ما حكم أن يجلس الإمام في خطبة الجمعة؟

كتابة:
ما حكم أن يجلس الإمام في خطبة الجمعة؟


جلوس الإمام في خطبة الجمعة

الجلوس اليسير للخطيب بين خطبتي الجمعة ما هو إلا للفصل بين الخطبتين، فما حكم هذا الجلوس؟ وما وقته؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها هذا المقال.



أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بيْنَهُمَا)،[١] وهذا الحديث دليل على فصل النبي -صلى الله عليه وسلم- بين خطبتي الجمعة بجلوسٍ يسير، وقد تعددت آراء الفقهاء في حكم جلوس الإمام الخطيب في خطبة الجمعة هل هو فرض أم سنة.[٢]



ما حكم أن يجلس الإمام في خطبة الجمعة؟

أقوال الفقهاء في حكم جلوس الإمام في خطبة الجمعة ما يأتي:[٣][٢]

  • القول الأول: ورد عن الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد والإمام النووي أنه يُسنّ الجلوس بين خطبتي الجمعة، ومن لم يفعل يعتبر مُسيئاً؛ لتركه سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن ليس عليه شيء وخطبته صحيحة.
  • القول الثاني: ذهب الإمام الشافعي أنّ الجلوس بين الخطبتين شرط صحة لخطبة الجمعة، ومن تركه فعليه أن يُصلّي الظهر أربعاً، وقد ورد ذلك أيضاً برواية عن الإمام أحمد ومالك، وقد استثنى الإمام الشافعي في حال كان الخطيب مريضاً فاضطر للخطبة جالساً فيفصل بين الخطبتين بسكوت بسيط.[٤]



أوقات جلوس الإمام في خطبة الجمعة

ذهب الفقهاء إلى أنّ مواضع جلوس الإمام في خطبة الجمعة ما يأتي:[٢][٥]

  • بين الخطبتين: عند انتهاء الخطيب من الخطبة الأولى يجلس جلوس يسير ثم يقوم لأداء الخطبة الثانية، وهذا ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، واقتدى على نهجه الخلفاء الراشدين والصحابة -رضوان الله عليهم- من بعده، بدليل ما أخرجه البخاري عن عبد الله ابن عمر.
  • وقت الآذان: يجلس الخطيب مُنتظراً المؤذن ليفرغ من الآذان ثم يقوم لأداء الخطبة، وقد ذكر الإمام مالك بأن الخطيب يجلس عند صعوده المنبر قبل أن يُؤذن المؤذن، ووافق الإمام الشافعي مالك وأضاف كراهة ترك الجلوس في هذا الموضع رغم صحة الخطبة؛ لأنّ هذا الجلوس ليس من شروط صحة الجمعه في المذهب، ولم يرد عن أبي حنيفة ضرورة الجلوس لانتظار الآذان.[٦]



حكم قيام الخطيب في خطبة الجمعة

حكم القيام أثناء خطبة الجمعة، تفصيله على قولين وبيانه ما يأتي:[٧][٨]

  • القول الأول: نُقل عن الإمام مالك، والشافعي، ورواية لأحمد أن القيام أثناء خطبة الجمعة شرط من شروطها للمقتدر غير العاجز استناداً لقوله -تعالى-: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا)،[٩] ولما رواه جابر بن سمرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- كانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فمَن نَبَّأَكَ أنَّهُ كانَ يَخْطُبُ جَالِسًا فقَدْ كَذَبَ، فقَدْ وَاللَّهِ صَلَّيْتُ معهُ أَكْثَرَ مِن أَلْفَيْ صَلَاةٍ)،[١٠] وقد نُقل عن الإمام البيجوري -أحد أئمة المذهب الشافعي- صحة خطبة الجمعة للعاجز عن القيام ولو وُجد المقتدر.[١١]
  • القول الثاني: ذهب الإمام أبي حنيفة، ورواية أخرى للإمام أحمد، وابن العربي المالكي بأن القيام لأداء خطبة الجمعة سنة فعلية منقولة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مُستدلّين بقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[١٢] ودلالة الآية أنّ الخطبة تدخل بمضمون الذكر، ولا يُشترط القيام في حال الذكر فالقيام ليس بشرط، ولو خطب الإمام قاعداً أجزئته الخطبة.[١٣]
  • القول الثالث: ورد عن مُعظم فقهاء المالكية أنّ القيام لأداء خُطبة الجمعة واجب، والواجب عندهم في المذهب يعني من تركه فقد أساء والخطبة مُجزئة مُستدلّين بأدلة أصحاب القول الأول.





المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:928، صحيح.
  2. ^ أ ب ت ابن عبد البر (2000)، الاستذكار (الطبعة 1)، لبنان - بيروت:دار الكتب العلمية ، صفحة 59، جزء 2. بتصرّف.
  3. محمد ساعي (2007)، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي (الطبعة 2)، مصر :دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 225، جزء 1. بتصرّف.
  4. ابن الجوزي، كشف المشكل من حديث الصحيحين، المملكة العربية السعودية - الرياض: دار الوطن، صفحة 460، جزء 1. بتصرّف.
  5. ابن المنذر (1985)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية - الرياض:دار طيبة، صفحة 58، جزء 4. بتصرّف.
  6. سعيد باعشن (2004)، شرح المقدمة الحضرمية المسمى بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية - جدة:دار المنهاج للنشر والتوزيع، صفحة 396. بتصرّف.
  7. محمود خطاب السبكي (1977)، الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (الطبعة 4)، صفحة 193-196، جزء 4. بتصرّف.
  8. حسام سعيد، أحكام صلاة الجمعة في الفقه الإسلامي، صفحة 71-73. بتصرّف.
  9. سورة الجمعة، آية:11
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم:862، صحيح.
  11. "خطبة الجمعة للعاجز عن القيام"، دار الإفتاء المصرية، 22-9-2007، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2021. بتصرّف.
  12. سورة الجمعة، آية:9
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 112-113، جزء 34. بتصرّف.
2943 مشاهدة
للأعلى للسفل
×