:
- كناية عن صفة: يكنى فيها بالتركيب عن صفة تلازم المعنى مثل الكرم والقوة والعزة، مثل: قوله تعالى: "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط" [٥] كناية عن صفة البخل وعن التبذير.
- كناية عن موصوف: يكنى فيها بالتركيب عن ذات أو موصوف (شخص، العرب وغيرها)، مثل: قوله تعالى: "فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت"[٦] كناية عن سيدنا يونس.
المجاز المرسل
هو استخدام لفظ أو تعبير لغير معناه الحقيقي لعلاقة غير المشابهة مع وجود قرينة تمنع إرادة المعنى الحقيقي للفظ، وسمي بالمرسل لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة كالاستعارة وإنما علاقاته كثيرة (الجزئية، الكلية، المحلية، الحالية، السببية، المسببية، اعتبار ما كان، اعتبار ما سيكون)، ومثال عليه: قبضنا على عين من عيون الأعداء، فالعين هنا ليست المعنى العين الحقيقية، وإنما المقصود الجاسوس، والقرينة التي تمنع المعنى الأصلي هي قبضنا، إذ لا يمكن القبض على العين وحدها دون بقية الجسد.[٧]
علم البديع (المحسنات البديعية)
يقسم علم البديع إلى قسمين هما:[٢]
المحسنات اللفظية
وهي التي تعنى بتحسين وتجميل الكلام من الناحية اللفظية، وهي:
- التصريع: التصريع خاصّ بالشعر ويكون باتفاق الشطرين في الحرف الأخير، مثل: اختلاف النهار والليل ينسي ... اذكرا لي الصبا وأيام أنسي.
- الجناس: يعني الجناس اتفاق كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى، وهو نوعان: تام (تتفق فيه الكلمتين في عدد الحروف ونوعها وترتيبها وحركتها) ومثال عليه: يقيني بالله يقيني، وناقص (وهو الذي تختلف فيه الكلمتين في عدد الحروف أو نوعها أو ترتيبها أو حركتها) ومثال عليه: قول أبي تمام: بيض الصفائح لا سود الصحائف.
- السجع: وهو اتفاق جملتين أو أكثر في النص في الفواصل أي الحرف الأخير، مثل: الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع.
- حسن التقسيم: ويكون في الشعر فقط، ويعني تقسيم البيت إلى جمل أو كلمات متساوية في طولها وإيقاعها، مثل: الوصل صافية والعيش ناغية ... والسعد حاشية والدهر ماشينا.
- الازدواج: وهو في النثر فقط، ويعني توافق الجمل وتوازنها في الطول والتركيب والإيقاع، مثل: حبّب الله إليك الثبات، وزيّن في عينيك الإنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى.
المحسنات المعنوية
المحسنات المعنوية هي ما يُعنى بتحسين الكلام وتجميله من الناحية المعنوية، وهي:
- الطباق: ويعني الطباق الجمع بين الكلمة وضدّها في الكلام، وهو نوعان: طباق إيجاب (الكلمة وعكسها) مثل: لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى، وطباق سلب (فعل مثبت ومنفي) مثل: قوله تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"[٨].
- المقابلة: تكون المقابلة بالجمع بين جملة أو أكثر متقابلتين في الكلام، مثل: قوله تعالى: "ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث[٩]".
- التورية: تعني ذكر كلمة تحتمل معنيين أحدهما قريب ظاهر والآخر بعيد مخفي وهو المقصود، مثل: فقد ردّت الأمواج سائلة نهرًا، نهرًا لها معنى قريب هو نهر النيل، والثاني بعيد وهو الزجر والكفّ وهو المقصود.
- مراعاة النظير: مراعاة النظير تعني الجمع بين شيء وآخر يناسبه في المعنى بشرط ألا يكونا ضدّين، مثل: قول المتنبي: الخيل والليل والبيداء تعرفني. والسيف والرمح، والقرطاس والقلم.
- الالتفات: الالتفات هو الانتقال بين الضمائر في الكلام (متكلم، ومخاطب، وغائب)
المراجع
- ↑ "علم البديع"، الألوكة.
- ^ أ ب حسين الدراويش وعلي أبو راس، علوم البلاغة العربية في مقدمة ابن خلدون، صفحة 41-51. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:261
- ↑ سورة البقرة، آية:257
- ↑ سورة الإسراء، آية:29
- ↑ سورة القلم، آية:48
- ↑ "مفهوم علم البيان وأنواعه"، مغيث، اطّلع عليه بتاريخ 14/1/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية:9
- ↑ سورة الأعراف، آية:157