محتويات
حكم صدقة التطوّع
صدقة التطوّع سُنّة مستحبة في جميع أوقات السّنة، وقد ثبتت مشروعية استحبابها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن الأدلة على ذلك ما يأتي:[١]
- قول الله -تعالى-: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)،[٢] بالإضافة إلى العديد من الآيات الأخرى.
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ العبدَ إذا تَصدَّقَ مِن طيِّبٍ تقبَّلَها اللَّهُ منهُ، وأخذَها بيمينِهِ، فربَّاها كما يُربِّي أحدُكُم مُهْرَهُ أو فصيلَهُ إنَّ الرَّجلَ ليتصدَّقُ باللُّقمةِ، فتَربو في يدِ اللَّهِ أو قالَ: في كَفِّ اللَّهِ حتَّى تَكونَ مثلَ الجبلِ فتصدَّقوا).[٣]
وقد فصّل بعض أهل العلم في حكم صدقة التطوّع، وذكروا أنّ حكمها قد ينتقل من الاستحباب إلى الوجوب أو الحُرمة تِبعاً لحالاتٍ معيّنة، وتوضيح ذلك فيما يأتي:[١]
- ينتقل حكمها من الاستحباب إلى الحُرمة إذا علم صاحبها أنّ مَن يُعطيها إياه سيصرفها في المحرّمات.
- ينتقل حكمها للوجوب إذا كان مع صاحبها ما يفضل عن حاجته ووجد مضطراً يحتاج إلى الصدقة.
الحكمة من مشروعية صدقة التطوع
دعا الإسلام إلى الإنفاق في سبيل الله وحثّ عليه، ولِمشروعيّة صدقة التطوّع حِكَمٌ كثيرة، ونذكر أبرزها فيما يأتي:[٤]
- الرحمة بالفقراء، ومواساة المساكين، وجبر خاطر الضّعفاء، وسدّ احتياجاتهم.
- كسب الأجر العظيم عند الله، ومضاعفة الحسنات.
- نشر المودّة والمحبّة والتكافل بين أفراد المجتمع.
- تطهير النّفس من الشّح والبُخل، وتزكيتها، والاقتداء بأخلاق الأنبياء والصحابة والصالحين من الإحسان والبذل والعطاء.
من شروط وآداب صدقة التطوع
هناك العديد من الشروط والآداب التي ينبغي على المسلم مراعاتها أثناء تقديم صدقة التطوّع، ونذكر أبرزها فيما يأتي:[٥]
- أن تكون خالصة لله -تعالى- لا يشوبها رياء أو طلب سمعة.
- أن تكون من الكسب الطيّب الحلال، لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).[٦]
- أن تكون الصدقة من مال صاحبها الجيّد أو أحبّه إليه، لقوله -تعالى-: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ).[٧]
- تجنّب الإعجاب بالنّفس عند تقديم الصدقة، واجتناب ما يُبطلها من المنّ والأذى.
- إخفاء الصدقة وعدم الجهر بها إلا إذا كان في ذلك مصلحة يُرجى منها الخير، لقوله -تعالى-: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ...).[٨]
- إعطاؤها للفقير بنفسٍ طيّبة، ووجهٍ بشوش.
- دفعها للأحوج لها، والقريب المحتاج أولى من غيره، ويؤجر صاحبها حينها أجرين؛ أجر الصدقة وأجر الصِّلة.
فضل صدقة التطوع
يجدر بالذّكر قبل بيان فضائل صدقة التطوّع أنّها لا تتوقّف على الدراهم والدنانير فحسب، بل تشمل كلّ ما يسدّ احتياجات النّاس، مثل إطعام الجائع، وكِسوة المحتاج، وسقي الظمآن، ومعاونة الضعيف، فكلّ هذه الأعمال من الصدقة، وهذا يدلّ على فضل الله العظيم؛ إذْ جعل القيام بأعمال الخير بأجر وثواب الصدقة، وفي ذلك يسيراً على مَن لا يجد ما يفضُل عن حاجته من النقود لإنفاقها،[٩] ونذكر أبرز فضائل صدقة التطوّع فيما يأتي:[١٠]
- تكون الصدقة مظلّة عظيمة لصاحبها يوم القيامة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ امرِئٍ في ظلِّ صدَقتِهِ حتَّى يُفصَلَ بينَ النَّاسِ).[١١]
- الملائكة تدعو لصاحب الصدقة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).[١٢]
- تدفع الصدقة البلاء عن صاحبها، ويُنمّي ماله، وتُبارك فيه.
- المُنفق في سبيل الله خيرٌ وأحبّ إلى الله ممّن لا يتصدّق مع قدرته على ذلك، قال -صلى الله عليه وسلم-: (اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ، وخَيْرُ الصَّدَقَةِ عن ظَهْرِ غِنًى، ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله).[١٣]
المراجع
- ^ أ ب وهية الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2051-2052، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:245
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4/ 15، أخرجه في صحيحه.
- ↑ محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 93، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 618-620. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:267
- ↑ سورة آل عمران، آية:92
- ↑ سورة البقرة، آية:271
- ↑ عطية سالم، شرح بلوغ المرام لعطية سالم، صفحة 7، جزء 137. بتصرّف.
- ↑ سامي محمد، العمل الصالح، صفحة 157-159. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:159، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1442، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حكيم بن حزام، الصفحة أو الرقم:1427، صحيح.