محتويات
الفرق بين الحج والعمرة من حيث التعريف
لقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- للمسلمين أداء مناسك الحجِّ والعمرةِ، وفي هذا المقال سيتمُّ عقدُ مقارنةٍ بين الحجِّ والعمرة، وبناءً على ذلك فإنَّ القارئ سيجد بيانًا لتعريفهما وحكمهما، ومكان كلا العبادتين وزمانهما، كما سيجد مُدَّة أدائهما والأجر المترتب على كلٍّ منهما، بالإضافة إلى الفروقات بين الحجِّ والعمرةَ من حيث الشروط.
وأما تعريف كل من الحج والعمرة ففيما يأتي بيانه:
- الحجَّ: يُعرَّف الحجُّ بقصد الكعبة لأداء أفعالٍ مخصوصةٍ في مكانٍ مخصوصٍ في وقتٍ مخصوص.[١]
- العمرة: تعرَّف العمرة على أنَّها الزيارة لأداء أفعالٍ مخصوصة في مكانٍ مخصوص.[٢]
الفرق بين الحج والعمرة من حيث الحكم
فيما يأتي توضيح الفرق بين الحج والعمرة من حيث حكم كل منهما:
- حكم الحج
إنَّ الحجُّ ركنٌ من أركان الإسلامِ الخمسة، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[٣] وهو واجبٌ على كُلِّ مستطيع من مسلمٍ ومسلمةٍ مرّة واحدةٍ في العمر.[٤]
- حكم العمرة: تعددت آراء الأئمة الأربعة في حكم العمرة، وفيما يأتي بيان آراء كلِّ مذهبٍ:[٥]
- الحنفية والمالكية: إنَّ العمرة تعدُّ سُنَّةٌ مُؤكدةٌ على المسلم مرةً واحدةً في العمر.
- الشافعية والحنابلة: إنَّ العمرة فرضُ عينٍ على كُلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ مرةً واحدةً في العمر.
الفرق بين الحج والعمرة من حيث المكان والزمان
لا يوجد فروقات بين الحج والعمرة من حيث المكان؛ فكلا العبادتين تؤديان في البيتِ الحرام،[٦] أمَّا بالنسبة للزمان ففيما يأتي بيان الفرق بين العبادتين:[٧]
- تؤدَى عبادة الحجِّ في الأشهر الحُرم، وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة.
- تؤدَى عبادة العمرة في أيِّ وقتٍ من أوقاتِ السنة.
الفرق بين الحج والعمرة من حيث مدة الأداء
لا يوجد مدة واضحة محددة في أداء الحج والعمرة، ولكن يُمكن بيان الفرق بينهما في المدة من خلال دراسة كيفية العبادتين ووقتهما، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الحج: إنَّ مناسك الحجِّ فيها زيادةً على مناسك العمرةِ، وهناك بعض المناسك تحتاج إلى يومٍ بأكمله، فيُمكن القول بأنَّ مدة أداء الحجِّ تحتاج مدةٍ لا تقلُّ عن ثلاثةِ أيامٍ لمن أحرمَ يومَ عرفةَ وأنهى أعمال الحجِّ في يومِ النفرِّ الأول، وقد يحتاج إلى أكثر من ذلك.
- العمرة: لا تحتاج العمرة إلى مُدّةٍ طويلة للانتهاء من مناسكها، بل يستطيع المسلم أداءها خلال ساعات قليلة.
