الإجهاض
الإجهاض لغةً: هو مصدر للفعل أجهضَ، يجهض، واسم الفاعل مُجهِضٌ، وهو إسقاطُ الجنين من رحم المرأة قبل أوان ولادتِهِ مما يسبب موتَ الجنين، ويُقال: أجهضتِ المرأة، أي أسقطت جنينها أو أسقطت حملها، والإجهاض في الاصطلاح: هو انهاء حالة الحمل عمدًا قبل موعد الولادة الطبيعيّ، مما يؤدي لوفاة الجنين، وهذا الإنهاء في حالة الحمل يمكن أن يكون بإعدام الجنين داخل الرحم، أو إخراجه من الرحم قبل موعد الولادة الطبيعي، وهذا المقال مخصّص للحديث عن حكم الإجهاض في الإسلام، وأنواع الإجهاض، وعن نفخ الروح في الجنين في الإسلام.
طرق الإجهاض
إنَّ طرق الإجهاض كثيرة ومتنوّعة في عصرنا هذا، ومنها طرق بسيطة وسهلة، فقد يتم الإجهاض عن طريق أخذ أدوية خاصّة بالإجهاض، وهذه الأدوية تسبب تقلُّصًا في رحم المرأة الحامل، وهذه التقلصات تؤدي إلى خروج الجنين خارج الرحم وإجهاضهُ، وهناك وسائل وعمليات جراحية للإجهاض، وتتم عن طريق إدخال أنبوب في الرحم عبر عنق الرحم دون تخدير، وهناك طرق منزلية للإجهاض، وهي طرق يمكن القيام بها في المنزل دون الحاجة لطبيب أو مشفى، ويتم الإجهاض المنزلي عبر تناول المرأة الحامل لأعشاب خاصة تحرِّض على الإجهاض كالنعناع، ويمكن أنْ تقوم المرأة الحامل بأمور تساعدها على الإجهاض كالعمل الشديد الذي يؤدي إلى الإرهاق الجسدي الذي يسبب الإجهاض، أو حمل أشياء ثقيلة أو غير ذلك. [١].
حكم الإجهاض
إنَّ حكم الإجهاض في الإسلام يختلفُ وفقًا لمعطيات مختلفة، فيختلف حكم الإجهاض وفقًا لوقت الإجهاض، وعمر الجنين في وقت إجهاضِهِ، ويختلف لسبب الإجهاض، أي إذا كانَ الإجهاض خوفًا من تربية الطفل أو خوفًا من التكاليف المادية، أو لأنّ استمرار الحمل قد يعرّض حياة الأم للخطر، ويختلف أيضًا لطبيعة الإجهاض، وهذا يتعلق بكون الإجهاض لاإراديًا أو متعمَّدًا أو متعمَّدًا لأجل صحة الأم، وسيتم ذكر حكم الإجهاض وفقًا لهذه الأمور السابقة:
- حكم الإجهاض اللاإرادي: قال تعالى في كتابِهِ الحكيم: "لا يكلِّفُ الله نفسًا إلّا وسعَها * لها ما كسبَتْ وعليها ما اكتسبتْ"، [٢]، واستنادًا على هذه الآية، فإنّه لا إثم ولا ذنب على من أجهضتْ بغير إرادَتِها، فالله تعالى لا يكلّف نفسًا إلّا وسعَها، وهذا من عظيم رحمتِهِ جلَّ وعلا، وقد وردَ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قولُهُ: "والَّذي نفسي بيدِه إنَّ السِّقْطَ ليجُرُّ أُمَّهُ بسَرَرِه إلى الجنَّةِ إذا احتَسبَتْهُ"، [٣]، وهذا دليل على أنّ من أجهضت واحتسبت ولدها عن الله، فإنَّ لدَها يشفع لها ويجرّها إلى الجنة، وهذا من رحمة الله تعالى وحكمته البالغة. [٤].
- حكم الإجهاض المتعمد: إنَّ إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه يعدَّ قتلًا للنفس التي حرم الله إلا بالحق، فلا يجوز إسقاط الجنين الذي نفخت فيه الروح -بالإجماع- إلا في حال واحدة: وهي ما إذا ثبت في تقرير طبي موثوق أنَّ حياة الأم في خطر داهم إذا لم يسقط الجنين، أو ثبت أنَّ الجنين قد مات في بطن أمه، وأما اسقاطه قبل هذه المدة فهو محرم أيضًا وإن كان لا يرتقي إلى درجة قتل النفس، قال تعالى في محكم التنزيل: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد"، [٥]، وعلى هذا فلا يجوز الإجهاض المتعمد إلا بتقرير طبي موثوق، يفيد أن حياة الأم قد تتعرض للخطر إذا استمرت في الحمل، وذهب بعض أهل العلم الى جواز إسقاط النطفة قبل مضي أربعين يومًا، ومن الجدير بالذكر أيضًا، أنّه إذا كان الإجهاض بدافع التخلُّص من فضيحة الزنا، فهو إثم وكبيرة في البداية بسبب ارتكاب الزنا، وهو اعتداء في النهاية بسبب الإجهاض. [٦].
