تعريف الضب
يُعرفُ الضب بأنّهُ حيوانٌ من فصيلةِ الزواحف،يعيش في الصحراء، والمناطق الحارّة، ويشبهُ الجُرذ في تكوينهِ، إلا أنَّهُ أكبرُ حجمًا منه، وسُميَ بالعديد من الأسماء، وكنيتهُ أبا حسل، وأُنثى الضب يُقال لها ضبة، وقيل أنَّ الضب يبقى على قيد الحياةِ مدةً طويلةً قد تصلُ إلى سبعمائةِ عام والضب لا يشربُ الماء، وذُّكرَ أيضًا أن الضب لا يتبول كباقي الحيوانات، فهو يبولُ قطرةً كُل أربعين يومًا، ومن أوصافِه التي ذُكرت؛ بأنّ أسنانه قطعةً واحدةً فلا تسقطُ أسنانه، وقد ضربَ الناسُ الأمثال فيه، فمن أراد أن يمتنعَ عن فعلِ أمرٍ معين، يقولُ لا أفعلُ كذا وكذا حتى يردَ الضب، وهذا لأنه لا يردُ، ويكتفي بالهواءِ البارد، والضب يختبئُ في حجرِهِ الشتاء كلّه، ولا يخرُج، وجاءَ كثيرٌ من الحديث في لحمِ الضبِ وأكلِهِ وفوائده، وكان يُقال بأنَّ من أكلَ لحم الضب لا يُصيبه العطش، وفي هذا المقال سيأتي بيانُ حكم أكل الضب، في الشريعةِ الإسلامية.[١]
حكم أكل الضب
من شأنِ المُسلمين تحري الحلَّ، والحُرمة في طعامِهم، فأحلَّ الله تعالى للنّاس كل ما فيه فائدة، وحرّمَ عليهم ما يلحق بهم الأذى والضرر، والأصل في الأطعمةِ جميعها الحِل؛ إلا إذا قامَ دليلٌ على التحريم، وبينَت الشريعة الإسلامية العديد من المحرمات على المسلمين، منها الخمر، ولحم الخنزير والميتة، وغير ذلك[٢] ومما أكلَهُ الناس، وتسائلوا عن حلِّهِ هو الضب، فذهبَ جمهور العلماء إلى أنَّ حكم أكل الضب هو الحِل، مستدلين بما وردَ في السنَّة النبوية،[١] حيثُ وردَ عن رسول الله أنَّهُ "أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بضَبٍّ مَشْوِيٍّ، فأهْوَى إلَيْهِ لِيَأْكُلَ، فقِيلَ له: إنَّه ضَبٌّ، فأمْسَكَ يَدَهُ، فَقالَ خَالِدٌ: أحَرَامٌ هُوَ؟ قالَ: لَا، ولَكِنَّهُ لا يَكونُ بأَرْضِ قَوْمِي، فأجِدُنِي أعَافُهُ".[٣] وقال النووي: "أجمع المسلمون على أن أكل الضب حلال ليس بمكروه ، إلا ما حكي عن أصحاب أبي حنيفة من كراهته ، وإلا ما حكاه القاضي عياض عن قوم أنهم قالوا هو حرام ، وما أظنه يصح عن أحد، وإن صح عن أحد فمحجوج بالنصوص وإجماع من قبله"،[١] ويفيد الحديث السابق أن كُره الشيئ وعدم إقبال رسول الله عليه لا يقتضي تحريمه، كما أن رسول الله لم يكن يأكل من شيئ، حتى يعلم ما هو، وسبب ترك رسول لأكل الضب لأنه كان يحبُ أن يشتم الرائحة الطيبة من الطعام، ولحم الضب كريه الرائحة، ولأنه لم يكن من الطعام الذي يأكله قومه.[٤]
الأحاديث التي جاءت بالضب
ورد في الضب عدة أحاديث ولعل أشهرها ما رواه خالد بن الوليد عن رسول الله، وهو ما سبق ذكره في حكم أكل الضب، وقد رواه غيره من صحابة رسول الله منهم عبد الله بن عباس، وفي حديثٍ آخر، ذُكرفيه الضب، جاء فيه، "أنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بنْتَ الحَارِثِ بنِ حَزْنٍ أهْدَتْ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سَمْنًا وأَقِطًا وأَضُبًّا، فَدَعَا بهِنَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَأُكِلْنَ علَى مَائِدَتِهِ، فَتَرَكَهُنَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَالْمُتَقَذِّرِ لهنَّ، ولو كُنَّ حَرَامًا ما أُكِلْنَ علَى مَائِدَتِهِ، ولَا أمَرَ بأَكْلِهِنَّ"، [٥] وجاء أيضًا في الضب أنَّهُ "كانَ نَاسٌ مِن أصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيهم سَعْدٌ، فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِن لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِن بَعْضِ أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : إنَّه لَحْمُ ضَبٍّ، فأمْسَكُوا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كُلُوا أوِ اطْعَمُوا، فإنَّه حَلَالٌ -أوْ قالَ لا بَأْسَ به شَكَّ فيه - ولَكِنَّهُ ليسَ مِن طَعَامِي"،[٦]وروى ثابت بن وديعة حديثًا في ذلك فقال:"كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في جَيشٍ، فأصَبْنا ضِبابًا، قال: فشَوَيْتُ منها ضَبًّا،فأتَيتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فوضَعتُه بَينَ يَدَيْه، قال: فأخَذَ عُودًا، فعَدَّ به أصابِعَه، ثم قال: إنَّ أُمَّةً مِن بَني إسرائيلَ مُسِختْ دَوابَّ في الأرضِ، وإنِّي لا أدْري أيُّ الدَّوابِّ هي. قال: فلم يأكُلْ ولم يَنْهَ"،[٧] وغير ذُلك من الأحاديث.
المراجع
- ^ أ ب ت "ما جاء في أكل الضب"، islamweb.net، 2020-06-01. بتصرّف.
- ↑ "الأصل في الأطعمة الإباحة ولا تحريم إلا بدليل"، www.islamweb.net، 2020-06-01. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن خالد بن الوليد، الصفحة أو الرقم:5400، حديث صحيح.
- ↑ "فوائد من حديث أكل الضب"، www.alukah.net، 2020-06-01. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7358، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:7267، حديث صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج سنن أبي داود، عن ثابت بن وديعة، الصفحة أو الرقم:3795، حديث صحيح.