الفرق بين الحج والعمرة من حيث الأجر
من ناحية الأجر فيختلف أجر الحج عن العمرة كما يأتي:
- أجر الحج: رتَّب الشرع الحنيف أجرًا عظيمًا على الحجِّ، وفيما يأتي بيان ذلك:[٨]
- الحج من أفضل القُربات عند الله -عزَّ وجلَّ-، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ فَقالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ. قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ).[٩]
- الحجَّ المبرور ليس له جزاءٌ إلاّ الجنّة، ودليل ذلك قول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).[١٠]
- الحجَّ المبرور سببٌ لمغفرة الذنوب، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ).[١١]
- أجر العمرة: رتَّب الشرع الحنيف على العمرة عددًا من الأجور، وفيما يأتي ذكرها:
- الإكثار من العمرة سببٌ في تكفير ذنوب العبد،[١٢] ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا).[١٠]
- العمرة في شهر رمضان الفضيل تَعدل حجةً، ودليل ذلك ما صحّ عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- حيث قال: (لَمَّا رَجَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حَجَّتِهِ قالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: ما مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالَتْ: أبو فُلَانٍ -تَعْنِي زَوْجَهَا- كانَ له نَاضِحَانِ، حَجَّ علَى أحَدِهِمَا، والآخَرُ يَسْقِي أرْضًا لَنَا. قالَ: فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً -أوْ حَجَّةً مَعِي).[١٣]
الفرق بين الحج والعمرة من حيث الشروط
ليس هناك فروقات بين الحج والعمرة من حيث الشروط، فكلا العبادتين يُشترط لهما ذات الشروط، والتي يبلغ عددها خمس شروطٍ، وفيما يأتي ذكرها:[١٤]
- الإسلام
وهذا الشرط يعدُّ شرطًا لصحةِ الحجِّ والعمرة؛ إذ إنَّ كلتا العبادتين لا تصحان من غير المسلم.
- العقل
وهذا الشرط أيضًا يعدُّ شرط صحةٍ؛ إذ إنَّ عبادتي الحجِّ والعمرةِ لا تصحّان من المجنون.
- البلوغ
شرط البلوغ فيعدُّ شرط إجزاءٍ لا صحة؛ حيث تصحُّ عبادتي الحجِّ والعمرة من الصبيِّ لكنَّها لا تجزئ عنه، وعليه الحجَّ مرةً أخرى بعد بلوغه، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أيما صبيٍّ حجَّ، ثم بلغ الحِنْثَ، فعليه أن يحجَّ حجَّةً أخرى).[١٥]
- الحرية
وهذا الشرط أيضًا يُعدُّ شرط إجزاءٍ لا صِحّة؛ حيث تصحُّ عبادتي الحجِّ والعمرة من العبد أو الأمَة لكنَّها لا تُجزئ عنهما، وفي حال أنَّهما أُعتقا وجب عليهما الحجَّ مرةً أخرى، ودليل ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- حيث قال: (و أيما عبدٍ حجَّ ثم أُعتِقَ، فعليه أن يحُجَّ حجَّةً أُخرى).[١٥]
- الاستطاعة: ودليل هذا الشرط هو قوله -تعالى-: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[١٦] ولا بدَّ من التّنبيه إلى أنَّ الحاجَّ أو المعتمر لا بدَّ أن يتوفر لديه بعض الشروط ليُسمَّى مستطيعًا، وفيما يأتي ذكرها:
- أن يكون بدنه سالمًا من الأمراض التي قد تُعيقه عن أعمال الحجِّ والعمرة.
- أن يملك من المال والزاد ما يكفيه لأداء حجته أو عمرته حتى يعود.
- أن يأمن على نفسه وماله أثناء الطريق ووقت أداء المناسك.
- أن يرافق المرأةَ مُحرَمًا أو زوجًا، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلَاثًا، إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ).[١٧]
المراجع
- ↑ وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 2064-2065، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 2065. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
- ↑ حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد، فقه الصيام والحج من دليل الطالب، صفحة 4، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الاربعة (الطبعة 2)، بيروت- لبنان:دار الكتب العلمية، صفحة 615، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وهبة بن مصطفى الزحيلي (1442)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر، صفحة 218، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 241-242. بتصرّف.
- ↑ "فضل الحج وفوائده"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2/8/2021.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:26، حديث صحيح.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1521، حديث صحيح.
- ↑ "فضل الاكثار من العمرة"، ابن باز. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1863، حديث صحيح.
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 225، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه الالباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2729، حديث صحيح.
- ↑ سورة آل عمران، آية:97
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1338، حديث صحيح.