- حكم الإجهاض المتعمد لأجل صحة الأم: إنّ اسقاط الجنين المتعمد لأجل صحة الأم فيه تفصيل قليل وهو على الشكل الآتي: إذا كان في الأربعين يومًا الأولى واقتضت المصلحة الشرعية إسقاطه خوفًا على حياة الأم فلا حرجَ في إسقاطِهِ، أمّا إذا كان الجنين في الطور الثاني من التشكيل، فالأصل أنّه لا يجوز إسقاطُهُ إلّا خوفًا من موت الأم، فهنا تكون حياة الأم أولى من حياتِهِ ولا حرج في إسقاطِهِ، فبعد أنْ تنفخَ فيه الروح يحرم إسقاطه؛ لأنَّه صار إنسانًا فلا يجوز قتلُهُ ولا يحلُّ، لكن لو في الحالة التي يُخشى فيها موتُ الأمِّ، وقد تأكّدَ الأطباءُ أنَّ بقاءَهُ يسبِّبُ موتَ الأمّ فحياة الأم مقدّمة والله أعلم. [٧].
نفخ الروح في الجنين
إنّ الحياة نوعان، حياة نباتية وحياة حيوانية، وفي تفصيل كلِّ واحدة، يكون الآتي:
- الحياة النباتية: هي الحياة التي لا ترتبط بوجود الروح في الجنين، وهي حياة يخالف بها الجماد، فينمو ويزيد، أو يذبل ويموت.
- الحياة الحيوانية: وهي التي ترتبط بنفخ الروح فيي الجنين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والحياة نوعانِ: حياة الحيوان، وحياة النَّبات؛ فحياة الحيوان خاصتها الحس والحركة الإرادية، وحياة النَّبَات النمو والاغتذاء"، ومن هنا يتبين إنّ الحياة الحيوانية هي الحياة التي تبدأ مع نفخ الروح في الجنين، وما قبل نفخ الروح يعيشُ الجنين حياة نباتية قائمة على الاغتذاء والنمو، تمامًا كالنبات الذي يتغذّى وينمو فقط، بشكل لا إراديّ، وقد اتفق جمهور العلماء أنّ وقت نفخ الروح في الجنين يكون في اليوم الأربعين من حياتِهِ في رحم أمِّهِ، ومن الجدير بالذكر أن الفقهاء لم يجعلوا الحركة الاضطرارية دليلا على وجود الروح، كما أنَّهم لم يجعلوا انتظامَ دقَّاتِ القلب وضرباته ووجود الدورة الدموية في الجنين دليلًا على نفخ الروح فيه، بل اعتبروا ذلك كلَّهُ بمثابة النبات وليس فيه أي دليل على نفخ الروح في الجنين، فنبض قلب الجنين يبدأ في اليوم الثاني والعشرين من التلقيح، ونفخ الروح كما وردَ يكون في اليوم الأربعين وما بعدَه. [٨].
فيديو عن حكم الإجهاض
في هذا الفيديو، يتحدث د. بلال إبداح دكتور الشريعة والعقيدة الإسلامية عن حكم الإجهاض في الإسلام. [٩]
المراجع
- ↑ ، "www.alukah.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 16-09-2018، بتصرّف
- ↑ {البقرة: الآية 286}
- ↑ الراوي: معاذ بن جبل، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 2008، خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
- ↑ ماهية السقط الذي يشفع لأمه, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 16-09-2018، بتصرّف
- ↑ {البقرة: الآية 205}
- ↑ إسقاط الجنين دون مبرر شرعي, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 16-09-2018، بتصرّف
- ↑ حكم إسقاط الجنين في الأربعين الأولى من الحمل بقرار طبي, ، "www.binbaz.org.sa"، اطُّلِع عليه بتاريخ 16-09-2018، بتصرّف
- ↑ الفقه وأصولُهُ, ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 16-09-2018، بتصرّف
- ↑ حكم الإجهاض في الإسلام, ، "www.youtube.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 16-09-2018